ما زال يوم الأرض , والذي كانت أحداثه في 30 من آذار 1976 , حدثاً مفصلياً مؤثراً في ذاكرة نضال شعبنا كمحطة شعبية في التصدي لآلة النهب المستعلية على أصل وجودنا والتي لما تتوقف عن استهداف إرثنا الحضاري من أرض ومقدسات ولغة وهوية.
لم تكن هذه المحطة الجماعية طفرة استثنائية وتُودِع منها , فإن الممارسات المتعاقبة والتصريحات والقوانين العنصرية ولّدت جمرةً في قلب فلسطينيي الداخل تتوارثها الأجيال , وإن خبت أحيانا فسرعان ما تشتعل إذا ما أُصيب شعبنا في ثوابته , فقدم الشهداء والجرحى والمعتقلين
ورثنا منذ النكبة عام 1948 جمرة المجازر والتهجير والحرمان , وجاءت مجزرة كفر قاسم 1956 , واستُهدفت أرضنا عام 1976 فهبت الجماهير غاضبة ترفض سياسة التفاوض بعد نهب أرض الآباء والأجداد،
استُهدف المسجد الأقصى عام 1990 فهبت الجماهير تدافع عن ثابت من ثوابتنا،
في أرض الروحة في وادي عارة هبت الجماهير عام 1998 غاضبة فكان رداً حاسماً،
غزا شارون ودنّس المسجد الأقصى عام 2000 فكان الرد الشعبي قوياً من أبناء شعبنا الفلسطيني ولم ينتظر زعامات وخطابات واستنكارات.
شهد المسجد الأقصى ,المحتل إسرائيلياً منذ 1967 , إغلاقاً قصرياً صيف 2017 وأراد الاحتلال فرض بوابات وأجهزة مراقبة تتحكّم بحركة المصلين , فكان النضال الشعبي وانتصرت الإرادة الشعبية فغيرت المعادلة وأبطلت المخطط المشؤوم وسبقت الجيوش وعكاكيز الزعامة.
كما تصدى شعبنا لمحاولات اليمين المتطرف اقتحام بلداتنا العربية بشكل استفزازي.
محطات نضالية كثيرة كانت وما زالت تواجه عربدة المؤسسة الإسرائيلية التي تلاحقنا وتستهدف ثوابتنا.
أثبت التاريخ وسيبقى , أن النضال الشعبي ووقوف القيادة مع جماهيرها متجردة من مصالحها واستغلالها للأحداث , كان له الكلمة الأولى والأخيرة , فالحفاظ على الوجود والهوية لا يُستجدى.
لذلك أدرك منتجو المشروع الصهيوني أهمية هذا النضال المؤلم لهم , فعملوا على أن يُطفئوا هذه الجذوة ليسلخونا من محيطنا وامتدادنا الحضاري , فاخترعوا للبعض منا منصات وطاولات في رأس هرم المشروع الصهيوني المسمى "كنيست " القائم أصلاً على إلغاء وجودنا وحقنا التاريخي , ليلعبوا في ملعبهم وبلعبتهم التي أقسموا عليها "قرار الأغلبية" المضمون صهيونياً دائماً يمينا ًويساراً خاصة فيما يتعلق بثوابتنا , اصرخوا ما بدا لكم , بل اشتمونا , ولكن عليكم المحافظة على ما أقسمتم عليه ,لتنحرف البوصلة وتميع الهوية ويتشتت اهتمام الجماهير , ولا حرج أن يلبسوا لكل منصة لوناً زيادة في التضليل .
دعوا الكنيست المستبدة وتعالوا لنبني لجنة المتابعة العليا بناءً حقيقياً لكل داخلنا الفلسطيني لنكسب ثقة جماهيرنا المخلصة لثوابتها.
سيبقى الميدان هو العنوان والنضال الحقيقي.
[email protected]