حقيقةً في هذا السياق ، فإنه من دواعي الفخر لنا أبناء هذا الشعب في الداخل أن تتوفر فينا مقدرات بشرية هائلة لا يستهان بها ،من خبراء في الاقتصاد وعلم الاجتماع وفي المجال التربوي والتعليمي وفي السياسة والقانون، وعلى طاولة هؤلاء ترتمي الملفات الشائكة التي تحدثنا عنها في مقالنا السابق من عنف وتهديد للهوية الوطنية والمناهج التعليمية المليئة بالمعلومات المشوهة عن تاريخنا ومحاولة تهديد لغتنا والتحديات التي تواجه ثوابتنا .
ومن المفرح والمحزن أن هذه المقدرات البشرية تتفاعل من حين لآخر مع بعض المستجدات المأساوية التي تعصف بشعبنا في الداخل ، فترى على سبيل المثال احتجاجاً على مصادرة أرض هنا أوعلى تهديد بيوت بالهدم هناك أو على إصدار قوانين عنصرية من قبل السلطة كما رأينا مؤخراً الحركات الاجتماعية والأحزاب السياسية، كما ونرى أصحاب الإختصاص اللذين يتحركون ضد حوادث القتل أو ضد إصدار قانون القومية أو ضد إصدار أوامر هدم في كفر قاسم أو قلنسوة أو ضد مخطط طنطور الإجرامي على حساب جديّدة المكر والقائمة في هذا السياق طويلة .
إن هذا التداعي محمود ومطلوب ولكن المطلوب أكثر هو إدراكنا أن التعاطي يجب أن يكون ممنهجاً ومخططاً ومدروساً يرتكز على رؤية شاملة طويلة الأمد، ومطلوب أيضاً ان ندرك انه لن تستطيع فئةٌ اجتماعية أو سياسية فرض أجندتها السياسية أو الاجتماعية على الآخرين وأن ميدان الدفاع ومواجهة التحديات يتسع للجميع .
إن الضمان لنجاح ثباتنا على ثوابتنا ومعالجة مشاكلنا الإجتماعية هو أن يدرك الجميع وخاصة الناشطون في جميع المجالات أنه مطلوب منا أن نجلس على طاولة واحدة ونتبادل الأفكار والاقتراحات العملية وأنه من حق شعبنا علينا أن ينصت أحدنا للآخر من أجل أن نثري نهجنا وخطواتنا للمحافظة على سلامتنا اجتماعياً وسياسياً .
هناك مكان أن نلتقي في قالب المصلحة العامة وطنياً واجتماعياً ولا بد ان نوصل رسالة لنا ولغيرنا أننا على قدر المسؤولية والتحدي وأن في تحاورنا جدوى ومثال للتجارب ليس فقط لمجتمعنا بل أيضاً للمجتمعات الآخرى.
فقط حين يدرك أبناء شعبنا أننا مترفعون عن المصلحة الشخصية والحزبية وعندنا النوايا الصادقة أن نجلس على طاولة واحدة قطرياً ومحلياً من أجل ما هو أكبر من المصلحة الشخصية والحزبية عندها سنكون كباراً في عيون أبناء شعبنا فيحتضنوننا كلنا مدركين أن ما أهمهم أهمنا فعندها ما أجمله وما أنجعه من حوار .
[email protected]