عقدت عمادة كلية الحقوق في جامعة القدس، ندوة قانونية حول "الخُلع بين التشريع والتطبيق في ظل القوانين المطبقة في فلسطين"، وذلك بمشاركة القاضية صمود ضميري، رئيس النيابة الشرعية وعضو محكمة الاستئناف الشرعية، والمحامية المقدسية أ. سناء الدويك، وأ. محمد الجنازرة، مدرس الأحوال الشخصية في كلية الحقوق في جامعة القدس، وعميد كلية الحقوق بجامعة القدس الدكتور محمد خلف.
وجاءت الندوة من منطلق اهتمام جامعة القدس بمواكبة التطورات المجتمعية في كافة المجالات، حيث أكد الدكتور محمد خلف والذي أدار الندوة، على أهميتها، حيث تطرح التحديات والمتطلبات للحماية القانونية للمرأة والرجل في آن واحد، مشيراً إلى أن هذه الندوة تأتي ضمن لقاءات القدس القانونية والتي تقوم عليها كلية الحقوق، لما يشكل ذلك من جدلية تمس المجتمع في الوطن، وانطلاقاً من تشتت تشريعات الأحوال الشخصية في فلسطين.
وأكد د. خلف على رغبة الجامعة الدائمة في تطوير مهارات ومعلومات الطلبة فيها، وبالتالي "أردنا أن يقف الطلبة اليوم على حقيقة التشريعات المطبقة في المحاكم الشرعية الفلسطينية من خلال هذا اللقاء".
و تمحورت الندوة حول دور المحاكم الشرعية في الحفاظ على الأسرة في حال حدوث نزاع بين الأزواج، كما ركزت على الفرق بين مفاهيم الخلع والشقاق النزاع، ورصد بعض الإحصائيات للقضايا في المحاكم الشرعية.
وتحدثت القاضية ضميري بإسهاب حول قضية الخلع، معتبرة أنه باب من أبواب الحق بالنسبة للفتاة يطبق من خلال المحاكم الشرعية، ويفرض هذا الباب على الزوج اذا تعنت ورفض الطلاق، ولكن تقوم الفتاة بافتداء نفسها، بمعنى أن القانون يعمل على إعادة الأموال التي يدفعها الرجل عند إجراء عقد الخطوبة.
وأكدت الضميري على أن القانون يمثل دعما للفتاة، بالنظر إلى معاناة الكثير منهن من خلافات ما بعد مرحلة الخطوبة ما يؤدي إلى حرمانهن من حياتهن الزوجية الطبيعية، موضحة أنه بموجب "الخلع" تتوجه المرأة إلى المحكمة الشرعية، وترفع دعوى على خطيبها (الزوج قبل الخلوة) بأنها لا تريد إتمام الزواج منه في حال عدم تفاهمها معه أثناء فترة ما بين عقد القران شرعياً، والدخول في وضع الخلوة.
وأشارت القاضية الضميري أن تعميم الخلع مطبق في المحاكم الشرعية منذ العام 2012 ويكون قبل الدخول والخلوة، أما في حالة بعد الخلوة، فإنه سيكون بالإمكان رفع دعوى شقاق ونزاع، والنظر من قبل القاضي في إمكانية الإصلاح بين الزوجين.
وشكرت القاضية ضميري جامعة القدس على عقد هذه الندوة الهامة خاصة لطلبة جامعة القدس في كلية الحقوق على وجه الخصوص، لانها ندوة توعوية تقدم لهم الافق للتعلم القضائي والقانوني.
أما المحامية المقدسية سناء الدويك والتي تعمل في الأحوال الشخصية لدى المحاكم الشرعية الموجودة في القدس، تحدثت حول التطبيق العملي لقضايا الخلع في تلك المحاكم، والقرار الأخير الصادر في عام 2018 الذي أعطى لكلا الزوجين الحق بتقديم دعوى الخلع، لأنه في القدس وحسب قانون المحاكم فيها يمنع على الرجل أن يطلق زوجته دون موافقتها.
وأوضحت الدويك الإجراءات المطلوبة في حال رغب الطرفان برفع قضية الخلع لدى المحاكم الشرعية، مبينة مجريات القضية والحوار مع القاضي والذي يريد بالنهاية الأسباب المقنعة حتى يتم الحكم.
وتطرق أ. محمد الجنازرة إلى وجود قانون الخلع وتطبيقه في المحاكم الشرعية منذ عشرات السنين، وان الخلع ليس مسألة جديدة، ولكنه ثبت من خلال القرآن الكريم، والسنة النبوية، وإجماع العلماء الذي دل على الخلع و جوازه ومشروعيته، وبالتالي بما أن الشرع جعل الطلاق بيد الرجل، جاء الخلع كمخرج أيضاً للمرأة بأن تفتدي نفسها في حال استحالة الحياة الزوجية مع زوجها، مشيراً إلى أن الطلاق تأخذ فيه جميع حقوقها، بينما الخلع تتنازل عن حقوقها أو جزء منها حسب الاتفاق بينهما.
وبين الجنازرة حرمة اضطرار المرأة الى طلب الخلع، بمعنى أن يضيق عليها الزوج لكي تطلب الخلع كي تتنازل عن حقوقها، موضحاً أن هذا يندرج تحت قاعدة شرعية لا ضرر ولا ضرار، متسائلاً الجنازرة حول ما هو الأفضل للمرأة بأن ترفع قضية خلع، أم قضية شقاق ونزاع.
وتبع الندوة استفسارات من قبل الطلبة، لما يشكله هذا الموضوع من أهمية أكاديمية بالنسبة لهم.
وقضية الخلع مأخوذة من الشرعية الإسلامية، وتهدف بالأساس إلى تخليص الزوجة من زوجها على وجه لا رجعة فيه إلا برضاها وبعقد جديد، حيث ينص القانون حالياً على النظر في كل طلب خلع يقدم للمحكمة والسعي إلى استخدام أولوية الحل بالتراضي على أن يتم اللجوء إلى الخلع القضائي في حال تعذر ذلك.
[email protected]