المهمة الاكبر الان للسياسة البرلمانية-الحزبية للفلسطينيين في اسرائيل هي انقاذ القائمة المشتركة، وهي امر ممكن اذا اذعنت الاحزاب لإرادة الشارع والناس، وقبلت بما دعا اليه رئيس القائمة العربية الموحدة د. منصور عباس على صفحته بالذهاب الىانتخابات تمهيدية في المجتمع الفلسطيني، بكل اط يافه وفئاته واماكن سكناه، وهو امر ممكن خلال شهر او اقل اذا قبلت الاحزاب، التي يعادي بعض قياداتها الخيار الديمقراطي، بحسم الشارع ولا زالت تؤمن وتدعو للغرف المغلقة والكواليس. وتأتي هذه الحاجة على ضوء اعلان د. الطيبي نيته خوض الانتخابات بقائمة بديلة للمشتركة، مما ادى الى تراشق ومناكفات وحالة تنافر، عكست ما حصل قبلا في القائمة المشتركة، وفي كل نشاطاتها منذ الانتخابات السابقة.
وبالطبع فان ما يدعو للدهشة ان بعض الذين دعوا خلال اربع سنوات الى اجراء تغيير في شكل وماهية تشكيل المشتركة ودمقرطة شكل تشكيلها، واعرف منهم المئات شخصيا، انقضوا على اعتراض الطيبي على تمثيل حزبه في المشتركة وتطلعه الى تمثيل ملائم ومن ثم اعلانه اقامة قائمة بديلة، على انها ضرب من الانتهازية الشخصية والمناورات لكسب انجاز افضل له ولحزبه، وكأن الاخرين يقومون بالتمسك بكراسيهم وحصتهم التي تترجم الى مناصب ومساعدين ودعم مالي سخي... الخ..، هي فقط لكسب وجه الله. والاشكال الاساسي ان هؤلاء الذين عبروا عن اعتراضاتهم على شكل تشكل المشتركة عام 2015 كانت اقرب الى النميمة من اي شيء اخر، ولم يعملوا على تشكيل قوة ضاغطة، وغالبيتهم لم يكلفوا نفسهم كتابة مقال معقول، واكتفوا برسائل نصية او بجملة على صفحاتهم الفيسبوكية، وبدل ان يستغلوا اعلان الطيبي، الذي يستطيع فعلا ان يهدد باقي مركبات المشتركة ويجبرهم على دمقرطة تشكيل المشتركة لأجل الضغط لتحويل المشتركة الى مشروع وطني شعبي اكثر مما سبق، غلبوا مناكفتهم للطيبي على مصالح شعبنا، التي تتطلب منهم عملا وجهدا لتحويل المشتركة الى ممثل حقيقي وصادق لشعبنا، بدل مشروع "ترتيب الكراسي".
واضح لي تماما بان الفرصة لا زالت مفتوحة لتشكيل القائمة المشتركة بحيث تشمل رغبات الاحزاب –من المشتركة وخارجها- وان الاذعان لإرادة الناس سوف تشكل علامة فارقة في التأسيس لقائمة مشتركة قوية ومتماسكة تعمل حسب برنامج وطني وتذعن لإرادة شعبها، وليس لرغبات عفوية وطارئة لأعضائها، ولا لتعليمات واموال ابو مازن ورجاله. وتستطيع عملية ديمقراطية لاختيار ممثلينا في المشتركة – وحسب مفتاح حزبي – ان تكون اداة غير مسبوقة في تنظيم مجتمعنا، وتعظيم مكانة الناس ومصالحهم كمرجعية, واتمنى ان تتحول مسألة الرجوع للناس اداة عمل متواترة بدل ان يكونوا مصفقين في الاجتماعات وبنك اصوات في الانتخابات فقط.
تشكيل وطني وديمقراطي للمشتركة هو ما يجب ان يشغلنا، وواضح لي تماما بان لجنة الوفاق لا تستطيع القيام بذلك على ضوء اشكالات تشكيل المشتركة عام 2015، وعلى رأسها مسألة التناوب، وموقفها من العربية للتغيير والطيبي ، وكلما عجلنا في تداول الامر وحسمه كان افضل لشعبنا، وواضح لي بان الهجوم على الطيبي وخطوته سوف يؤدي الى زيادة شعبيته اكثر ولا يؤدي الى شئ سوى ارضاء رغبات غرائزية لدى مطلقيها، ببساطة لا يمكن ان يكون نقاش جدي مع "برنامج الطيبي" من اشخاص صفقوا لمواقفه في المشتركة او صوتوا له – في اطار المشتركة عام 2015- وشخصيا لا ارى اي فرق جوهري بين كل الاحزاب العربية، وهذا كان الاساس لتشكل المشتركة، ولا زال. ومن ناحية ثانية كلما تأخر حسم الامر فان التزام الطيبي تجاه شركاءه في القائمة الجديدة سوف يقوى، واذا استمرت الاستطلاعات في اعطاء الطيبي وقائمته دعما يساوى دعم المشتركة بكل مركباتها، فان الطيبي ببساطة سوف يطالب عندها بنصف المقاعد في المشتركة، ويدخلنا في نقاش اعمق واصعب في سبيل الخروج بقائمة مشتركة.
اتمنى ان يغلب صوت العقل القادم من مركبات وقيادات جدية في المشتركة مثل صوت د. منصور عباس وصوت النائب ايمن عودة، والا فان الاحزاب ومركباتها تكون قد ساهمت في اقصائنا اكثر واضعاف صوتنا، المحدد والمحدود اصلا، في الكنيست وخارجها.
[email protected]