بمناسبة الذكرى الرابعة والخمسين لانطلاقة الثورة الفلسطينية وحركة “فتح”، وذكرى يوم الشهيد الفلسطيني، نظَّمت قيادة حركة “فتح” في لبنان مهرجانًا مركزيًّا حاشدًا غصَّت به قاعة مركز الأولي للمعارض’la salle’ في مدينة صيدا، اليوم الأحد ٦ كانون الثاني ٢٠١٩.
وتقدَّم الحضور سعادة سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور، وأمين سر حركة “فتح” وفصائل “م.ت.ف” في لبنان الحاج فتحي أبو العردات، وأعضاء قيادة حركة “فتح” في الساحة اللبنانية، وأمين سر حركة “فتح” – إقليم لبنان وأعضاء قيادة الإقليم، وسماحة مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان ممثَّلاً بالشيخ إبراهيم الديماسي، وممثِّلون عن القوى والأحزاب السياسية والوطنية والإسلامية اللبنانية والفلسطينية، والأجهزة الأمنية اللبنانية، إلى جانب أُمناء سر حركة “فتح” في المناطق التنظيمية في لبنان وأعضاء قيادة المناطق، وأُمناء سر الشُّعب التنظيمية وأعضاء قيادة الشُّعب التنظيمية، وقيادة وكوادر المكاتب الحركية، و”الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية” – فرع لبنان، وجمعية “الهلال الأحمر الفلسطيني”، وجمعية “الكشّافة والمرشدات الفلسطينية”، وحشدٍ كبيرٍ من أبناء شعبنا الفلسطيني البطل القادم من أنحاء لبنان كافّةً.
وقد بدأ المهرجان بالوقوف دقيقة صمت لأرواح شهداء الأُمّتين العربية والإسلامية، وفي مقدّمهم القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات، وعزفِ النشيدَين الوطنيَّين اللبناني والفلسطيني ونشيد حركة “فتح”، ثُمّ عُرِضَ فيلمٌ وثائقيٌّ عن تاريخ الثورة الفلسطينية ونشأتها.
وبعد مقدّمة ثورية من عريف المهرجان الشاعر جهاد الحنفي، ألهبت فرقة “حنين” مسرح القاعة بأجمل أغانيها، فتميَّز الفنان محمد الآغا بالأغنيات التي أدَّاها وتفاعل معها الجمهور مُعيدًا الحضور إلى زمن عزِّ الثورة وعنفوان المقاتل وفداء الجماهير وعطائها.
ثُمَّ تبعتها فرقة الكوفية للتراث الوطني الفلسطيني بأجمل اللوحات الفنية وعروض الدبكة الفلسطينية، التي تفاعل معها الجمهور بشكل كبير، وجسَّدت عنفوان وثقافة وروح الشعب الفلسطيني المتعطّش للاستقلال والحُريّة.
بعدها ألقى الشاعر جهاد الخطيب أبيات شعرٍ من وحي الانطلاقة الفتحاوية الخالدة.
وأخيرًا كانت كلمة القرار الوطني الفلسطيني المستقل، كلمة حركة “فتح”، ألقاها أمين سر الساحة لحركة فتح وفصائل “م.ت.ف” في لبنان عضو المجلس الثوري لحركة “فتح” فتحي أبو العردات جاء فيها: “لأنَّها “فتح” التي لا تُكسَر.. ولا تهزم.. ولا تتراجع.. ولا تتنازل.. لأنَّها “فتح” التي لا تُفرِّط ولا تساوم.. ولأنَّها “فتح” التي تتعالى على جراحها وآلامها، من أجل آمال الملايين الملتفّة من حولها.. ولأنَّها الأم الحنون لكلِّ أبنائها وأبناء شعبنا.
وفي ذكرى الانطلاقة يحتفل الملايين من أبناء شعبنا داخل الوطن وخارجه، وتحتفل كل أُسرة داخل منزلها بها، لأنَّ “فتح” ليست بحاجة إلى تأكيد المؤكد والثابت في ذاكرة ووجدان الملايين من أبناء شعبنا وجماهيرنا الفلسطينية واللبنانية والعربية والإسلامية، لأن “فتح” لم تكن يومًا ملكًا لأعضائها، لكنها ملك لشعبها وجماهيرها الممتدة بطول وعرض الوطن والمنافي والشتات.
فالتحية إلى تلك الكوكبة من الفدائيين الذين أطلقوا الرصاصات الأولى، إيذانًا بانطلاقة حركة “فتح” الرائدة والثورة الفلسطينية المعاصرة، لتُعلِن أنَّ ما كان مستحيلاً أصبح واقعًا، وكانت بداية تحقيق وإنجاز مشروعنا الوطني الفلسطيني نحو العودة والتحرير والنصر”.
وحيَّا أبو العردات شهداء الثورة الفلسطينية وحركة “فتح” وعلى رأسهم الزعيم الخالد ياسر عرفات، وأضاف: “لا فرق بين وقفة أبي عمار الفدائي، في معركة الكرامة ووقفته على منبر الأمم المتحدة، ولا فرق بين شموخه في قلعة أرنون قلعة صلاح الدين، وبين شموخه في الدفاع عن الحق الفلسطيني في حصاره في رام الله حين قال: (يريدوني طريدًا أو أسيرًا وأقول لهم شهيدًا..شهيدًا).
وأردف: “تجتاز قضيتنا الفلسطينية في هذه المرحلة عامًا عاصفًا مليئًا بالتحديات المتمثّلة بالقرارات الأميركية المتلاحقة ضد القضية الفلسطينية. فبعد قرار ترامب المشؤوم بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ”دولة الاحتلال” ونقل السفارة الأميركية إليها، اتّخذ قرارًا بتخفيض الدعم المالي لوكالة “الأونروا”، ثُم وقفه نهائيًّا، وهو المقدَّر بنحو 336 مليون دولار سنويًّا، ما أدّى إلى عجز مالي كبير في موازنتها، ثُمّ وقف المساعدات الماليّة للسلطة الفلسطينيّة وللمستشفيات في القدس، وإقفال مكتب “م.ت.ف” في واشنطن، وإعداد خطة لتوطين اللاجئين في الدول المضيفة عبر إسقاط صفة اللجوء بالوراثة، بحيث يبقى فقط نحو 50 ألف لاجئٍ فلسطيني من الذين وُلِدوا في فلسطين ونزحوا عنها وما زالوا على قيد الحياة”.
ونوَّه أبو العردات إلى أنَّ كلَّ القرارات والمزاعم الأميركية والهجمة الصهيونية، تُشكِّل مخالَفةً مفضوحةً وتنكُّرا لقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة والقوانين والمواثيق والأعراف الدولية.وأكَّد أنَّ كلّ تلك القوانين والقرارات والإجراءات التي اتّخذتها حكومة الاحتلال لم تكن لتحصل لولا الدعم والتشجيع من الإدارة الأميركية الحالية، وسياساتها الحمقاء والمتغطرسة والعدوانية، التي شجعتها على القيام بالمزيد من الانتهاكات وعمليات التهويد وبناء المستوطنات، التي تصاعدت بشكل غير مسبوق.
وأضاف: “إنَّ موقفنا في “م.ت.ف” وحركة “فتح” واضح لا لبس فيه، وقد عبَّر عنه الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية، وهو الموقف الذي يعبّر عن إرادة شعبنا بكل فصائله وقواه الوطنية والإسلامية، برفض كل تلك الإجراءات وقطع العلاقات مع الإدارة الأميركية ووقف كل أشكال الاتصالات مع دول الاحتلال.
ونحنُ ملتزمون بقرارات الشرعية الدولية رغم إجحافها بالحق الفلسطيني، وتبقى قضيتَا القدس واللاجئين القضيتين الأبرز والأهم في ثوابتنا الوطنية، ولن نرضى بغير القدس عاصمةً للدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على أرضنا الفلسطينية، وبغير حق العودة إلى أرضنا وديارنا في فلسطين”.
وتابع: “إنَّ دولة فلسطين أصبحت واقعًا لا يمكن لأيِّ دولة في العالم مهما بلغت من القوة والغطرسة تجاهلها، أو التنكّر لها، بعد اعتراف الأغلبية الساحقة من دول العالم بها في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 نوفمبر 2012، وارتفاع علم دولة فلسطين لأول مرة في التاريخ فوق مبنى الأمم المتحدة، وأصبحت فلسطين “دولة غير عضو مراقب” بعدما كنّا في السابق “كيانًا” مراقبًا.
إنَّ هذا الانتصار الدبلوماسي والسياسي، لـ”دولة فلسطين” كان خلاصةً مُتجدّدةً من خلاصات المدرسة النضالية لشهيدنا القائد الرمز أبو عمار، الذي حمل راية فلسطين، وواجه العالم بالحق الفلسطيني في الأمم المتحدة عام 1974، لأول مرة في التاريخ، حيث كانت بداية الانتصارات الدولية التي حقَّقتها منظمة التحرير الفلسطينية، التي تمَّ الاعتراف بها كممثل شرعي ووحيد لشعبنا الفلسطين”.
وأضاف: “في هذه المناسبة نؤكِّد دعمنا والتفافنا حول قرارات إطاراتنا الفتحاوية، في المجلس الثوري واللجنة المركزية وقرارات إطاراتنا الوطنية في اللجنة التنفيذية والمجلسَين الوطني والمركزي، ونؤيِّد مبادرة الرئيس أبو مازن التي طرحها في مجلس الأمن الدولي في 20 شباط 2018 لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ورفض الحلول الانتقالية والدولة ذات الحدود المؤقتة ومحاولات فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية والقدس، التي تستند إلى الأسس المرجعية لعملية السلام، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما يشمل قرارات مجلس الأمن 242، و338 وصولاً للقرار 2334، ومبادرة السلام العربية، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس القرار 194، وضمان استمرار الالتزام الدولي بدعم وكالة “الأونروا” لحين حل قضية اللاجئين.
وتطرَّق أبو العردات لموضوع المصالحة فقال :”إنَّنا متمسِّكون بالمصالحة الوطنية الفلسطينية، وجادّون بالوصول إلى إنجازها وإنهاء الانقسام البغيض الذي طال أمده، وهذه مسؤولية وطنية كُبرى تحتاج إلى جهود مشتركة وصادقة، تضع المصلحة الوطنية فوق الاعتبارات الفصائلية والحزبية، فالوقت يضيق والوضع الراهن يُحتِّم علينا المضي بالوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة التحديات بموقف فلسطيني واحد وموحَّد”.
وعلى صعيد الساحة اللبنانية قال: “نحنُ في لبنان حريصون كلَّ الحرص على العلاقات الأخوية اللبنانية الفلسطينية وضرورة تعزيزها بما يخدم مصلحة شعبينا اللبناني والفلسطيني”.
كما أدان أبو العردات الاعتداء الغاشم على مبنى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون “تلفزيون فلسطين” في قطاع غزّة، وأكَّد ضرورةَ ملاحقة الفاعلين داعيًا الفصائل الفلسطينية كافّةً أن تقف على قلب رجل واحد لمواجهة كلِّ أشكال الفتن .
وختم أبو العردات كلمته قائلًا: “لقد كانت وما زالت “فتح” هي فكرة، وفكر، وبندقية، وقلم، وعلم، ونشيد. هي عبق النرجس، وأريج الدفلى، وعطر الياسمين، هي فلسطينية الوجه، عربية العمق، عالمية المطاف، إنسانية الأهداف، شعارها كان وما زال وسيبقى ثورة حتى النّصر…”.
[email protected]