من قرية الجاهلية وجبال الشوف بترابه وصخوره الصلبة وأشجار الصنوبر والسنديان المتجذرة الباسقة ظلالها وحتى جبل العرب في سوريا، وفي مقدمتها أصحاب العمائم البيضاء، اهتزت وارتعشت وتأثرت في أعقاب حادثة الجاهلية التي تشهد وضعًا سياسيًّا حرجًا مشحونًا بالتوتر والحذر الشديد، ولا يزال حديث الساعة ويتصدر عناوين وسائل الإعلام.
برز بشكل واضح ، وعلى كافة المستويات، دعم وتضامن مع رئيس حزب التوحيد العربي الوزير وئام وهاب، وتحديدًا مشيخة العقل في لبنان وسوريا والوزير طلال أرسلان. يأتي هذا التوتر والاستياء بعد إرسال قوة كبيرة من الأمن الداخلي وشعبة المعلومات إلى الجاهلية لتنفيذ أمر قضائي بأسلوب عسكريّ منفّر إذ استخدمت قوى وآليّات عسكريّة وعناصر أمنية خبيرة في مكافحة الإرهاب أدت إلى مقتل مرافق الوزير وهاب محمد أبو ذياب في ظروف غامضة.
هذه الحادثة تعود إلى تصريحات وئام عبر مقابلة تلفزيونية اتهم فيها الحريري بنهب المال العام وعقد صفقات مشبوهة وعدم أهليته ليكون رئيس حكومة.
انتشرت هذه الحادثة في المنطقة انتشار النار في الهشيم وأحدثت ردود فعل على كل المستويات وتوترا كاد يؤدي إلى اندلاع حرب تخلف نتائج وخيمة وتنعكس سلبيا على لبنان والمنطقة وخاصة في هذه الأوضاع الحرجة التي يمر بها لبنان وفي مقدمتها الأوضاع الاقتصادية وأزمة تشكيل حكومة.
والسؤال الذي يطرح نفسه ويثير الدهشة هو: إذا كانت هناك حجة لتطبيق القانون كما زعم فمن العدالة والمنطق أن يطبق القانون على الجميع. ويرى المحللون والمراقبون التي تتجه أنظارهم إلى هذا الملف الشائك بقلق شديد، إذ لم يكن الهدف دعوة وهاب للتحقيق، وإنما لإذلاله وخلق اشتباك مسلح في مكان إقامته والذي قد يؤدي في نهاية العملية المخططة إلى مقتله.
لا شك أن للحادثة تداعيات وأبعادًا كثيرة وقد فتحت،عمليًّا، مشهدا مركبا مؤقتا، إلا أن موقف حزب الله وضغطه المكثف وضع حدًّا لتدهور الوضع الذي كان سيخرج عن السيطرة وعلى وشك اندلاع حرب أهلية.
من جهته، رفض رئيس مجلس النواب بري التعقيب على أحداث الجاهلية، ولم يلفظ ولو بكلمة واحدة، وعاد ليؤكد ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة فورا
أما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي جنبلاط، فوضعه حرج ومهدد وله حساب مفتوح مع النظام السوري الذي سيدفعه آجلا أم عاجلا، وقد سارع جنبلاط ليقول ويوضح، ولكي لا تبث إشاعات مغرضة على حد تعبيره، رغم دخول قوى الأمن المسلحة لتقوم بواجبها، إن كرامة المواطن كانت في خطر والدولة قامت بواجبها وكرامة الدروز والمواطنين لم تمس، وعليه لا مكان لتحويل الحادثة، على أن كرامة الدروز مهددة وفي خطر، كما أكّد أنه يدعم أي إجراء ضدَّ كل شخص يهدد السلم الأهلي.
وفي مناسبة إحياء ذكرى الشهيد محمد أبو ذياب، الذي أقامه وهاب بحضور ممثل رئيس الجمهورية، وزير البيئة، رئيس مجلس النواب، ممثل حزب الله، وزير المهجرين، نائب رئيس الحزب السوري، ممثلا مشيخة عقل طائفة الموحدين في سوريا وممثلين عن الأحزاب الوطنية والجمعيات المدنية والثقافية والمجالس البلدية وعشرات الوفود الشعبية من مناطق الجبل، أكد وهاب، أنه لا عودة عن وحدة القوة الدرزية تحت راية لقاء خلدة وعدم ترك الساحات، وستبقى سواعدنا مرفوعة للصراع مع كل دخيل... ومعركتنا هي مع من تلطخ جبينه بالدم حيث جرُّوا علينا حملة إنكشارية واجهناها بصدورنا وتجاوزناها بحكمة المشايخ.
وإلى سعد الحريري قال لن تستطع بمغامرتك الواهية أن تنال منّا، بل كان الأجدر بك أن تثأر لكرامتك يوم وقف الشهداء معك وتخلّى عنك الحلفاء، وعليه فكلُّ المسؤولية، تقع على عاتقك ونحملك الدم الذي سال والذي سيبقى على جبينك حتى نسترد هذه الأمانة.
الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، صرّح بأننا نتابع بترقب شديد الأنباء من جبل لبنان، ونحن قلقون وعليه ندعو كافة الزعماء والقادة إلى الحوار البناء وتجاوز هذه الأزمة الحرجة مستنكرا أي محاولة اعتداء على شخصيّة ورمز درزي في لبنان وفي كل مكان، والذي يعتبر مسًّا بكرامة الدروز، مؤكدا أن الطائفة على أتم الاستعداد للتصدي والدفاع عن كرامتها ورموزها.
[email protected]