وفي الـ2 من نوفمبر/تشرين الثاني 1917 أرسل بلفور رسالة إلى أحد زعماء اليهود في المملكة المتحدة البارون روتشيلد، معلناً فيها تأييد بريطانيا لطموح اليهود في إقامة وطن لهم في فلسطين.
رسالة "بلفور" التي وجهت إلى اللورد روتشيلد فتحت الطريق بقوة، لتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، لتحل أوروبا في جرة قلم المسألة اليهودية على حساب الشعب الفلسطيني وأرضه ووطنه .
وليحظى هذا الكيان بعضوية الأمم المتحدة بضغط الدول الكبرى، ولتصبح إسرائيل أول دولة تنشأ على أرض الغير، وتلقى مساندة دولية جعلتها تغطرس في المنطقة، وتتوسع وتبتلع المزيد من الأرض الفلسطينية والعربية على مسمع ومرأى من العالم اجمع.
واعتبر وزير الخارجية البريطاني وقتها أن هذا الوعد هو ضمانة للحصول على دعم الجاليات اليهودية أثناء الحرب العالمية الأولى، ومن ثم دفع الولايات المتحدة الأمريكية للدخول ضمن أطراف الحرب ودعمها بشكل أوسع.
هذا الواقع نراه يتجدد اليوم ، ففي الـ6 من ديسمبر/ كانون الثاني ووسط الاضطرابات السياسية التي تشهدها أمريكا أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف دولته بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، إضافة إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
فهذه جريمة دولية كبرى يرتكبها ضد كل الأديان السماوية وضد مبادىء القانون الدولي المتعارف عليها وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
ويأتي هذا الوعد المزدوج ليذكّر بوعد آخر أطلق، منذ مئة عام تقريبا، في الثاني من تشرين الثاني 1917، من قبل الدولة الأقوى في العالم الرأسمالي آنذاك، المملكة البريطانية المتحدة، وعلى لسان وزير خارجيتها اللورد بلفور .
ورغم اختلاف الأسباب إلا أن إرضاء المصالح الشخصية عامل مشترك بين القرارين. وجاء وعد بلفور تنفيذاً لسياسية المصلحة المشتركة بين بريطانيا واليهود في المنطقة.
وما زال حق الشعب الفلسطيني الطبيعي والتاريخي والقانوني في إقامة دولته المستقلة ذات سيادة ينتظر التنفيذ. ويمثّل هذا الحقُ ديناً تاريخيّاً يتحتّم على المجتمع الدولي الوفاء به اتجاه الشعب الفلسطيني، وأن يقر بحقه في ارضه ووطنه وان يعترف بدولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف.
لأن الشعب الفلسطيني سيبقى باق في أرضه وسيواصل نضاله ومسيرة كفاحه ولن يتنازل عن حقوقه المشروعة، فالحق الفلسطيني ارث تاريخي يتاورثه الاجيال ، جيل بعد جيل.
[email protected]