تواجه قضية اللاجئين الفلسطينيين، الذين يقدّر عددهم بحوالي سبعة ملايين لاجئ، والقضية الفلسطينية برمّتها مؤامرة تصفية حقيقية ، يشارك فيها محور مكوّن من أنظمة إقليمية بزعامة إسرائيلية وأخرى عالمية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية .
لقد كانت مواقف الإدارات الأمريكية منذ النكبة عام 48 في عمومها سلبية من عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، في حين لعبت تلك الإدارات كلها دور محامي الدفاع عن الإسرائيليين وممارساتهم القمعيّة وتنكّرهم لحق العودة للاجئين الفلسطينيين متحدّية قرار العودة رقم 194 .
واليوم، وفي ظل إدارة الرئيس ترامب ، وترويجه لما أطلق عليه صفقة القرن الرامية الى تصفية القضية الفلسطينية، تواجه قضية اللاجئين أيضا خطر التصفية ،في محاولة من الولايات المتحدة والطرف الإسرائيلي، وبدعم غير مباشر من دول عربيّة إقليميّة ،فرض سياسة الامر الواقع من خلال تركيع الفلسطينيين وجعلهم يقبلون مرغمين بمشروع توطين هؤلاء اللاجئين داخل الدول المضيفة مقابل تقديم مساعدات مالية سخيّة لها .
إن مؤشرات هذا المخطط المشؤوم بدأت تتكشّف تدريجيا من خلال مجموعة من الإجراءات اتخذتها إدارة الرئيس ترامب منذ وصوله الى سدّة الحكم ،وكأن دعم اللوبي الصهيوني له كان مشروطا بتنفيذها، وذلك على شكل وقف حصّة الولايات المتحدة في دعم وكالة الأونروا الخاصة بغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ،وإطلاق التصريحات الدالّة على ان واشنطن تسعى لإنهاء دورها الخاص بتمويل الوكالة تماماً ، إضافة الى قرار نقل السفارة الامريكية الى القدس ،وتداول قضيّة توطين اللاجئين مع بعض دول الجوار الفلسطيني من خلال مستشاري الرئيس الأمريكي .
إن مشروع تصفية القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين بالذات وما تلاها من إجراءات عقابية كإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وإنهاء عمل السفير الفلسطيني هناك ، لم تقتصر على قرارات وإجراءات الإدارة الامريكية فقط، المتناغمة مع الموقف الإسرائيلي، وإنما الى إصدار الطرف الإسرائيلي لقرارات جائرة في حق عودة اللاجئين، كمؤشّر عملي وقاطع على مدى التنسيق بين الطرفين وتطابق رؤاهم حول الحل في المنطقة .
إن قانون القوميّة الأخير الذي أكد على يهوديّة الدولة وحيّد مبدأ المساواة وديمقراطية النظام السياسي الإسرائيلي، وحصر حق تقرير المصير في فلسطين للشعب اليهودي فقط، ما هو الا قانون إلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين وتصفية قضيتهم كاملة، وهو يأتي في إطار ما أطلق عليه "صفقة القرن" المشار اليها أعلاه .
وأخيرا وإن بدا الموقف الفلسطيني ضعيفا أمام مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين تحديدا، وتخلّت بعض الأنظمة العربية عن دعمها للقضية، فإنها ستبقى قائمة وحاضرة في المحافل الدولية وأروقة المؤسسات العالمية والشعوب العربية ، وعلى المنابر حتى العودة، لا بل سيزداد استخدام مصطلح العودة أكثر فأكثر. وليعلم القاصي والداني، القريب والغريب أنه ما ضاع حق وراءه مطالب، فكيف بالملايين !!!
[email protected]