المركز الثقافي الجديد لمؤسسة عبد المحسن القطان في فلسطين - صرح حضاري ثقافي ومعماري.. ينحني المجد له
خلود فوراني سرية - حيفا
في احتفالية رسمية وفنية حضرها المئات من المبدعين، الفنانين، المثقفين، المعماريين، الأصدقاء المحليين والدوليين من فلسطين والعالم، تم يوم الخميس 28.06.2018 افتتاح المركز الثقافي الجديد لمؤسسة عبد المحسن القطان في منطقة الطيرة في رام الله.
يعد هذا المركز الثقافي الثالث للمؤسسة في فلسطين في عامها العشرين. وذلك بعد أن افتتحت مركز الطفل في مدينة غزة عام 2005 الذي يشكل فضاءً ً ثقافيا حيويا للأطفال هناك، وقاعات الموزاييك في لندن التي افتتحت عام 2008. وقد شكل هذا الافتتاح أفقا جديدا في مسيرة المؤسسة وعملها في تطوير الثقافة والتربية في فلسطين ومع الفلسطينيين أينما وجدوا في هذا العالم.
يأتي هذا المبنى الجديد، الذي صممه مكتب المهندسين (دونايري أركيتكتوس) من إشبيلية في إسبانيا بمرافقة شركاء محليين، أول "مبنى أخضر" مسجل لدى هيئة المباني الخضراء الفلسطينية، حيث يتميز بكونه صديقا للبيئة، من حيث الانبعاثات واستهلاك الطاقة وطبيعة المواد التي دخلت في بنائه. كما يتميز بتصاميمه ومواصفاته التي تتيح مرونة عالية في استخدام فضاءاته ومرافقه، وبما يمكنه من احتضان نشاطات كثيرة ومتعددة، ليلبي احتياجات المؤسسة نحو مستقبل أنقى وأرقى.
ضمن سلسلة برامج حفل الافتتاح عُقد حفل رسمي حضره عدد من المدعوين والصحافة المحلية، العربية والدولية قدم فيه وزير الثقافة د. إيهاب بسيسو كلمة نيابة عن الرئيس محمود عباس، بارك فيها المشروع والقيمين عليه وأكد أن افتتاح هذا الصرح الحضاري الكبير من شأنه أن يشكل علامة فارقة على صعيد الثقافة الفلسطينية ومحور جذب للكثير من الطاقات الثقافية والفنية الفلسطينية وختم متمنيا أن يجسر هذا المبنى رسالة انفتاح الثقافة الفلسطينية على الثقافات المتعددة، لأن هذا، وإن كان يخدم ثقافتنا، فإنه أكثر ما يقهر الاحتلال، فهذا الانفتاح يجسد صورة فلسطين الحضارية، والتي هي عنوان الأجيال القادمة.
وفي كلمة للسيد عمر القطان – رئيس مجلس الأمناء، فقد تحدث عن رؤية المؤسسة مؤكدا على رسالة والديه فيما يتعلق بأهمية الوحدة الوطنية، فجاء في كلمته أن مؤسسة عبد المحسن القطان عموما تؤمن بأن الاستثمار في الفرد الحر والمبدع، وفي الثقافة والتربية والجيل الناشئ من الأطفال والفنانين والمعلمين، يسهم في تقوية المجتمع وتعزيز قدرته على الصمود أمام التحديات، بل وعلى تخطيها. في هذه المرحلة، العصيبة والمظلمة ً نأمل أن يعطي المركز الثقافي الجديد بعض الأمل والثقة للفلسطينيين، لاسيما الشباب منهم بأننا قادرون على تحقيق المشاريع الصعبة والطموحة، على مستوى عالمي من الإتقان. أما المبنى الجديد فأكد القطان أنه يشكل مكاناً للحرية والحوار والتأمل، ومساحة للإبداع والبحث لكل الفلسطينيين دون استثناء.
وفي كلمة السيد زياد خلف - مدير عام المؤسسة – تحدث عن تصميم المبنى ومنشآته بما يتناسب مع الخدمات التي يقدمها وعن مضامين المؤسسة ومشاريعها التنموية في خدمة الفن والإبداع الفلسطيني بكل أشكاله حيث أعلن أن المركز الثقافي سيكون بيتا مفتوحا للجمهور يوفر للمنخرطين في نشاطات المؤسسة من معلمين وباحثين وفنانين وأطفال، والمبدعين كافة، مساحات للتفاعل والتجريب والعرض، حيث يحتضن مكتبة أطلق عليها اسم المرحومة ليلى المقدادي القطان، مكتبة متعددة الحقول والوسائط والتي تناهز حوالى ثلاثين ألف كتاب بمجال التربية والثقافة والعلوم الاجتماعية، إضافة إلى احتوائها على قسم خاص للأطفال.
إضافة إلى ذلك يحوي المركز صفا تجريبيا، وغرفة لتطوير المصادر التربوية، كما يضم مسرحا وصالة عرض (جاليري) واستوديوهات للفنون البصرية والأدائية وقاعة متعددة المضامين وبيتا للضيافة، إضافة إلى عدد من الشرفات مختلفة المساحات، ومرافق مساندة وحدائق داخلية وخارجية ومطعما ومرافق مساندة.
أما في الفقرة المسائية من برنامج الافتتاح فقد أقيم عرض موسيقي -مشاهدات للفنان النصراوي بشارة الخل برفقة فرقة من العازفين الموسيقيين حضره جمهور غفير ازدحم المكان بهم.
يرافق الافتتاح معرض إبداعات فنية بصرية بعنوان " أمم متعاقدة من الباطن" يشارك فيه 55 فناناً محلياً ودولياً.
ويسعى المعرض الجماعي إلى إماطة اللثام عن أسئلة حول المفاهيم المختلفة للأمة، يستمد المعرض عنوانه ومحتواه من خلال سبر موضوع الانتشار المتسارع لعمليات التعاقد بين الدول والقطاع الاستثماري الخاص الموجودة في عالمنا اليوم، وفي التحول القيمي للفرد، من خلال الأساليب الإصلاحية وأسلوب الحياة المصمَّم سلفاً، والتبعية والتأصيل وغيرها.
وفي حديث مع قيّم المعرض، الفنّان يزيد عناني أشار إلى أن مضامين المعرض تتلخص في محاولته لعرض أسئلة حول القضايا المعاصرة المتعلقة بالأمم والمجتمعات والهيكليات السياسية، إضافة إلى النيوليبرالية، وذلك من خلال النظر في التاريخ الذي لم يسهم في تكوين الحاضر وخلق صورة للمستقبل على حد قوله.
وقد أطلقت المؤسسة مع افتتاح المركز الثقافي الجديد برنامجا ثقافيا يمتد حتى نهاية العام، ويشمل نشاطات متعددة من عروض أدائية وسينمائية وموسيقية وفعاليات أدبية ومحاضرات ونقاشات تستمر حتى نهاية العام.
من الجدير بالذكر أن مؤسسة عبد المحسن القطان هي مؤسسة تنموية مستقلة غير ربحية، بدأت عملها في فلسطين منذ عام 1998، تعمل في تطوير الثقافة والتربية في فلسطين والعالم العربي، وتسعى نحو مجتمع معرفي يتسم بالعدل والحرية والتسامح، ويتبنى الحوار، ويقدر العلم والفن والأدب وينتجها، على أسس تكاملية مع فئات مجتمعية متنوعة، من أجل إنسان حر، وثقافة فلسطينية وعربية حيوية بأفق إنساني.
وقد أهدى فريق المؤسسة هذا الصرح الجديد لذكرى روح المرحوم عبد المحسن القطان، المؤسس والرئيس الفخري للمؤسسة، وروح المرحومة ليلى المقدادي القطان، عملا بقول الشاعر سعيد عقل: "الحياة العزم حتى إذا أنا انتهيت تولى القبر عزمي من بعدي".
** وختاما، أنوه بأنني كنت ضيفة مؤسسة عبد المحسن القطان في حفل الافتتاح**
[email protected]