سيادة المطران عطا الله حنا يستقبل وفدا كنسيا ارثوذكسيا من المانيا : " ان كنيستنا ليست كنيسة الحجر بل كنيسة البشر فسيبقى انحيازنا دوما لشعبنا الفلسطيني المناضل من اجل الحرية "
القدس – استقبل سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس اليوم وفدا كنسيا من الابرشية الارثوذكسية التابعة للبطريركية المسكونية في المانيا والتي يرأسها سيادة المتروبوليت اوغسطينوس.
وضم الوفد عددا من الاباء الكهنة الذين يخدمون في هذه الابرشية وممثلي عدد من المؤسسات والجمعيات الكنسية كما وعدد من ابناء الرعية حيث ضم الوفد 50 شخصيا استهلوا زيارتهم للقدس بلقاء سيادة المطران عطا الله حنا الذي استقبل الوفد في كنيسة القيامة حيث اقيمت الصلاة من اجل نيتهم امام القبر المقدس كما جال الوفد داخل الكنيسة واستمعوا الى بعض الشروحات والتوضيحات ومن ثم استمعوا الى كلمة صاحب السيادة .
سيادة المطران رحب بوصول الوفد الكنسي الارثوذكسي الاتي الينا من المانيا مؤكدا بأن هذه الزيارات انما تأتي تأكيدا على تعلق ابناء كنيستنا الروحي بالمدينة المقدسة التي تحتضن كنيسة القيامة والقبر المقدس والذي يعتبر بالنسبة الينا قبلتنا الاولى والوحيدة .
تحدث سيادة المطران في كلمته عن تاريخ مدينة القدس كما تحدث عن اهم الاماكن المقدسة الموجودة في مدينتنا مؤكدا على عراقة وتاريخية هذه المدينة التي تحتضن هذا الكم الكبير من الاماكن الدينية والتاريخية والتراثية التي تتميز بها .
القدس قطعة من السماء على الارض وقد اختار الله هذه البقعة المباركة من العالم التي اسمها فلسطين لكي تكون مكان تجسد محبته نحو البشر ، ففي فلسطين الارض المقدسة تمت كافة الاحداث الخلاصية ، والمخلص من مهده الى لحده وبعد قيامته وحتى صعوده الى السماء كان في هذه الارض المباركة ينتقل من مكان الى مكان مبشرا ومناديا بقيم المحبة والاخوة والسلام .
وطننا هو وطن المسيح الارضي ، انها ارض الميلاد والقيامة والقداسة والشهداء ، انها ارض البركة والنعمة والتلاقي بين الاديان ، انها ارض السلام والمحبة والتي حولها الاحتلال بسياساته وممارساته الى ارض تصادم وكراهية وعنف وامتهان للكرامة الانسانية .
مدينتنا هي مدينة السلام التي يكرمها المؤمنون في الديانات الابراهيمية التوحيدية الثلاث ولكن سلام القدس مغيب في ظل ما يمارس بحقها من سياسات تستهدف شعبنا الفلسطيني الذي يستهدف في كافة مفاصل حياته ، فمقدساتنا مستهدفة واوقافنا مستباحة وابناء شعبنا يعاملون كالغرباء في مدينتهم في حين ان الفلسطيني ليس غريبا في مدينته والقدس بالنسبة الينا هي عاصمتنا الروحية والوطنية وحاضنة اهم مقدساتنا الاسلامية والمسيحية.
ما نتمناه منكم اثناء زيارتكم هو الا تكتفوا بزيارة الاماكن المقدسة بل يجب ان تتعرفوا عن كثب على ابناء فلسطين ، التقوا مع ابناء شعبنا واستمعوا اليهم ، توجهوا الى كنائسنا ورعايانا لكي تسمعوا ما يقوله المسيحيون الفلسطينيون ابناء هذه الارض المقدسة المنتمين اليها والمدافعين عن عدالة قضية شعبها .
تذكروا بأن فلسطين ليست فقط التاريخ المجيد الذي نفتخر به وليست فقط الاماكن المقدسة التي من واجبنا ان ندافع عنها ، فلسطين هي اولا وقبل كل شيء الانسان ، انساننا الفلسطيني الذي ظلم كثيرا وتعرض للنكبات والنكسات ، انساننا الفلسطيني الذي يعاني من سياسات الاحتلال وقمعه وبطشه يستحق هذا الانسان ان تعبروا عن تضامنكم معه وان تكونوا الى جانبه فالفلسطينيون ابناء هذه الارض المقدسة هم سدنة المقدسات وهم المحافظون على القدس وهويتها وتراثها وهم المدافعون الحقيقيون ايضا عن مقدساتنا واوقافنا .
كنيستنا في هذه الارض المقدسة ليست كنيسة حجارة صماء بل هي كنيسة الشعب ، انها كنيسة الانسان القاطن في هذه الارض المقدسة المدافع عن حريته وكرامته والمناضل من اجل استعادة حقوقه وتحقيق امنياته وتطلعاته وثوابته الوطنية .
لسنا كنيسة الحجر بل كنيسة البشر ، ولذلك فإنني اقول لكم واتمنى ان يصل صوتي الى سائر ارجاء العالم بأننا منحازون لشعبنا الفلسطيني ومن واجبنا جميعا ان ندافع عن هذا الشعب المظلوم حتى تعود اليه حقوقه السليبة وينعم بالحرية في وطنه مثل باقي شعوب العالم .
يجب ان يبقى صوت كنيستنا صوتا منحازا لقضايا العدالة والحرية والكرامة الانسانية ، فحيثما هنالك ظلم وقمع واضطهاد واستهداف للابرياء يجب ان يكون انحيازنا لهؤلاء الذين يصفهم الكتاب الالهي بأنهم اخوة يسوع الصغار .
تضامنوا مع شعبنا الفلسطيني لان قضيته هي قضية عادلة وهي قضية مستهدفة من قبل قوى الشر في عالمنا اولئك الذين يسعون لتصفية هذه القضية ويريدوننا ان ننسى قدسنا ومقدساتنا وان نتنازل عن حقوقنا وثوابتنا ومطالبنا العادلة وكل هذا لن يكون ، لن يتنازل الفلسطينيون عن حقوقهم ولن يتخلوا عن حقهم في النضال المشروع من اجل الحرية لاننا نعتقد بأن الحرية لا تقدم لطالبيها على طبق من ذهب ، من اراد ان يعيش بحرية عليه ان يضحي في سبيل ذلك وشعبنا يقدم يوميا التضحيات الجسام من اجل ان تتحقق امنياته وتطلعاته وثوابته وحقوقه الوطنية .
يجب ان تكون كنيستنا دوما منحازة لقضايا العدالة في عالمنا فإنحيازنا يجب ان يبقى لكل انسان مظلوم ومعذب ومضطهد في هذا العالم ، والفلسطينيون مضطهدون ومستهدفون ومن واجب كنائسنا ومؤمنينا في سائر ارجاء العالم ان يعبروا دوما عن انحيازهم ووقوفهم الى جانب هذا الشعب المظلوم والى جانب كافة الشعوب المقهورة والمتألمة والمضطهدة .
نتمنى منكم ان تتابعوا ما يحدث في مدينة القدس والتي تضيع من ايدينا يوما بعد يوم ، القدس تتعرض لحملة غير مسبوقة هادفة للنيل من مكانتها وهويتها وتاريخها وتراثها ومقدساتها واوقافها ، وكما تستهدف الاوقاف والمقدسات الاسلامية هكذا ايضا استهدفوا اوقافنا المسيحية التي تسرق منا في وضح النهار ويتم ابتلاعها والاستيلاء عليها بطرق ملتوية غير قانونية وغير شرعية .
التفتوا الى مدينة القدس فهي امانة في اعناقنا وما تتعرض له مدينتنا المقدسة في هذه السنوات الاخيرة لا يمكن وصفه بالكلمات ، التفتوا الى مقدساتنا واوقافنا ، التفتوا الى شعبنا الفلسطيني الذي قضيته هي اعدل قضية عرفها التاريخ الانساني الحديث .
قدم سيادته للوفد وثيقة الكايروس الفلسطينية متحدثا عن اهدافها ورسالتها ومضامينها كما اجاب على عدد من الاسئلة والاستفسارات .
أما اعضاء الوفد فقد نقلوا لسيادة المطران بركة سيادة المتروبوليت اوغسطينوس ووجهوا التحية للشعب الفلسطيني معبرين عن تضامنهم وتعاطفهم مع هذا الشعب الذي يستحق الحرية ، كما اكدوا اهتمامهم بما يحدث في مدينة القدس ومتابعتهم لما تتعرض له هذه المدينة من استهداف يطال مقدساتها واوقافها وابناء شعبها كما عبروا عن تقديرهم لسيادة المطران هذا الصوت الارثوذكسي الفلسطيني المدافع عن القضية الفلسطينية وعن الحضور المسيحي العريق في هذه الارض المقدسة وفي منطقة الشرق الاوسط .
[email protected]