سيادة المطران عطا الله حنا يستقبل وفدا اكاديميا من روسيا البيضاء : " ان نسبة المسيحيين في هذه الديار هي 1% واعداءنا يريدونها ان تكون 0% "
القدس – وصل الى المدينة المقدسة صباح اليوم وفد اكاديمي جامعي من روسيا البيضاء (بلاروسيا) ضم 20 استاذا جامعيا والذين وصلوا في زيارة هادفة للتعرف على الاماكن المقدسة في فلسطين وزيارة المعالم التاريخية في هذه الارض المقدسة كما وبهدف الاطلاع على اوضاع الحضور المسيحي في بلادنا والتعرف على معالم الازمة الارثوذكسية التي تمر بها كنيسة القدس.
استقبل سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس الوفد لدى وصولهم الى كنيسة القيامة حيث كانت لسيادته كلمة ترحيبية اعرب خلالها عن سعادته باستقبال هذا الوفد الاكاديمي الاتي من بلاروسيا والذي يزور مدينة القدس للمرة الاولى .
نتمنى لكم اقامة طيبة في ربوع بلادنا وان تتعرفوا على الاماكن المقدسة وكذلك ان تتعرفوا على الشعب الفلسطيني المناضل من اجل الحرية والذي يستحق ان يعيش بأمن وسلام في وطنه وفي ارضه المقدسة .
قال سيادة المطران في كلمته بأن مدينة القدس تتعرض لحملة غير مسبوقة هادفة لتغيير ملامحها وطمس معالمها وتزوير تاريخها واضعاف وتهميش الحضور الفلسطيني فيها .
لقد تغيرت ملامح القدس في السنوات الاخيرة وقد سعت السلطات الاحتلالية الى تغيير كثير من ملامح مدينتنا وقد اغدقت الاموال بغزارة على هذا المشروع الاحتلالي الذي هدفه ابتلاع مدينة القدس وتحويلنا كفلسطينيين الى اقلية في مدينتنا المقدسة التي نعتبرها عاصمتنا الروحية والوطنية .
القدس مدينة تتميز بعراقتها وقدسيتها واهميتها في الديانات التوحيدية الثلاث ولا يحق لاي جهة ان تستأثر بالقدس وان تدعي بأن القدس لها وليست لسواها ، فالقدس مدينة مقدسة في الديانات التوحيدية الثلاث ويجب احترام خصوصية هذه المدينة وفرادتها وما تتميز به من تاريخ وعراقة وتراث واصالة .
السلطات الاحتلالية تدعي بأن القدس هي عاصمة الشعب اليهودي ويسعون لبسط سيطرتهم وهيمنتهم عليها وهم يتجاهلون اهميتها في المسيحية والاسلام ففي الديانة الاسلامية لها مكانتها واهميتها وفيها المسجد الاقصى الذي يعتبر من اهم المعالم الدينية الاسلامية ، اما في المسيحية فهي القبلة الاولى والوحيدة للمسيحيين وفيها كنيسة القيامة والقبر المقدس ، والمخلص من مهده الى لحده وبعد قيامته وحتى صعوده الى السماء كان في هذه الارض المقدسة وكان ينتقل من مكان الى مكان مناديا بقيم المحبة والاخوة والسلام بين الناس ، لا يمكننا ان نقبل بأن يتم تجاهل اهمية هذه الارض المقدسة في المسيحية ، فالمسيحية انطلقت من بلادنا والانجيل كتب في هذه الارض المقدسة ومن هنا انطلق الرسل والتلاميذ الى مشارق الارض ومغاربها لكي ينادوا بالقيم المسيحية ، المسيحية في بلادنا ليست بضاعة مستوردة من اي مكان في هذا العالم فمن هنا كانت الانطلاقة وهنا تم كل شيء وبلادنا هي ارض الميلاد والقيامة والقداسة انها البقعة المقدسة من العالم التي اختارها الله لكي تكون مكان تجسد محبته نحو البشر ، لا يمكننا ان نقبل بأولئك الذين يزورون التاريخ ويشوهون طابع مدينتنا فنحن لا ننكر اهمية هذه المدينة في الديانات التوحيدية الثلاث ولكننا نرفض من يأتي الينا لكي يشوه تاريخ مدينتنا ويطمس معالمها ويغير طابعها ، نحن نرفض اولئك الذين يتجاهلون اهمية هذه الارض المقدسة في المسيحية والتي فيها تمت كافة الاحداث الخلاصية .
القدس مدينة يكرمها المؤمنون في الديانات التوحيدية الابراهيمية الثلاث ومن المفترض ان تكون مدينة للسلام والتلاقي بين الديانات ، ولكن واقعها مغاير لذلك ، مدينة السلام هي بعيدة عن السلام وسلامها مغيب في ظل ما يرتكب بحق شعبنا الفلسطيني من قمع وظلم واضطهاد واستهداف لابناء شعبنا في كافة مفاصل حياتهم ، مقدساتنا واوقافنا مستهدفة وابناء شعبنا الفلسطيني يعانون من سياسات التمييز العنصري الممارسة بحقهم وهم يعاملون وكأنهم ضيوف وغرباء في مدينتهم في حين ان الفلسطيني ليس ضيفا وليس غريبا في مدينته فهو في عاصمته وهو متشبث بانتماءه لهذه الارض المقدسة ، الفلسطينيون متمسكون بالقدس ولم ولن يتخلوا عنها في يوم من الايام بالرغم من كافة السياسات الظالمة التي استهدفتهم ولم تستثني احدا منهم .
المقدسات والاوقاف الاسلامية مستهدفة ولكن اوقافنا المسيحية ليست في وضع افضل مما تتعرض له المقدسات والاوقاف الاسلامية ، اوقافنا المسيحية مستهدفة ومستباحة وحضورنا المسيحي في هذه الارض المقدسة مهدد بالانقراض ونزيف الهجرة المسيحية مستمر ومتواصل منذ سنوات ، هنالك عملية افراغ ممنهجة للحضور المسيحي في بلادنا وهنالك استهداف غير مسبوق لاوقافنا وعقاراتنا بواسطة ادوات اوجدها الاحتلال خدمة لمشاريعه واجنداته وسياساته في هذه البقعة المقدسة من العالم .
هنالك استهداف لاوقافنا المسيحية وقد ازدادت في الاونة الاخيرة وتيرة هذا الاستهداف وخاصة في منطقة باب الخليل حيث هنالك ابنية وعقارات ارثوذكسية جميلة تعتبر تحفة فنية من التحف التي تزين مدينتنا المقدسة ، انها واجهة القدس وبوابة الدخول الى المقدسات والى الكنائس والاديرة والبطريركيات المسيحية في مدينتنا ، اذهبوا الى باب الخليل لكي تروا المأساة بأم العين ولكي تروا ابنية ارثوذكسية عريقة بناها ابناءنا واجدادنا بدمهم وعرقهم وقد تم التفريط بها ومن الممكن ان يدخل اليها المستوطنون المتطرفون في اي لحظة فقد سرقوها منا وسلبوا من كنيستنا هذه الابنية العريقة ومن يتحمل مسؤولية هذه الكارثة انما هي مجموعة من العملاء والمرتزقة والسماسرة الذين فقدوا ضميرهم وفقدوا البصر والبصيرة واصبحوا يعبدون المال بدل عبادة الاله الحقيقي الذي نسجد له جميعا .
اننا نعيش انتكاسة وكارثة حقيقية يتجاهلها الكثيرون وهنالك متواطئون ومتآمرون ومتخاذلون تدفع لهم الاموال لكي يكونوا في حالة صمت امام ما يرتكب بحق كنيستنا من جرائم .
نريد ان يسمع العالم بأسره صوتنا ، نريد ان تصل رسالتنا الى كافة كنائس العالم وشعوب الارض ، نريد ان يصل صوت المسيحيين الفلسطينيين الى كل مكان ونحن نقول لكافة احرار العالم هبوا لنجدتنا ومساعدتنا والوقوف الى جانبنا واوقافنا تسرق منا في وضح النهار وتقدم لاعداءنا على طبق من ذهب من قبل اولئك الذين تخلوا عن رسالتهم وعن قيمهم وعن واجباتهم فبدل من ان يكونوا امناء على حضور الكنيسة في ديارنا اصبحوا جزءا من المؤامرة التي تستهدف كنيستنا وتستهدف حضورنا المسيحي العريق في هذه الارض المقدسة .
اقول لكم ولكافة شعوب الارض التفتوا الى القدس الجريحة المعذبة والمتألمة ، التفتوا الى شعبنا الفلسطيني الذي يضطهد في كافة مفاصل حياته، التفتوا الى الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة هذا الحضور المهدد والمستباح والذي يتعرض للطعنات والتآمر من كل حدب وصوب ، يسعون لشطب وجودنا من هذه الارض المقدسة ، يريدوننا ان نحزم امتعتنا وان نغادر بلدنا يريدوننا ان نستسلم لمؤامراتهم وسياساتهم وممارساتهم وهذا لن يحدث على الاطلاق ، سنبقى في هذه المدينة المقدسة وسنبقى ندافع عنها وعن هويتها واوقافها ومقدساتها مهما كثر المتآمرون والمتخاذلون ، لن نتخلى عن مدينتنا حتى وان تخلى عنا البعض وتآمر علينا البعض الاخر .
القدس لنا ومقدساتنا لنا والكنيسة لنا والبطريركية بطريركيتنا والاوقاف اوقافنا ونحن لسنا غرباء في وطننا ولسنا غرباء في كنيستنا .
من واجبنا جميعا ان ندافع عن القدس وان ندافع عن الحضور المسيحي المستباح والمهدد في هذه المدينة المقدسة ، نسبتنا اليوم هي 1% واعداءنا يخططون لجعلها 0% وهذا لن يكون ولن نستسلم للمؤامرات المعادية التي نعرف جيدا ما هي ادواتها ومن هم المتواطئون معها والمتخاذلون الذين هم جزء من المؤامرة التي تستهدف مدينتنا بشكل عام وحضورنا المسيحي بشكل خاص .
قدم سيادته للوفد تقريرا تفصيليا عن احوال مدينة القدس كما قدم وثيقة الكايروس الفلسطينية كما اجاب على عدد من الاسئلة والاستفسارات .
اما اعضاء الوفد فقد شكروا سيادة المطران على استقباله وكلماته ووضوح رؤيته وعبروا عن تضامنهم معه وهو الذي يتعرض لمضايقات واستهداف بسبب مواقفه واكدوا تضامنهم مع الشعب الفلسطيني المظلوم واهتمامهم بالحضور المسيحي الاصيل والعريق في هذه الارض المقدسة والذي يُستهدف بوسائل متنوعة ومختلفة .
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]