سيادة المطران عطا الله حنا يستقبل وفدا من منظمة السلام الاسترالية : " الدين ليس سورا يفصل الانسان عن اخيه الانسان بل هو جسور المحبة والاخوة والتواصل بين ابناء الاسرة البشرية الواحدة "
القدس – استقبل سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس اليوم وفدا من منظمة السلام الاسترالية وهي منظمة تعنى بشؤون الدفاع عن حقوق الانسان ونبذ العنصرية بكافة اشكالها والوانها وتضم في صفوفها عددا من رجال الدين من مختلف الاديان والاعراق الموجودة في استراليا كما انها تضم عددا من دعاة حقوق الانسان والسلام.
وقد ضم الوفد 30 شخصا حيث استهلوا زيارتهم للمدينة المقدسة بلقاء سيادة المطران عطا الله حنا الذي استقبل الوفد اولا في كنيسة القيامة ومن ثم في الكاتدرائية حيث كان لسيادته كلمة ترحيبية امام الوفد .
وقال سيادة المطران في كلمته بأننا سعداء بوجودكم وبزيارتكم للمدينة المقدسة وقد اتيتم من استراليا حاملين معكم رسالة التضامن والمحبة والسلام ، اتيتم لكي تتضامنوا مع شعبنا ولكي تنادوا بتحقيق العدالة المفقودة في بلادنا ولكي تؤكدوا ايضا بأن السلام هو ثمرة من ثمار العدل ولكي يتحقق السلام المنشود يجب اولا ان تتحقق العدالة في هذه الارض .
ما احلى وما اجمل ان يلتقي الاخوة معا وهذا ما يقوله داود النبي في مزاميره ونحن نلتقي في هذا المكان كأخوة في الانتماء الانساني وكأخوة وزملاء في دفاعنا عن حقوق الانسان ورفضنا للعنصرية والكراهية والتطرف بكافة اشكالها والوانها .
اتيتم من استراليا البعيدة عنا جغرافيا وانتم تنتمون الى ديانات واعراق وخلفيات ثقافية متعددة يجمعكم قاسم مشترك وهو الدفاع عن حقوق الانسان ورفض التمييز العنصري الذي يمارس بحق الشعوب والعمل على مناهضة العنصرية بكافة اوصافها ومسمياتها والقابها ، ونحن معكم في كل هذه المواقف والمبادىء التي تنادوا بها .
كم نحن بحاجة الى تكريس المفاهيم الانسانية التي تقرب الانسان من اخيه الانسان كما نحن بحاجة الى المناداة بقيم المحبة والاخوة والصداقة بين الشعوب ، كم نحن بحاجة الى مواجهة آفة التطرف والعنصرية والكراهية والعنف والارهاب وهي ظاهرة نلمسها ونلحظها في اكثر من مكان في عالمنا .
ان شعبنا الفلسطيني يناضل من اجل ان يعيش بحرية في وطنه بأمن وسلام واستقرار مثل باقي شعوب العالم ونحن نتمنى منكم وانتم تنادون بالدفاع عن حقوق الانسان ونبذ العنصرية بأن تكونوا الى جانب شعبنا وان تتفهموا معاناتنا وآلامنا واحزاننا ، نتمنى منكم ان تكونوا الى جانب شعبنا الذي ظلم كثيرا وتعرض لنكبات ونكسات ما زالت تداعياتها قائمة امامنا حتى اليوم.
ان التضامن مع الشعب الفلسطيني هو واجب اخلاقي وانساني وروحي ونتمنى خلال زيارتكم للقدس ولفلسطين الارض المقدسة ان تعاينوا بأم العين ما يتعرض له شعبنا من انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان ومن استهداف يطال مقدساتنا ومؤسساتنا وكافة مفاصل حياة شعبنا الرازح تحت الاحتلال والذي يحق له ان يعيش بحرية في وطنه .
اما مشرقنا العربي فقد تعرض لحملات ارهابية ظالمة وقد اوجد لنا الاعداء منظمات ارهابية بمسميات متعددة ومختلفة هدفها هو حرق الاخضر واليابس واستهداف اقطارنا العربية وحضارتها وتاريخها وتراثها والنيل من وحدة ابنائها ، لقد اغدق المال بغزارة على الارهاب الذي سبب الكثير من المآسي الانسانية في منطقتنا وقد دفعت عشرات المليارات من الدولارات على هذا الارهاب العابر للحدود وهذا المال لو استعمل من اجل الخير والبناء والرقي والتطور لما بقي انسان فقير في منطقتنا ولما بقي انسان جائع وعاطل عن العمل ولتم حل عددا من المعضلات الاجتماعية والحياتية والاقتصادية في هذه المنطقة العربية .
لقد عانت شعوبنا العربية من الارهاب وخاصة في سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر وغيرها من الاماكن ، والارهاب ايا كان لونه انما هي ظاهرة خارجة عن السياق الانساني والحضاري والروحي والاخلاقي .
يؤسفنا ويحزننا بأن نرى أن هنالك اناسا يقتلون ويذبحون ويمتهنون الكرامة الانسانية دون اي وازع انساني ، يؤلمنا ويحزننا ان هنالك من يتفننون في القتل والذبح والاعتداء على كرامات الناس وحريتهم ، وما اكثر ضحايا الارهاب في منطقتنا الذي ذبحوا وقتلوا او خطفوا وقد ادت هذه الممارسات الى كثير من المآسي الانسانية في مشرقنا العربي .
اود ان اقول لكم في هذا المكان المقدس الذي نلتقي فيه الان بأن الانسان لم يخلق لكي يكون اداة موت وعنف وقتل ، لم يخلق الانسان لكي يحمل سيفا ويذبح ولكي يحمل سلاحا ويقتل ، خلق الانسان على صورة الله ومثاله لكي يكون اداة خير وبناء ورقي وخدمة وتضحية في هذا العالم ، علينا ان نرفض ظاهرة التطرف والعنف والارهاب بكافة اشكالها والوانها وخاصة الارهاب الذي يلبس ثوب الدين والدين براء من هذه الافعال ، علينا ان نرفض العنف الذي يمارس بإسم الدين لاننا نعتقد بأن وجود الدين في عالمنا يجب ان يكون وجودا هادفا للسلام والحوار والتلاقي والمحبة بين الانسان واخيه الانسان ، ان من يصنعون من الدين سورا يفصل الانسان عن اخيه الانسان ومن يحولون الدين الى ذبح وقتل وامتهان للكرامة الانسانية انما يسيئون لرسالة الدين في عالمنا فالدين ليس قتلا وذبحا وتشريد وتدميرا وانما هي قيم اخلاقية وانسانية نبيلة ، الدين ليس سورا يفصل الانسان عن اخيه الانسان بل هو جسور المحبة والاخوة والتواصل بين كافة المنتمين للاسرة البشرية الواحدة التي خلقها الله تعالى .
نحن بحاجة لتكريس هذه المفاهيم في عالمنا وفي مجتمعاتنا ، وهنالك اناس يُضطهدون بسبب انتماءهم الديني ونحن نرفض ان يضطهد المسيحيون او المسلمون او اليهود او غيرهم من الناس بسبب انتماءهم الديني ، لا يجوز ان يُعتدى على اي انسان او ان يحرض على اي انسان او ان يتم الاعتداء على اي انسان بسبب انتماءه الديني او خلفيته الثقافية او لون بشرته .
نحن نرفض ان يُظلم اي انسان في هذا العالم بسبب انتماءه المذهبي او لون بشرته وعلينا ان نتعاون معا وسويا لكي ننشر في هذا العالم قيم المحبة والسلام والاخوة والتلاقي بين الانسان واخيه الانسان بعيدا عن الكراهية والعنصرية والتطرف والعنف والارهاب .
اما نحن في فلسطين فنحن بحاجة الى السلام ومشرقنا العربي يحتاج الى السلام وقد أُنهكت شعوبنا من الحروب والعنف والقتل والارهاب ، نحن في فلسطين نتوق الى تحقيق سلام مبني على العدالة والعدالة في مفهومنا هي ان تتوقف العنصرية الممارسة بحق شعبنا وان يزول الاحتلال وان تختفي الاسوار العنصرية وكافة المظاهر العنصرية الاحتلالية التي ستشاهدونها لدى تجولكم في هذه الارض المقدسة .
اقول لكم بأن كنيسة القدس ومسيحيي هذه الارض المقدسة يتوقون الى تحقيق السلام سلام العدل والحرية والكرامة وعودة الحقوق السليبة الى اصحابها ، سلامنا هو سلام حرية شعبنا وانعتاقه من الاحتلال وتحقيق امنياته وتطلعاته الوطنية .
نتمنى لكم التوفيق والنجاح وانتم تحملون هذه الرسالة الانسانية التي نتبناها ونقف الى جانبها ، نحن معكم في نضالكم الرافض للعنصرية في سائر ارجاء العالم ، نحن معكم في جهودكم الرافضة للعنف والارهاب وامتهان الكرامة الانسانية في اي مكان في هذا العالم .
ونقول لكم التفتوا الى فلسطين الارض المقدسة التي يُظلم ابنائها في كل يوم وفي كل ساعة ، التفتوا الى آلام وجراح ابناءنا فشعبنا يستحق ان تكونوا الى جانبه ، شعبنا يستحق ان تتضامنوا معه والتضامن مع شعبنا المظلوم هو انحياز للحق والعدل ونصرة للمظلومين والمتألمين والمضطهدين في هذا العالم .
قدم سيادته للوفد وثيقة الكايروس الفلسطينية كما قدم تقريرا تفصيليا عن احوال مدينة القدس من اعداد مؤسسة باسيا كما تحدث سيادة المطران في نهاية كلمته عن عراقة الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة وفي هذا المشرق العربي واجاب على عدد من الاسئلة والاستفسارات .
أما اعضاء الوفد فقد اعربوا عن افتخارهم واعتزازهم بلقاء سيادة المطران هذه الشخصية المسيحية الفلسطينية التي نحترمها جميعا ، انه داعية السلام والحوار والاخوة بين الاديان والشعوب والمدافع الصلب عن عدالة قضية شعبه والمناهض للعنصرية والكراهية والعنف والارهاب ونحن بدورنا نتطلع الى مزيد من التعاون مع سيادة المطران هذه الشخصية التي تحظى باحترامنا جميعا .
نشكركم على كلماتكم الصادقة وتوجيهاتكم القيمة كما ونشكركم على استقبالكم ومحبتكم وكلماتكم الصادرة من القلب الى القلب ، كما تم التداول في هذا اللقاء في جملة من الافكار والمشاريع المستقبلية .
[email protected]