سيادة المطران عطا الله حنا يستقبل وفدا من راهبات الاديرة الارثوذكسية في رومانيا : " هنالك استهداف للحضور المسيحي العريق في بلادنا بوسائل وادوات متعددة "
القدس – وصل الى المدينة المقدسة صباح اليوم وفد كبير من راهبات الاديرة الارثوذكسية في رومانيا وقد ضم الوفد 300 راهبة من دير اغابيا وغيره من اديرة الراهبات في مختلف المناطق الرومانية يرافقهم عددا من الاباء الكهنة والرهبان .
سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس استقبل الوفد الرهباني الكبير صباح اليوم في باحة كنيسة القيامة ومن ثم اقيمت الصلاة على نية الوفد امام القبر المقدس كما تجول الوفد داخل كنيسة القيامة وسجدوا لذخيرة الصليب المقدسة ومن ثم كانت هنالك محاضرة لسيادة المطران امام وفد الراهبات الاتي من رومانيا .
ابتدأ سيادة المطران كلمته بالترحيب بالراهبات والوفد المرافق من الكنيسة الرومانية الارثوذكسية الشقيقة مؤكدا بأن هذه الزيارات انما تأتي تأكيدا على اهمية مدينة القدس الروحية ومركزية مكانتها في العقيدة والايمان والتراث المسيحي .
نرحب بكم جميعا في اقدس مكان يكرمه المسيحيون في مشارق الارض ومغاربها الا وهو قبر الخلاص الفارغ حيث بزغ نور القيامة مبددا ظلمات هذا العالم .
نرحب بكم وبكافة اعضاء الوفد بإسم كنيستنا ومدينتنا وشعبنا طالبين منكم ان تذكروننا دوما في صلواتكم وفي ادعيتكم وان تصلوا من اجل كنيستنا وشعبنا وديارنا المقدسة لكي تتحقق العدالة ويسود السلام في هذه البقعة المقدسة من العالم وفي هذا المشرق العربي الذي نعيش فيه وفلسطين الارض المقدسة هي قلبه .
من هنا انطلقت الرسالة المسيحية الى مشارق الارض ومغاربها ، المسيحية لم تأتي الى فلسطين من الغرب كما يظن البعض بل من هنا انطلقت رسالتها الى مشارق الارض ومغاربها ولذلك فإن كنيسة القدس تسمى بأم الكنائس لانها تعتبر من الناحية التاريخية اول كنيسة شيدت في العالم .
هنا ارض الميلاد والتجسد والفداء ، هنا ارض القيامة والبركة والنور والخلاص ، هنا ارض القديسين والشهداء والاباء ، والاديار الارثوذكسية العريقة التي شيدت في القرن الرابع والخامس للميلاد في بلادنا لهي خير شاهد على ان الحياة الرهبانية انطلقت من هذه الارض المقدسة كما ومن الكنائس الرسولية العريقة في مشرقنا وهي الكنيسة الانطاكية وكنيسة الاسكندرية .
القدس مدينة السلام وهي مدينة وان كنا نعتبرها كمسيحيين قبلتنا الاولى والوحيدة الا اننا لا ننكر اهميتها في الديانات الاخرى ، نحن نعتبر مدينة القدس بأنها اقدم واعرق مركز روحي مسيحي في عالمنا ولكن هذا لا يجعلنا على الاطلاق ان ننكر حقوق الاخرين فنحن نحترم خصوصية القدس وهويتها وفرادتها وما تتميز به ، القدس مدينة يكرمها المؤمنون في الديانات التوحيدية الثلاث ونحن نحترم هذا البعد الذي تتميز به مدينتنا المقدسة ولكننا نرفض رفضا قاطعا واكيدا بأن يتجاهل البعض اهمية القدس في المسيحية ، فلا يجوز لاي احد ان يزور تاريخ القدس وان يدعي بأن القدس له وليست لسواه فالقدس مدينة تتميز بقدسيتها واهميتها في الديانات التوحيدية الابراهيمية الثلاث ومن واجبنا جميعا كمنتمين لهذه الديانات ان نحترم خصوصية هذه المدينة بعيدا عن ثقافة الاقصاء والتطرف ، بعيدا عن سياسة تزوير وتشويه طابع مدينتنا فلا يجوز لاحد ان يلغي وجود الاخر ولا يجوز لاحد ان ينكر اهمية القدس الروحية في الديانات التوحيدية الثلاث .
القدس مدينة السلام ومدينة التلاقي بين الديانات والحضارات ولكن سلام القدس مغيب بسبب ما يُرتكب بحق شعبنا الفلسطيني من مظالم ، ان السياسات الاحتلالية في المدينة المقدسة تستهدف ابناء الشعب الفلسطيني مسيحيين ومسلمين انها تستهدفهم في مقدساتهم واوقافهم ومؤسساتهم وكافة مفاصل حياتهم ، ان مدينة السلام سلامها مغيب ، كيف يمكن ان تكون القدس مدينة السلام في ظل ما يمارس بحق ابنائها الفلسطينيين من قمع وظلم واستهداف ، ان الاحتلال حول مدينة السلام الى مدينة كراهية وتطرف وعنف ، الاحتلال يسعى لبسط سيطرته على المدينة المقدسة وهم يقولون بأنها عاصمة اليهود وينكرون اهميتها في المسيحية والاسلام ، نذكر من يحتاجون الى تذكير بأن المخلص من مهده الى لحده عاش في هذه الارض المقدسة واهم المواقع الدينية المسيحية في عالمنا موجودة في فلسطين .
اما في الاسلام فالمسجد الاقصى يعتبر من اهم المعالم الاسلامية في مدينتنا ولذلك فإننا يجب ان نرفض سياسة الاقصاء والاضطهاد والتهميش التي تستهدف شعبنا الفلسطيني .
لسنا غرباء في مدينتنا ولسنا ضيوفا عند احد ولسنا عابري سبيل ، نحترم كل الديانات ونحترم خصوصية كل مؤمن ينتمي الى اي دين من هذه الديانات ولكننا نرفض تزوير تاريخ مدينة القدس وطمس معالمها وتهميش الحضور الفلسطيني المسيحي الاسلامي فيها .
الفلسطينيون مستهدفون في مقدساتهم واوقافهم ولا يستثنى من ذلك احد على الاطلاق ، ولا بد لي ان اقول لكم ما يجب ان تسمعونه مني لانه يبدو ان هذا القول لن تسمعوه من جهة اخرى بأن هنالك استهداف يطال المسيحيين في هذه الارض المقدسة وفي مدينة القدس بشكل خاص ، هنالك استهداف لاوقافنا الارثوذكسية التي هي جزء من تاريخنا وتراثنا وهويتنا والاحتلال يسعى عبر عملاءه ومرتزقته وادواته للاستيلاء على اوقافنا وخاصة في منطقة باب الخليل حيث الابنية الارثوذكسية العريقة والجميلة التي بناها اباء قديسون بعرقهم وتعبهم ودمائهم واليوم نرى من يأتي لكي يبيع هذا التراث بأبخس الاثمان ، انها خيانة عظمى بحق الكنيسة وبحق الايمان والتراث الارثوذكسي ، انه استهداف لتراثنا وتاريخنا وتشويه لطابع مدينتنا وتهميش واضعاف للحضور المسيحي العريق والاصيل في مدينتنا المقدسة .
نريد لضيوفنا الاتين الينا من مختلف ارجاء العالم ان يروا بأم العين ما يرتكب بحق كنيستنا من محاولات ومؤامرات هادفة لطمس وجودها وتهميش واضعاف الحضور المسيحي الفلسطيني الوطني في هذه البقعة المقدسة من العالم .
لقد اوجدت لنا القوى الاستعمارية الظلامية في عالمنا ظاهرة الارهاب الداعشية في هذا المشرق العربي بهدف استهداف الحضور المسيحي وغيرهم من المواطنين ، اوجدوا لنا داعش والنصرة وغيرها من المنظمات الارهابية بهدف افراغ المنطقة العربية من المسيحيين ومن غيرهم من المواطنين ، اما نحن في هذه الارض المقدسة فقد اوجد لنا الاعداء داعش ولكن بثوب مختلف ، اوجدوا لنا ادوات خطيرة ومشبوهة هدفها اضعاف وتهميش الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة واستهداف اوقافنا الارثوذكسية انما يأتي في هذا الاطار وكل هذا يتم بغطاء من قوى وجهات سياسية انما هي متواطئة ومتآمرة على مدينة القدس وعلى تاريخها وهويتها وعراقتها وعلى الحضور المسيحي الاصيل فيها .
مشكلتنا ليست مع الاحتلال فقط وانما ايضا مع عملاءه ومرتزقته وسماسرته وادواته ومن يبررون ويغطون هذه الافعال بحق ابناء شعبنا وقدسنا واوقافنا وعقاراتنا المستهدفة .
هنالك مؤامرة كبيرة محدقة بنا وقد اصبحت اليوم الصورة واضحة وضوح الشمس فما لم يكن واضحا في الماضي اصبح اليوم واضحا واصبح الجميع مدركين لخطورة ما يحدث بحق كنيستنا وبحق اوقافنا المستهدفة والمستباحة في مدينتنا المقدسة .
نحن بحاجة الى كثير من الصلاة لاننا لا نثق بالسياسيين الذين اجندتهم هي اجندة هذا العالم ، أما اولئك الذين اجندتهم هي اجندة الايمان والعبادة والتقوى فهؤلاء نتمنى منهم ان يصلوا من اجلنا ومن اجل كنيستنا لاننا نعتقد بأن الرب هو حامينا وهو حامي وحافظ كنيسته ، لا نثق بأية جهة سياسية فثقتنا هي بالله وحده وبأولئك الذين يتحلون بالاستقامة والصدق والايمان والورع .
نحن على يقين بأن الله لن يتركنا مهما كثر المتآمرون والمتخاذلون ، ان الله لن يترك كنيسته مهما كثر اولئك الذين يصلبون و يطعنون هذه الكنيسة .
نقول للمتخاذلين والمتآمرين عودوا الى رشدكم ونتمنى ان تزول الغشاوة عن بصركم لكي تكتشفوا خطورة وجسامة ما تقومون به بحق مدينتنا وبحق كنيستنا .
نحن لا ندعو على احد بالشر ولكننا ندعو للضالين بالهداية لكي يكتشفوا الطريق القويم ولكي يكونوا من اولئك الذين يعملون على حماية القدس وصون اوقافها والحفاظ على تاريخها وهويتها الحقيقية .
المسيحيون الفلسطينيون وبغالبيتهم الساحقة اصبحوا مدركين لخطورة المؤامرة التي يتعرضون لها ، قد اصبح واضحا من هو العدو ومن هو العميل ومن هو المتواطىء والمتخاذل ، كلهم معروفون واجنداتهم معروفة واهدافهم يعرفها الجميع ، ندعو لهؤلاء بأن يعودوا الى رشدهم ، ندعو لهم بأن يتوبوا وان يعودوا الى ربهم فما فائدة المال والارصدة البنكبة بدون القيم والاخلاق والاستقامة والمبادىء ، ان المال وحده لا يدخل السعادة الى حياة الناس وخاصة عندما يكون مالا ممزوجا بالخيانة، ان الذي يُدخل السعادة الى قلوب الناس هي الاستقامة والصدق والخدمة والعطاء وغيرها من القيم التي ننادي بها .
لن نستسلم لاولئك المتآمرين علينا والذين يسرقون وينهبون اوقافنا بغطاء من جهات سياسية هي جزء من المؤامرة التي تستهدفنا كفلسطينيين وتستهدفنا كمسيحيين في هذه الارض المقدسة .
الصورة اصبحت واضحة وشعبنا الفلسطيني بكافة مكوناته وامتنا العربية وكافة احرار العالم باتوا يدركون حقيقة ما يحدث في مدينة القدس.
ان الازمة الارثوذكسية الراهنة لم تبقى قضية ارثوذكسية فحسب بل اضحت قضية راي عام في بلادنا وفي مشرقنا وفي العالم بأسره ، الغالبية الساحقة من ابناء امتنا وشعبنا يعرفون حقيقة ما يحدث في القدس وحقيقة ما يحدث بحق اوقافنا المسيحية واصبح معلوما لدى الجميع بأن هنالك متواطئون ومتخاذلون يغطون هذه التجاوزات وهذه الاخطاء وهم ليسوا قادرين بعدئذ على تغطيتها لان تراكمات هذه الاخطاء وهذه التجاوزات اصبحت اكبر بكثير من ان يتمكن احد من تغطيتها وتبريرها والدفاع عنها .
اعداءنا ليسوا فقط من يسرقون عقاراتها ويستولون عليها عبر عملائهم وسماسرتهم ، اعداءنا ايضا هم اولئك الذين يغطون هذه التجاوزات ويبررونها بشكل اصبح غير مقبول على اي انسان عاقل في هذه الارض المقدسة .
نطلب من الكنيسة الرومانية ومن كافة الكنائس في عالمنا ان تلتفت الى مدينة القدس وما يحدث فيها ، يجب ان تعرفوا حقيقة ما يحدث لان هنالك من يضللون ويزورون الوقائع والحقائق .
كما قدم سيادته للوفد تقريرا تفصيليا عن احوال مدينة القدس وعن احوال الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة .
اختتم سيادة كلمته قائلا بأن المسيحيين الفلسطينيين يحبون وطنهم ويدافعون عن عدالة قضية شعبهم ولن نتخلى عن انتماءنا لهذه الارض وجذورنا العميقة في تربتها .
اما اعضاء الوفد فقد شكروا سيادة المطران على استقباله وكلماته واعربوا عن اهتمام الكنيسة الرومانية بما يحدث في مدينة القدس وفي الاراضي الفلسطينية كما اكدوا تضامنهم مع الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة ومع الشعب الفلسطيني الذي يناضل من اجل تحقيق طموحاته وتطلعاته الوطنية .
نحن نتضامن مع سيادة المطران الذي يتعرض للمضايقات بسبب مواقفه والكنائس الارثوذكسية في عالمنا تعرف جيدا ما يحدث في كنيسة القدس وسيكون هنالك تحرك في وقت قريب لاننا لا يمكننا ان نبقى صامتين متفرجين على هذه المؤامرة الخطيرة والغير مسبوقة التي تتعرض لها الكنيسة المقدسية .
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]