اقشت الباحثة العراقيّة " تمارة رياض ذنون محمد " في قسم اللغة العربية/ كلية التربية للعلوم الإنسانيّة/ جامعة الموصل/العراق رسالتها الماجستير استكمالاً لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في الأدب العربي،وقد حملت الرسالة عنوان "شعريّة الوصف في قصص سناء الشعلان" حول المنجز القصصي المنشور للأديبة الأردنية ذات الأصول الفلسطينية؛إذ تناولت الرسالة دراسة مجموعاتها القصصيّة: تراتيل الماء،وأرض الحكايا،والكابوس،وقافلة العطش، ومذكرات رضيعة،والذي سرق نجمة،وحدث ذات جدار،وتقاسيم الفلسطيني،وناسك الصومعة، ومقامات الاحتراق،والهروب إلى آخر الدنيا.
وقد أشرف على الباحثة في رسالتها هذه الدكتور صالح محمد عبدالله العبيدي من جامعة الموصل،في حين تكونت لجنة المناقشة من كل من:أ.م.د.عشتار داؤود محمد/رئيساً،وأ.م.د.إسماعيل إبراهيم فاضل/عضواً،وأ.د.م.غنام محمد خضر/عضواً،وم.د.صالح محمد عبد الله/عضواً ومشرفاً.
وقد قدّمت الباحثة في مناقشتها شكرها لكلّ من كان في عونها في إنجاز رسالتها هذه ،إذ قالت:"في البدء أقدم شكري وامتناني للـمشرف الأول على البحث، الأستاذ الدكتور فيصل غازي النعيمي، على نصائحه واختياره لـموضوع البحث. وكذلك أوجه شكري وتقديري للـمشرف الثاني على البحث الدكتور صالح العبيدي الذي أمدني بالـمصادر والـمراجع والنصائح الـمنهجية والعلـمية.ومن واجب الشكر والعرفان عليّ، أن أوجه شكري وتقديري إلى القاصة الدكتورة سناء الشعلان التي أمدتني بكل ما احتجته من مجموعات قصصية، ومقالات وكتب ، فلها مني وافر الشكر والتقدير.وكذلك أقدم شكري وتقديري للدكتور غنام محمد خضر، على دعمه لي بالكتب والنصائح.وعميق الشكر وأطيبه إلى مكتبة قسم اللغة العربية في كلية التربية / جامعة كركوك، وكذلك أطيب الشكر للدكتور أرشد قاسم الذي أمدني ببعض الـمصادر والـمراجع.فلهم جميعا شكري وتقديري".
وقد اعتمدت الباحثة في رسالتها هذه على مقاربة منهجية تجمع بين التحليل البنائي لمكونات التركيب النصي للوصف،وبين تفعيل دور المكون الدلالي للمفردات والجمل الوصفية التي يمكن استكناه دلالاتها من خلال علاقاتها على مستوى البنية النصية والتركيبية، ولاسيما الدلالة للخطاب الوصفي بشكل عام استنادا إلى المقاصد النصية وما يحتويه الخطاب من جماليات وإحالات اجتماعية وسياسية ونفسية وذاتية.
واستنادا إلى هذا الوصف العام لطبيعة العمل في هذه الدراسة، فقد اشتملت الدراسة في إطار الخطة المنهجية على مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة، وقائمة بالمصادر والمراجع.
أمّا التمهيد فقد اشتمل على أربعة محاور، الأول يتناول مدخلاً نظرياً إلى مفهوم الشعرية عند الغرب والعرب،والثاني تناول مدخلاً نظرياً إلى الوصف القصصي،والثالث تناول مدخلاً نظرياً إلى مفهوم القصة القصيرة،أمّا الرابع فقد تضمّن موجز حياة والتجربة الأدبية للقاصة سناء الشعلان.
أما الفصل الأول المعنون بـ(الوصف ومستوى العلاقة التفاعلية مع السرد والحوار والحدث)،فقد اشتمل على ثلاثة مباحث:في المبحث الأول درست الباحثة العلاقة بين الوصف والسرد،استناداً إلى الوصف الموجه من قبل السرد الذي اشتمل على ثلاثة أنواع من الوصف هي: الوصف البسيط،والوصف المركب، والوصف الانتشاري. أمّا في المبحث الثاني،فدرست الباحثة العلاقة بين الوصف والحوار من خلال نوعَي الحوار:الخارجي والداخلي،وما يتوفر كل منهما على أنواع حوارية تتمثل بـ(الحوار المجرد، والحوار الرمزي، والحوار المركب الوصفي/ التحليلي) في إطار الحوار الخارجي، و(المنولوج، والمناجاة، والتخييل) في إطار الحوار الداخلي.أمّا المبحث الثالث فقد اشتمل على دراسة العلاقة بين الوصف والحدث من حيث الوصف الاستهلالي للحدث، والوصف الممهد للحدث.
أمّا الفصل الثاني المعنون بـ(فاعلية التوصيف للشخصية والمكان)،فقد تضمن مبحثين، درست الباحثة في المبحث الأول وصف الشخصية من حيث الوصف الخارجي والداخلي.واشتمل المبحث الثاني على دراسة وصف المكان من خلال ثلاثة محاور،الأول دَرَسَ الرؤية الوصفية للمكان التي تمثلت في الرؤيتين الانتقائية والاستقصائية،والثاني اشتمل على دراسة أقسام المكان الموصوف المتمثل بمكانين،هما المكان العام والخاص،والثالث درس وصف الأشياء.
أمّا الفصل الثالث والأخير المعنون بـ(جماليات الشعرية في الخطاب الوصفي القصصي)،فقد تضمّن مبحثين، تناول المبحث الأول تقنيات الخطاب الوصفي المتمثلة بـاللغة والمؤثرات البلاغية، والمفارقة الوصفية، والرمز والأسطورة. وفي المبحث الثاني درست الباحثة وظائف الخطاب الوصفي المتمثلة بثلاث وظائف هي: الوظيفة التزيينية،والوظيفة التفسيرية،والوظيفة الإيهامية.
ثم كانت الخاتمة التي اشتملت على أهم نتائج البحث، وكذلك قائمة المصادر والمراجع التي تضمنت هي الأخرى مصادر البحث ومراجعه المعتمدة في هذه الدراسة.
والجدير بالذّكر أنّ الباحثة قد توصلت إلى عدّة ناتئج على المستويين النظري والتطبيقي،وهي تتمثّل عندها في:
1-إن موضوع الشعرية من المفاهيم المتشعبة، والمتجذرة في عمق التأريخ، فقد تعددت فيه المفاهيم، والآراء ولاسيما في زمن الترجمات المتنوعة والمتضاربة أحيانا. وهذا التداخل والتعدد دفع الباحثة إلى تقصي الآراء والمفاهيم لكبار الكتّاب والنقاد، والأخذ بما يناسب الدراسة نظريا وتطبيقيا.
2-إن الوقوف عند موضوع الشعرية في إطار علاقتها بالوصف القصصي داخل النسيج السردي المشتمل على عناصر القصة، يمثل الأساس لهذه الدراسة، حيث تبيّن أن لغة الوصف إحدى أدوات الشعرية التي استعملت استعمالا جماليا وأدبيا جعلها بعيدة عن التقريرية والمباشرة.
استطاعت القاصة أن توظف عنصر الوصف بشكل شعري متميز من الناحية اللغوية والدلالية، حيث نجده ممتزجا ومتداخلا مع مجمل عناصر القصة لابوصفه عنصرا تزيينيا فحسب، وإنما بوصفه عنصرا محوريا فاعلا ذا قدرة تفسيرية ودلالية مميزة. لاسيما أن القصص في مجمل المجاميع القصصية حافلة بالوصف الأدبي الذي تعد الشعرية سمة بارزة فيه.
3-في إطار الفصل الأول، توصلت الباحثة إلى أن للوصف سمة بارزة من مميزات الكتابة الأدبية، من خلال هذا التداخل العلائقي بينه وبين السرد والحوار والحدث. فهناك في المسار التوظيفي لهذه العلاقة البنائية التفاعلية بين الوصف وهذه العناصر الثلاثة، إذ مكنت القاصة من التعبير الحر والفعال عن مجمل مكامن هذه العلاقات ذات الطابع الشعري المعبرة عن حركة الواقع بمجمل الدلالات الاجتماعية والسياسية والدينية.
4-كشفت النصوص الوصفية – موضوع التحليل – عن تلك العلاقة بين الوصف والسرد في إطار الحركة التضادية والتداخلية التي نتج عنها أنواع من الأشكال الوصفية كالوصف البسيط، والمركب، والانتشاري.
5- تمكّن الوصف المقدم من قبل القاصة من رسم الحدث، وتشخيص بيئته، والكشف عن دوره الفاعل في نمو المسار الحركي والوصفي للقصة، وتطوره.
6-كذلك من خلال الحوارات بين الشخصيات القصصية، فإن الوصف كان حاضرا ومؤثرا في الكشف عن طبيعة هذه الجمل الحوارية، فقد أكسبها دلالاتها الشعرية، وجعل المتلقي يستشعر عمق التعبير الحواري وقوته؛ المستمد من تجارب الشخصيات القصصية وتجاربهم على المستويين الخارجي والداخلي.
7-أما في الفصل الثاني، فتبيّن للباحثة أن الوصف في عالم القاصة الأدبي استخدم بكفاءة بالغة، فكان مشحونا بالتوقعات والمدهشات في معظم مفاصل العمل القصصي.
8-كان للوصف دورٌ فاعلٌ في الكشف عن المظهر الشكلي والفكري للشخصيات، فكشف عن طباعها وأخلاقها عبر مشاهد وصفية مؤلفة ومركبة بشكل دقيق وعميق ودال. فقد كانت بعض المشاهد الوصفية للشخصية حركية تعبر عمّا يسمى بالصورة السردية، وبعضها الآخر كان ثابتا يصوّر الشخصية في تأملاتها، وشكلها الخارجي.
9-لم تهتم القاصة كثيراً بتحديد المظاهر الشكلية الخارجية للشخصية بقدر اهتمامها بالتركيز على أفعالها وأقوالها ومظهرها الفكري والاجتماعي، ومستوى حركتها وفعلها داخل الواقع الفعلي. ذلك أن القصص لم تكن توثيقاً وتصويراً للمظاهر الشخصية بقدر ما كانت تصوّر وتكشف عن المعاني والدلالات الكامنة خلف ستار الحركة والفعل والواقع العملي وما يتوفر عليه من إمكانات سلبية أم إيجابية.مع التركيز على الجانب السلبي والسخرية منه ونقده نقدا حادا أحيانا كثيرة.
10-كذلك الحال مع وصف المكان، فقد كان التعامل مع المكان لا من حيث الحجم والمناظر، والألوان المختلفة، ولكن كانت الرؤية القصصية الوصفية متمركزة على عدّ هذه الأماكن رموزا ذات صفة تجريدية دلالية حاملة للكثير من المعاني الجمالية، والوظائف الفنية.
11-وكان المكان عنصرا فاعلا في القصص بوصفه الأرضية التي تحتوي الشخصيات وكل ما يتعلق بها من انفعالات وأحداث وتصورات وأفعال سردية. فكان المكان ممثلا حيويا ومهما في احتواء الشخصيات وحركتها وفعلها، وتجسيدا صوريا وفكريا لوجودها وهويتها.
12-أما في الفصل الثالث، فقد كانت لغة الوصف المشتملة على المؤثرات البلاغية، والتعبيرات الشاعرية الموحية، التي أسهمت في تشكيل جمل مكثفة ودالة ذات صفة شعرية في الغالب بما توفرت عليه من جماليات تعبيرية وتقنيات وصفية.
13-كذلك فقد توفرت النصوص الوصفية على تنويعات مختلفة لهذه الجمل والعبارات التي تستند إلى إيقاع التكرار والتوازي، والانزياح لتؤسس إيقاع الجملة والنص القصصي. فالقاصة اعتمدت المظهر اللغوي الوصفي الذي يهدف إلى رسم صورة جمالية مؤثرة. كذلك حفلت اللغة الوصفية بالكثير من المفارقات الوصفية اللفظية، والدرامية المشتملة على مجموعة من الأضداد والتناقضات والصراعات المتعلقة بالواقع الفعلي للمشهد الوصفي.
14-كذلك حاولت القاصة من خلال عنصري الإيحاء والتكثيف توظيف الرمز والأسطورة على نحو واسع ومكثف للتعبير عن تلك الجوانب الحياتية ذات الطابع الساخر والمأساوي. فكانت بهذا التوظيف الترميزي للرموز والأساطير معبرة عن مشاكل الإنسان ووجوده ومصيره وما يعانيه في واقعه المرير من هموم فكرية، واجتماعية، وسياسية.
15- وفيما يتعلق بالوظائف الوصفية، فقد تنوعت هذه الوظائف، وكان للوظيفة التفسيرية الاشتغال الأكبر في النصوص القصصية، نظرا للغة الوصف الإيحائية الرمزية التي لاتهتم بالشكل قدر اهتمامها بالفكرة والمعنى. حيث كانت الوظيفة الإيهامية ماثلة بنسبة متوسطة خصوصا في النصوص ذات الطابع الواقعي الذي يرصد مفردات الواقع بشكل مماثل وتقريبي من أجل الإيهام بالواقع. أما الوظيفة التزيينية فقد استعملت على نحو قليل نظرا لما ذكرناه آنفا من أن التركيز كان على الفكرة والدلالة والرمز أكثر من المظاهر الشكلية. ومع ذلك فقد كان
لهذه الوظيفة دورٌ فاعلٌ في الكشف عن مظهر وطبيعة تشكل الصورة الوصفية للشخصيات ومدى تأثيرها على المستويين التركيبي والدلالي.
[email protected]