سيادة المطران عطا الله حنا يستقبل وفدا كنسيا روسيا : " الوطن وطننا والقدس قدسنا والمقدسات مقدساتنا ولن نستسلم لاولئك المتآمرين على حضورنا التاريخي العريق في هذه الارض "
القدس – وصل الى المدينة المقدسة صباح اليوم وفد كنسي روسي ضم عددا من الاساقفة ورؤساء الاديار والاباء والرهبان والراهبات الذين وصلوا في زيارة حج الى الاماكن المقدسة في فلسطين كما وسيقومون بجولة تشمل عددا من البلدات الفلسطينية للاطلاع عن كثب على اوضاع الحضور المسيحي في فلسطين ، والاعراب عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني بشكل عام ، كما وسيقوم الوفد الكنسي الروسي بالاطلاع على اوضاع مدينة القدس ومتابعة ملف العقارات الارثوذكسية المسربة لجهات اسرائيلية .
استهل الوفد الكنسي الروسي زيارته للمدينة المقدسة بلقاء سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس الذي رحب بزيارة الوفد الى المدينة المقدسة واهتمام الكنيسة الروسية بمسألة الحضور المسيحي في هذه البقعة المقدسة من العالم كما واهتمامهم بالتضامن مع شعبنا المناضل من اجل الحرية .
قال سيادة المطران في كلمته بأن المسيحيين الفلسطينيين هم ابناء هذه الارض المقدسة الاصليين وهم ليسوا بضاعة مستوردة من اي مكان في هذا العالم ، نحن اصيلون في انتماءنا لهذه الارض ونحن ننتمي الى الشعب الفلسطيني المناضل من اجل الحرية جنبا الى جنب مع اخوتنا المسلمين شركاءنا في الانتماء الانساني وفي الانتماء الوطني .
جذورنا عميقة في تربة هذه الارض كشجرة الزيتون التي ترمز الى السلام ولكنها ترمز ايضا الى التعلق والتشبث بهذه الارض المقدسة وتاريخها وهويتها ومقدساتها .
الحضور المسيحي في هذا المشرق العربي تعرض خلال السنوات الاخيرة لمؤامرة تقودها جهات استعمارية مشبوهة بهدف افراغ منطقتنا من المسيحيين ، فقد اوجدوا لنا داعش واخواتها من المنظمات الارهابية الخارجة عن السياق الانساني والحضاري وهؤلاء كانوا بارعين في ذبح المسيحيين والتنكيل بهم وتدمير كنائسهم وخطف مطارنتهم ، فقد استهدف المسيحيون في سوريا وفي العراق وفي غيرها من الاماكن وهذه المنظمات الارهابية لم تستهدف فقط المسيحيين بل استهدفت كافة مكونات امتنا العربية ومشرقنا العربي ، لقد اوجد الاعداء لنا هذه المنظمات الارهابية بهدف حرق الاخضر واليابس وطمس المعالم الحضارية والتاريخية وتشويه طابع منطقتنا ومشرقنا والنيل من وحدة شعوبنا وثقافة العيش المشترك في بلداننا ، لقد اوجدوا هذه المنظمات الارهابية بهدف تفكيك المفكك وتجزئة المجزء والعمل على افراغ مشرقنا العربي من الحضور المسيحي الاصيل ومن غيره ايضا من المكونات الاساسية التي تكون هذا المشرق العربي ، أما نحن في فلسطين فقد اوجدوا لنا داعش بثوب مختلف ، اوجدوا لنا من يسعى وبوسائل متنوعة ومختلفة على اضعاف وتهميش الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة ، ان نسبتنا كمسيحيين في هذه الارض المباركة لا تتجاوز ال1% وهذا المخطط المشؤوم الذي يستهدفنا عبر ادواته واذرعته انما هدفه هو تحويل ال1% الى 0% ، قضيتنا ليست قضية اوقاف تسرق منا عبر سماسرة ومرتزقة فحسب وانما مشكلتنا تكمن في هذا المخطط المبرمج ومنذ سنوات بهدف افراغ منطقتنا من المسيحيين ، والهجرة المسيحية ما زالت مستمرة وهذا النزيف يؤلمنا ويحزننا جميعا اذ لم يبقى في مدينة القدس اكثر من 10000 مسيحي ومن كل الطوائف وهذا العدد مرشح للتراجع في ظل ما يخطط لنا وما يرتكب بحقنا من سياسات هادفة لسرقة اوقافنا وعقاراتنا والنيل من هويتنا الوطنية واضعاف وتهميش حضورنا في هذه الارض المقدسة .
منذ سنوات ونحن نعيش في ظروف مأساوية وفي ظل تجاوزات واخطاء يُندى لها الجبين .
منذ سنوات ونحن نعاني من الاضطهاد والعنصرية والتهميش والاستهداف وبالرغم من مناشداتنا وندائاتنا المتكررة الا ان هذه الكلمات وهذه المناشدات لم تحدث اي تغيير ويبدو انها لم تصل الى حيثما يجب ان تصل.
نتمنى ان تتدخل الكنيسة الروسية لانقاذنا من الكارثة المحدقة بنا كما ونتمنى ان تتدخل كافة الكنائس الارثوذكسية في عالمنا وكافة الكنائس الاخرى لانقاذ ما تبقى من مسيحيين في هذه الارض المقدسة ، لان المؤامرة التي تستهدفنا هي اخطر بكثير مما يتوقعه البعض ، فهنالك اطراف متورطة في هذا المشروع وهنالك اشخاص كان من المفترض ان يكونوا امناء على هذا الحضور المسيحي فإذا بنا نكتشف انهم جزء من المؤامرة التي تستهدف حضورنا وثباتنا واستمرارية وجودنا في هذه الارض .
اننا ندق ناقوس الخطر ونتمنى ان يصل صوت هذا الناقوس الى حيثما يجب ان يصل ، هنالك من يخططون لطمس وجود معالم كنيستنا في هذه الارض المقدسة ، وهم يبيعون كل شيء بأبخس الاثمان ، نحن لا نعلم ماذا يخبىء لنا المستقبل ولكن ما نعلمه اليوم بأن اوقافنا بيعت وتباع بطرق غير قانونية وغير شرعية والتطاول على اوقافنا هو تطاول على تاريخنا وتراثنا وعراقة وجودنا في هذه الارض المقدسة .
اذهبوا الى باب الخليل وانظروا الى الابنية الارثوذكسية العريقة الموجودة هناك والتي تخطط الجماعات الاستيطانية للاستيلاء عليها وهي الصفقة المعروفة بصفقة باب الخليل ، باب الخليل الذي يعتبر بوابة القدس الى كنيسة القيامة والى الاديرة والبطريركيات المسيحية مهدد بالمصادرة وهذا قد يحدث في اي وقت واذا ما حدث ستكون هنالك انتكاسة غير مسبوقة لحضورنا المسيحي في هذه المدينة المقدسة ولمدينة القدس بشكل عام .
لا نريد ان تتحول كنائسنا واماكننا المقدسة الى متاحف يؤمها الحجاج والزوار من كل حدب وصوب ، لا نريد ان يختفي الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة ونحن نشاهد هذه المأساة في كل يوم وفي كل ساعة ، لا نريد ان يختفي حضورنا التاريخي العريق والذي كان دوما حضورا فاعلا في الحياة الثقافية والانسانية والوطنية في هذه الارض المقدسة .
الكنيسة الارثوذكسية هي الكنيسة الام والكنيسة الاقدم والاعرق في هذه الارض المقدسة واستهدافها هو استهداف للحضور المسيحي ولكافة المسيحيين في هذه الارض المقدسة كما انه استهداف لكل الشعب الفلسطيني ولهذا الوطن الذي ننتمي اليه وندافع عن عدالة قضيته .
لسنا غرباء في هذه الارض المقدسة ولسنا غرباء في رحاب مقدساتنا ، نحن نرفض ان نعامل كالغرباء في هذه الارض المقدسة وفي هذه المقدسات التي تشير الى تاريخ وعراقة وقدسية بلادنا ، نحن لسنا ضيوفا عند احد فالوطن وطننا والارض ارضنا والمقدسات مقدساتنا ونحن ننتمي بكل جوارحنا لهذه الارض المقدسة التي نعيش آلامها وجراحها ومعاناتها.
بمعونة الرب وبركته لن يتمكن احد من الغاء وجود كنيستنا في هذه الارض ولكن هذا ايضا يحتاج الى جهد ابناء كنيستنا اولا وكافة المسيحيين في هذه الارض ، ويحتاج الى مؤازرة شعبنا الفلسطيني وابناء امتنا العربية .
ان الازمة الارثوذكسية الراهنة اصبحت قضية رأي عام ولم تبقى مقصورة على طائفتنا او على مسيحيينا فهذه القضية يتم تداولها في كافة وسائل الاعلام واصبح الجميع يعرفون ان هنالك ازمة ارثوذكسية في فلسطين تحتاج الى معالجة سريعة وجذرية لوقف هذه المأساة ولوقف هذا النزيف الذي نعيشه منذ سنوات .
نتمنى من الكنيسة الروسية ان تكون الى جانبنا وهذا ما نتمناه من كافة الكنائس الشقيقة لان مسألة الحضور المسيحي المهدد والمستباح في فلسطين انما هي مسألة تهمنا جميعا وتهم كافة اولئك الذين يحبون هذه الارض المقدسة ويعشقون مقدساتها وتاريخها وتراثها .
اقول لشعبنا الفلسطيني لا تتركونا لوحدنا نقارع جلادينا المتآمرين علينا وعلى حضورنا ومقدساتنا واوقافنا ، لا تتركونا لوحدنا ندافع عن اوقافنا المستباحة التي يتم تسريبها بطرق خبيثة وملتوية وغير قانونية وغير شرعية ، وكما وقفنا معا وسويا في الدفاع عن الاقصى هكذا يجب ان نكون معا وسويا في دفاعنا عن اوقاف باب الخليل المهددة بالمصادرة وغيرها من الاوقاف .
" لا يحك جلدك الا ظفرك " ونحن نعتقد بأننا قادرون بوحدتنا كفلسطينيين ان نحقق الكثير من الانجازات ويساعدنا في ذلك اصدقاءنا المنتشرون في سائر ارجاء العالم ، نراهن على وحدتنا الوطنية ونتوقع من اصدقاءنا ان يكونوا الى جانبنا في هذه المحنة التي نمر بها .
قدم سيادته للوفد تقريرا تفصيليا عن الواقع الارثوذكسي بشكل خاص وعن وضع مدينة القدس بشكل عام كما اجاب على عدد من الاسئلة والاستفسارات .
اما اعضاء الوفد فقد شكروا سيادة المطران على كلماته ومواقفه ودفاعه عن كنيسته وعن الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة وفي هذا المشرق العربي ، اننا نقف الى جانبكم وسنبذل اقصى ما يمكن من جهد من اجل ان نكون الى جانبكم بشكل فعلي ، نحن نعبر عن تضامننا معكم كما ونتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يضطهد ويستهدف بسبب انتماءه لهذه الارض ودفاعه عن قضيته العادلة ، نحن مع فلسطين وشعبها ومقدساتها واوقافها والكنيسة الروسية حريصة على ان تكون دوما مع مسيحيي هذه الارض المقدسة سدنة المقدسات وابناء هذه الارض التي منها بزغ نور الايمان الى مشارق الارض ومغاربها.
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]