كنا معا في نفس الصف الثاني عشر في المدرسة الثانوية البلدية التي أدارها المرحوم إبراهيم طوقان في مدينة شفاعمرو. كان ذلك قبل أربعة وثلاثين عاما. وكنا قد تجمّعنا من مختلف الحارات والأحياء في شفاعمرو، من حي الفوار ومن ظهر الكنيس ومن البلد القديمة ومن منطقة السوق ومن الشيكون ومن كل رحاب هذه البلدة الرائعة ومن كل الطوائف وهذا غني عن القول لأن شفاعمرو كانت دائما تحفل بالروح المشتركة والمتسامحة والتآخي بصورة طبيعية تلقائية وعفوية غير مفتعلة ولا متصنعة.
وتفرقت طرقنا بعد التخرج من الصف الثاني عشر فذهبت أنا للدراسة في الجامعة العبرية في القدس وكذلك كمال خوالد ونزيه بقاعي وعصام نصرالله، وذهب عصام صباح وماهر مشعور ومالك شحادة وزهير لوسيا وغيرهم للدراسة في التخنيون بحيفا واختار آخرون مثل الدكتور عطاالله جبران الدراسة في رومانيا، خارج البلاد.
حيث اختار كل منا طريقا آخر في الحياة وشاءت الظروف أن تجمعنا من جديد ظروف جميلة في أحضان نفس المكان الذي فيه ترعرعنا وكانت الحجة التي التقينا في كنفها حصول عصام صباح على لقب بروفيسور في مجاله، وكانت حجة رائعة لنلتقي من جديد.
تعانقنا وكأن الزمن ليست له أي صلة ولا يمكن التدخل في العلاقات الإنسانية الطيبة بل عل العكس فالبعد في الأماكن والأزمنة جعل الشوق اكبر والجنين اجمل لنجلس معا.
تغيرنا في ملامحنا الخارجية فلم يعد الشعر اسود وربما لم يعد شعر اصلا وودعنا رشاقتنا ونحافتنا (خاصة أنا)، وبعضنا لم يودع العزوبية حتى (رمزي حداد آدم لوسيا).
المهم انها كانت من أبهى وأجمل اللحظات في تبادل النهفات والذكريات. التقيت بالبعض في مناسبات مختلفة بين الحين والآخر سواء كان ذلك في الأفراح والأتراح، إلا أن هناك من لم ألتق به منذ تخرجنا من الصف الثاني عشر في ثانوية شفاعمرو في عام 1983، مثل أسامة حداد أو عوني البشت لكن الغريب في الموضوع أن نفس الروح الشبابية اليافعة والطافحة بالنضارة كانت شحنتنا الرئيسية في هذا الجمع الجميل.
منّا من اتخذ الإعلام والكتابة للأطفال منهجًا له مثلي، ومنّا من أخذ بدروب العلوم الدقيقة والاكتشافات العلمية مثل الباحث كمال خوالد صاحب الابتكارات وبراءات الاختراع العالمية في مجال طب الأسنان، والبروفيسور عصام صباح الذي يقوم بأبحاث عالمية في مجال المياه والبيئة، ومالك شحادة صاحب مركز طبي كبير في مجال الإسعاف الأولي وأسامة حداد في مجال الهندسة، ونزيه بقاعي في تدقيق وإدارة الحسابات، وعوني البشت في التعاطي مع الطلاب في ضائقة، ورمزي حداد وماهر مشعور في مجال الحوسبة، وزاهر عزام في مجال ميكانيكيات السيارات، وفاروق فرهود في الإدارة التربوية، آدم لوسيا في المرافق التجارية والاقتصادية وعصام نصرالله في الحسابات وإدارة الموارد وعطاالله جبران في مجال طب الأسنان.
لم يصبح أي منا جدا حتى الآن لكن أولادنا الكبار في سن 24 عاما.
الجميع يسكنون في شفاعمرو التي منها سافروا للدراسة أما أنا فأقيم في مدينة باقة الغربية.
في الصورة: *نزيه بقاعي، عطاالله جبران، عوني البشت، عصام صباح، زاهر عزام، ماهر مشعور، رمزي حداد، زهير لوسيا، فاروق فرهود، نادر أبو تامر، كمال خوالد، مالك شحادة، أسامة حداد وعصام نصرالله*.
[email protected]