بذكريات نصف نهائي مونديال 1982 يلتقي المنتخبان الفرنسي والألماني في ربع نهائي مونديال البرازيل.
ستكون المواجهة الأولى من ربع نهائي مونديال البرازيل 2014 لكرة القدم بين ألمانيا وفرنسا غداً الجمعة على ملعب "ماراكانا" في ريو دي جانيرو الأعرق على الورق كونها تجمع بطلين سابقين من القارة الأوروبية اشتبكا في مباراة تاريخية عام 1982.
تقلص عدد المنتخبات الـ32 إلى ثمانية، فإلى جانب هذا اللقاء المسمار، تواجه البرازيل المضيفة وحاملة اللقب خمس مرات كولومبيا الجمعة أيضاً، فيما تلتقي السبت الأرجنتين حاملة اللقب مرتين مع بلجيكا وهولندا وصيفة النسخة الأخيرة مع كوستاريكا، والفائز من مباراة "ماراكانا"يواجه المتأهل من لقاء البرازيل وكولومبيا.
ألمانيا بلغت ربع النهائي بعد أن ثأرت لخسارتها أمام الجزائر قبل 32 عاماً وردت لها الدين عندما هزمتها بشق الأنفس 2-1 بعد التمديد الاثنين الماضي في بورتو أليغري. أما فرنسا فواصلت زحفها من دون ضجيج بفوزها الصعب على نيجيريا 2-صفر في برازيليا، في مباراة تألق فيها لاعب وسط يوفنتوس الإيطالي بول بوغبا الذي بدأت المقارنة بينه وبين لاعب الوسط السابق باتيرك فييرا.
وكان مشوار الفريقين مشابها إلى حد ما في الدورالأول، فحصدا 7 نقاط والصدارة، ألمانيا على حساب برتغال كريستيانو رونالدو (4-صفر) بينها ثلاثية لتوماس مولر، غانا (2-2) عندما كادت تخسر لولا الهدف الخامس عشر في النهائيات لميروسلاف كلوزه، والولايات المتحدة (1-صفر) بهدف مولر التاسع في المونديال، وفرنسا على هندوراس (3-صفر)، سويسرا (5-2) والإكوادور (صفر-صفر) حيث تألق المهاجم كريم بنزيمة وسجل ثلاثة أهداف حتى الآن.
ذكريات مؤلمة للديوك أمام ألمانيا
وتمني فرنسا النفس بأن يقف التاريخ إلى جانبها مجدداً وذلك لأن منتخب "الديوك" وصل على أقله إلى الدور نصف النهائي في المناسبات الخمس الأخيرة التي تجاوز فيها الدور الأول، وذلك عام 1958 (حل ثالثاً) و1982 (حل رابعاً) و1986 (حل ثالثاً) و1998 (توج باللقب) و2006 (وصل إلى المباراة النهائية).
فتحت فرنسا صفحة جديدة عندما سمت قائدها السابق ديدييه ديشان مدرباً في 2012 خلفاً للوران بلان، فنجح في مسار التصفيات وأخمد نيران فترة أمضاها ريمون دومينيك مدرباً بين 2004 و2010، خلقت توترات شديدة بين اللاعبين والجماهير والإعلام ونتائج سيئة في البطولات الكبرى الأخيرة لدرجة أنها لم تفز أي مرة في الدور الأول من كأس العالم 2010.
لم تعد فرنسا ذاك الفريق المرعب الذي ضم زين الدين زيدان، تييري هنري، وديشان، ودافيد تريزيغيه، ولوران بلان ومارسيل دوسايي وليليان تورام وغيرهم من تشكيلة إيميه جاكيه التي أحرزت مونديال 1998 على حساب البرازيل بثلاثية تاريخية، ثم توجت بلقب أوروبا 2000. فقد تراجع تصنيفها الدولي إلى المركز 17 قبل انطلاق الحدث الكبير.
لكن ديشان (45 عاماً) استطاع استدعاء تشكيلة متوازنة بين النجوم على غرار فرانك ريبيري (بايرن ميونيخ الألماني) الذي غاب في اللحظة الأخيرة بسبب الإصابة وكريم بنزيمة (ريال مدريد الإسباني)، وبعض الوجوه الشابة القادرة على منحها السرعة والنشاط على غرار لاعبي الوسط بوغبا وبليز ماتويدي وماتيو فالبوينا ويوهان كاباي.
وخفف ديشان، قائد منتخب 1998، من حدة التوقعات المتصاعدة بعد الفوز على نيجيريا والحديث عن إحراز اللقب: " أنا واقعي، وهدفي على غرار اللاعبين هو مباراة الجمعة. الكل بمقدوره أن يحلم، وأنا أيضاً، لكني براغماتي وواقعي، وما يهم فقط يوم الجمعة".
أما ألمانيا، فتعتبر من أنجح الدول في تاريخ المسابقة، فأحرزت اللقب في 1954 و1974 و1990، حلت وصيفة في 1966 و1992 و1986 و2002، وثالثة في 1934 و1970 وفي آخر نسختين عامي 2006 و2010.
وبعد الجزائر التي أطاحت بها بمؤامرة مع النمسا في 1982، تواجه ألمانيا مرة جديدة خصماً يريد الثأر منها بعد حادثة أليمة في النسخة عينها في إسبانيا. في مدينة إشبيلية، ارتكب حارس مرمى ألمانيا هارالد طوني شوماخر خطأ رهيباً ضد مدافع فرنسا باتريك باتيستون عندما اجتاحه عمداً في الدقيقة مانعاً الأخير من التسجيل في مرماه، ثم أهدرت فرنسا تقدماً رائعاً في الوقت الإضافي 3-1 عبر ماريوس تريزور وآلن جيريس، قبل أن يعادل كارل هاينتس رومينيغه وكلاوس فيشر (102 و108)، لا بل لم تنته القصة هنا، فتقدم لاعبو ميشال هيدالغو 3-2 في ركلات الترجيح قبل أن يهدر ديدييه سيكس ومكسيم بوسيس وتتأهل ألمانيا إلى النهائي ثم تخسر أمام إيطاليا 3-1.
القدماء يتحدثون على المواجهة
شوماخر الذي لقب بعد الحادثة "جزار إشبيلية" راهن على فوز بلاده: "النتيجة ستكون 2-1 لنا، الفرنسيون خطيرون يملكون لاعبين جيدين ومن الصعب مواجهتهم. لكن أنا ألماني وأراهن عليها".
وتابع الحارس الذي أحدث كتابه "ضربة البداية" فضيحة لكشفه تعاطي اللاعبين للمنشطات في المعسكرات التحضيرية: "الفرنسيون لا يلعبون كرات طويلة فقط إلى الإمام، فتمريراتهم جيدة أيضاً. وعلق شوماخر على أداء الحارس مانويل نوير أمام الجزائر: "من دون نوير لكانت الهزيمة كبيرة. بالنسبة لي هو من بين الأفضل أو حتى الأفضل في المونديال الحالي"، بيد أنه انتقد الفريق الذي لم يجد نفسه بعد، لا يوجد وحدة ضمن التشكيلة.
وعن إمكانية اصطدام نوير بلاعب فرنسي، قال شوماخر: "اللحظة هي التي تقرر. إذا شاهدنا مباراة الجزائر وكم مرة خرج فيها نوير من مرماه... يمكن ألا يكون محظوظاً ويتأخر فالأمور واردة".
أما الفرنسي ويلي سانيول مدرب بوردو الحالي الذي يعرف الكرة الألمانية لاحترافه 8 مواسم مع بايرن ميونيخ الألماني، فرأى أن ألمانيا فريق بطولات يلعب دوماً في المربع الأخير.
وقارن سانيول بين التشكلتين: "الفريقان يشبهان بعض قليلاً مع لاعبين أو ثلاثة سريعين في المقدمة، وأسلوب سريع نحو الهجوم، لكنهما قد يعانيان دفاعياً".
وعن المباراة التاريخية بينهما، قال سانيول: "بصراحة، اللاعبون لا يفكرون بخسارات أو انتصارات الماضي، بل فقط في المباراة الحالية. هذا عمل الصحافة، البعض يتحدث عن مونديالي 1982 و1986 وآخرون يتذكرون الفوز 3-صفر في شالكه (2003)، أو الفوز في بريمن 2-1 مع لوران بلان (2012). في كأس العالم، ينغلق اللاعبون على أنفسهم، ويحضرون المباريات بطريقة مماثلة".
واعتبر لوثر ماتيوس الذي خاض 25 مباراة في المونديال (رقم قياسي)، أن مشكلة "الماكينات" الألمانية تكمن في الدفاع.
أما الحارس السابق أوليفر كان قائد منتخب 2002 فرأى أن الخلطة ليست ناجحة حتى الآن، يجب أن يحصل توازن بين المهاجمين ولاعبي الوسط المبدعين على غرار أوزيل، عندما تستثمر كثيراً في الهجوم وتبحث عن الحلول والمساحات، فقد تجد غالباً فرص التسجيل".
لكن كان (45 عاماً) رأى ان مباراة الجزائر قد تحفز الألماني على تحقيق التقدم: "لا أتذكر بطولة لم تخض فيها ألمانيا مباراة سيئة".
وانزعج قلب الدفاع بير مرتيساكر عندما سأله صحافي من قناة "زد دي أف" المحلية عن سبب "ثقل وضعف" الألمان في مباراة الجزائر: "لا يهمني الأمر، نحن في ربع النهائي وهذا المهم. هل تعتقد لأننا في دورالـ16 يجب أن يحصل استعراض مثل السيرك أو ما شابه؟".
وعن سبب اعتماد لاعبي المدرب يواكيم لوف أداء استعراضياً، قال مرتيساكر: "ماذا تريدون؟ كأس عالم ناجحة أو الخروج بعد خوض مباريات جميلة؟ لا افهم هذه الأسئلة، بلغنا الدور التالي، نحن سعداء وسنستعد لفرنسا".
والتقى الفريقان 25 مرة ففازت فرنسا 11 مرة وألمانيا 8 مرات وتعادلاً 6 كرات (سجلت ألمانيا 41 هدفاً مقابل 42 لفرنسا)، وفضلاًعن اللقاء الشهير في 1982، تواجها بعد أربع سنوات في المكسيك وفازت ألمانيا في الدور عينه 2-صفر قبل أن تخسر النهائي مجدداً وهذه المرة امام أرجنتين مارادونا 2-3.
كما التقيا في مباراة المركز الثالث عام 1958 حيث فازت فرنسا 6-3 برباعية لهداف الدورة آنذاك جوست فونتين، ويعود أول لقاء بينهما على العام 1931 عندما فازت فرنسا 1-صفر.
[email protected]