افتتحت كلية الهندسة وتكنولوجيا المعلومات في الجامعة العربية الامريكية وبالتعاون مع وزارة السياحة والاثار والقنصلية الفرنسية في القدس، المؤتمر الدولي الرابع في التراث الرقمي تحت عنوان "التراث الذكي"، بمشاركة أكاديميين وخبراء وباحثين عرب ودوليين، من تونس، وفرنسا، وبلجيكا، والبرازيل، والنرويج، واليونان.
ويتناول المؤتمر الدولي الرابع محاور عدة أهمها التراث الرقمي من ناحية المعلوماتية والاجتماعية والتاريخية، وطرق التسجيل والتعامل مع التراث كفكرة مستقبلية تسمى التراث الذكي.
ويهدف المؤتمر لتوثيق التراث بكافة انواعه، باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة، وتبادل الخبرات والتواصل ما بين الخبراء والباحثين في العالم، حيث حظي المؤتمر بمشاركة العديد من الأوراق البحثية عالية القيمة والمحكمة دوليا من هيئة علمية دولية واسعة مشتركة في المؤتمر.
كلمة الجامعة العربية الامريكية
وفي كلمته في افتتاح المؤتمر قال رئيس الجامعة الامريكية الأستاذ الدكتور علي زيدان أبو زهري: "في السنوات القليلة الماضية خسر التراث الإقليمي مواقع مهمة بسبب الحروب والنزاعات الدائرة دون أن يتم توثيقها، وفي فلسطين بالذات، هناك مخططات إسرائيلية للنيل من كل شيء يتعلق بالتراث الفلسطيني خاصة في مدينة القدس".
وأضاف، نحن كفلسطينيين نثمن عالياً قرار منظمة اليونسكو الذي اعتبر بأن مدينة القدس مدينة خاضعة للاحتلال الإسرائيلي، وهذا يعتبر نصراً كبيراً للحقوق الفلسطينية في القدس وهو رد بليغ على المطامع والادعاءات الإسرائيلية الباطلة بكل مسوغاتها المصطنعة في المجال الثقافي والسياسي، كما أكد ان هذا العصر هو عصر التكنولوجيا، ومن الطبيعي جداً أن تُستخدم التكنولوجيا في خدمة هذا التراث وتوثيقه وعرضه بطريقة مناسبة وحفظه من الضياع وتحليله واستنباط الأجزاء المندثرة منه.
وأوضح الأستاذ الدكتور أبو زهري إن الجامعة العربية الأمريكية تؤمن بضرورة تسخير التكنولوجيا لخدمة التراث والإنسانية والقضية الفلسطينية، مشيرا الى ان كلية الهندسة وتكنولوجيا المعلومات في الجامعة كانت سباقة في استخدام التكنولوجيا لبناء الوطن ومؤسساته والمحافظة على تراثه ونشر ثقافته للعالم أجمع.
وبين ان الجامعة العربية الأمريكية اولت اهتماما خاصاً بالبحث العلمي منذ نشأتها، فخصصت لها الموازنات ودعمت الباحثين من خلال عمادة البحث العلمي، واكد ان الجامعة خصصت جائزة تشجيعية لأفضل باحث فلسطيني يعمل في الجامعات الفلسطينية، وجائزة المهندس زهير حجاوي للطلبة المبدعين من الجامعات الفلسطينية، كما قامت بإصدار "مجلة الجامعة العربية الأمريكية للبحوث" وهي مجلة علمية عالمية محكمة صدر منها أربعة أعداد، وتم اتخاذ قرار باعتماد جائزة لأحسن بحث ينشر في هذه الجامعة سنوياً.
وختم الأستاذ الدكتور أبو زهري حديثة قائلا: "يكفينا فخراً بأن أحد باحثينا وهو الدكتور عاطف قصراوي كان من أفضل 5% على مستوى العالم ممن أظهرت مؤشرات بوابة البحث العلمي ان هناك حوالي 2500 باحث عالمي قرأوا واستعانوا بأبحاثه.
كلمة وزارة السياحة والاثار
وفي كلمتها قالت معالي وزيرة السياحة والاثار رولا معايعة: "ان وزارة السياحة والآثار وضمن الخطة التي أقرتها الحكومة الفلسطينية قد استغلت الموارد المتاحة للنهوض بالسياحة الفلسطينية، وكما يعلم الجميع فأن فلسطين تزخر بالموارد الثقافية التي تنتشر في كافة أرجاء الوطن، حيث شرعت بتأهيل مجموعة من مواقع التراث الثقافي وركزت على تطويرها بالشكل الذي يلبي احتياجات السائح الدولي والمحلي، وهذا بدوره أسهم في تحسين الظروف الاقتصادية والثقافية لكافة المناطق والمحافظات الفلسطينية".
وأضافت، "ان شبكة المتاحف التي أساسها الوزارة وأشرفت على إدارتها قد أسهمت في تحسين عوامل الجذب السياحي، وان انضمام فلسطين الى اليونسكو كان له دورا مهما في تحسين الوضع السياحي في فلسطين وتوج ذلك بأدراج كنيسة المهد وبتير الى لائحة التراث العالمي، وجاري العمل على تقديم ملف الخليل لأدراجه والتحضير لملفات مواقع أخرى".
وأوضحت معالي الوزيرة معايعة ان مفهوم التراث الذكي واستخدام التكنولوجيا الحديثة في عمليات توثيق وحفظ التراث وترويجه يعتبر تقدما مهما ورائدا في ظل التسارع الذي يشهده العالم في كافة القطاعات، وسيسهم في تحديث طرق العمل وتنظيم قواعد البيانات، مما يلعب دورا بارزا في خدمة قطاع التراث الثقافي بكافة جوانبه ومكوناته وسينعكس بشكل إيجابي على قطاع السياحة ويساعد في التنمية الاقتصادية.
وأشارت معالي الوزيرة معايعة الى ان وزارة السياحة والاثار تقوم حاليا بتنفيذ مجموعة من المشاريع التي من شأنها ان تسهم في تحسين الوضع السياحي في فلسطين من أهمها مشروع تغطية الفسيفساء في قصر هشام بأريحا، ومشروع تأهيل مقام النبي موسى، ومشروع إعادة احياء 12 مركز تاريخي في عدة محافظات، وتأهيل مجموعة من المواقع الأخرى.
وأكدت ان هذا المؤتمر سيشكل فرصة جدية لتحقيق نتائج وتوصيات تخدم قطاعي السياحة والتراث في فلسطين بمنظومة متطورة، من خلال تقديم عرض لمجموعة من البحوث والمشاريع والأوراق العلمية المختلفة، من قبل مختصين وأكاديميين ومؤسسات محلية ودولية، كما سيسهم المؤتمر في تعزيز مفاهيم الشراكة بين كافة المؤسسات ويمنح الجامعات الفلسطينية دورا بارزا في تطوير المناهج التي تتعلق بالسياحة والتراث الثقافي بطرق وأساليب متطورة تحاكي الواقع الحديث.
كلمة المشرف على المؤتمر الدولي في الجامعة
وفي كلمة المشرف على المؤتمر الدولي في الجامعة العربية الامريكية رحب الدكتور أمجد رطروط بالحضور وشكر كل القائمين على المؤتمر، وحيا المشاركين الدوليين والعرب، وتحدث عن مفهوم التراث الذكي وعلاقته بالمعلوماتية وطرق الحفاظ عليه.
كلمة المدير العام للمؤتمر الدولي
وفي كلمة المدير العام على المؤتمر الدولي من جامعة باريس الثامنة تحدث الدكتور خلدون زريق عن النسخ السابقة للمؤتمر في فلسطين وتونس، وأشار الى ان النسخة الخامسة من المؤتمر الدولي ستعقد في الجزائر، وأضاف ان المؤتمر متعدد يتناول الجوانب التاريخية والتراثية والفلسفية والمعمارية وتوظيف التكنولوجيا في خدمة هذه الجوانب، كما أشاد بالتنظيم المميز وشكر الجامعة العربية الامريكية والقائمين على المؤتمر متمنيا ان يخرج بتوصيات هامة تكون أرضية لعمل مستقبلي مميز.
جلسات المؤتمر
وتضمن المؤتمر في يومه الأول جلستين رئيسيتين، كان المتحدث الرئيسي للجلسة الأولى روبيرتو برتولو من البرازيل، وتحدث عن التراث الثقافي والتراث الإبداعي الاجتماعي، وتناولت الجلسة الأولى التي اداراتها ستيفاني شيدرون من جامعة ليل الفرنسية، مجموعة من أوراق العمل، حيث قدمت الباحثة اريتي دامالا من جامعة باريس الثامنة ورقة بحثية عن نموذج تقييم شامل للمتاحف الرقمية التفاعلية، وقدم الباحث بيير شاتيل من جامعة باريس الثامنة بحثا بعنوان استخدام طرق التواصل الاجتماعي من اجل التعريف بالمواقع التراثية، وقدم الدكتور امجد رطروط من الجامعة العربية الامريكية ورقة علمية حول التطبيق المتغير للبيئات التراثية المتمحورة حول المستخدم.
اما الجلسة الثانية كان متحدثها الرئيسي سيلفي لويل من جامعة فالنسينس الفرنسية، وتحدث فيها عن موضوع استخدام الذكاء الصناعي لخدمة التراث، وتناولت الجلسة الثانية التي ادارها الدكتور محمود مناصرة من الجامعة العربية الامريكية، أوراق علمية حيث قدم فيها الدكتور مازن قمصية مدير المتحف الفلسطيني للتاريخ الطبيعي ورقة عن المحافظة على التراث الطبيعي الفلسطيني، وقدم الدكتور رمزي حسان من جامعة العلوم الطبيعية في النرويج ورقة بعنوان باتجاه منصة فلسطينية افتراضية للتراث الفلسطيني، وقدم الدكتور معاذ صبحة من الجامعة العربية الامريكية بحثا حول راوي القصص التراثية الرقمية باستخدام استبصار المعلومات، وقدمت الباحثة جاسمين ديكلو سالاكس من جامعة باريس السابعة شرحا عن خرائط بتير الحضارية.
وفي نهاية المؤتمر في يومه الأول قامت الوفود الدولية والعربية المشاركة بزيارة سياحية ثقافية تراثية لقصور عبد الهادي في بلدة عرابة.
[email protected]