أجرى المركز العربي للتخطيط البديل يومًا دراسيًا بعنوان "البيوت غير المرخصة في البلدات العربية: الواقع والمخاطر – المواجهة والحلول" في فندق "أوليفييه" في الناصرة يوم الثلاثاء الماضي بمشاركة المئات من المشاركين، من رؤساء سلطات محلية وأعضاء كنيست وممثلي اللجان الشعبية والجمعيات والمؤسسات الأهلية المختلفة. افتتح اليوم الدراسي مدير المركز سامر سويد مرحبًا بالمشاركين من مختلف البلدات والمناطق، ومؤكدًا على أهمية عرض دراسة مهنية مفصّلة حول البيوت غير المرخصة في هذا الوقت بالتحديد، لاظهار مدى وأبعاد التمييز المنهجي ضد بلداتنا العربية في اقرار المخططات العمرانية والهيكلية، الأمر الذي يعيق ويمنع بلداتنا العربية من التوسع وبناء مناطق سكنية جديدة تفي باحتياجات الاجيال الصاعدة. وشارك في اليوم الدراسي النائب ايمن عودة رئيس القائمة المشتركة، والنواب يوسف جبارين واسامة سعدي وعبد الله ابو معروف، والنائب السابق باسل غطاس والعديد من رؤساء السلطات المحلية وممثلي هيئات أجنبية والعديد من المهنيين العرب واليهود الأعضاء في المنتدى العربي اليهودي للتخطيط.
وتحدث مازن غنايم رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية والقائم بأعمال رئيس لجنة المتابعة العليا، باسم الهيئتين مؤكدًا على أهمية التعاون بين السلطات المحلية العربية والمركز العربي للتخطيط البديل، والدور الهام الذي يقوم به المركز في دعم وتدعيم قضايا التخطيط والبناء في مجتمعنا العربي. وتحدث وجيه كيوف رئيس مجلس عسفيا المحلي وعضو المجلس القطري للتخطيط والبناء شاكرًا المركز على البرامج والمتابعة التي يقوم بها وعلى التعاون مع السلطات المحلية كافة. وقال كيوف ان هناك حاجة وضرورة الى تكثيف وتنجيع عمل السلطات المحلية من اجل احقاق حقوق كل بلد بالتوسع واتاحة المجال امام بناء مناطق سكنية وصناعية وتشغيلية جديدة.
وقدم د. حنا سويد شرحًا تمهيديًا عن المسح الميداني الذي أجراه المركز حول البيوت غير المرخصة، والذي شمل 14 بلدةً، دون شمل منطقة وقضية النقب التي لها خصوصية أكبر من الجانب التخطيطي وترخيص البيوت، كما اعتمد البحث. وقال سويد ان المسح الميداني يظهر مدى استمرار الغبن والتمييز التخطيطي ضد بلداتنا العربية، من حيث عدد البيوت غير المرخصة وعدم اقرار الخرائط والمخططات الهيكلية التي تعتبر أساسًا للأفق التخطيطي بعيد الأمد لكل بلدة.
وأشار سويد الى ان هذه الدراسة الفريدة من نوعها اعتمدت على الدقة والمهنية العالية، وذلك بفضل الخرائط والفحوصات والصور الجوية التي تم دراستها واستخراج هذه المعلومات والاستنتاجات منها، والتي قام المركز بشرائها على نفقته الخاصة بتكلفة عالية.
وعرض وجدي خلايلة مركز وحدة المعلومات في المركز العربي للتخطيط البديل المسح الذي تم اعداده، حول البلدات: قلنسوة، يركا، عارة - عرعرة، دالية الكرمل، جت المثلث، المغار، طمرة، عسفيا، كفرقرع، مجد الكروم، بيت جن، كفرقاسم، الرامة وعرابة. والذي يظهر التفاصيل التخطيطية لكل بلد، المخططات المصادق عليها والبيوت غير المرخصة داخل وخارج المخططات. وأظهرت النتائج وجود أكثر من 12,700 مبنى عير مرخص في هذه البلدات من بينها نحو 7,367 مبنى سكني. ويشكل عدد السكان في هذه البلدات نحو 252,700 انسان أي ما يقارب 25% من السكان في البلدات العربية بدون الأخذ بالحسبان البلدات العربية في النقب والتي لم يشملها البحث.
وعقب د. حنا سويد على نتائج البحث موضحًا ان البناء غير المرخص في مجمله هو حالة اضطرارية، تتحمل نتائجها الدولة اولاً بسبب الاهمال التخطيطي الذي يقع ضمن مسؤولياتها. وان ما فضحته هذه الدراسة ايضًا هو وجود أكثر من 30 بلدة عربية بدون مخططات هيكلية، اي انه لا يوجد لدى هذه البلدات اي افق للتخطيط والتوسع، الأمر الذي ينعكس على اصحاب الأراضي بعدم اتاحة اي مجال امامهم للبناء على اراضيهم بشكل قانوني وبما يتلائم مع التخطيط التوجيهي المحلي. واقترح سويد على نواب القائمة المشتركة تقديم اقتراحات قانون اسبوعية ضد قانون كمينتس وارجاء تطبيقه الى عدة سنوات واجبار السلطات على وضع برنامج عمل مهني لتوسيع مسطحات البناء واقرار المخططات لهذا الأمر.
وفي الجزء الثاني من اليوم الدراسي تم عقد طاولة مستديرة حول "سبل التصدي لقانون كمينتس واقتراح حلول عملية" أدراها المستشار التنظيمي جابر عساقلة. وتحدث د. عبدالله ابو معروف حول المتابعة والتصدي على المستوى البرلماني لقانون كمينتس، وتقديم مئات الاعتراضات ضد هذا القانون، واكد ان العمل سيتواصل بالتصدي بشتى الطرق والامكانيات المتاحة لدرء اخطار هذا القانون. وقال ابو معروف ان الاصرار السياسي باقرار هذا القانون يغيّب السبل المهنية القائمة التي يمكن استنفاذها من اجل اقرار وتوسيع مخططات جديدة تفي باحتياجات بلداتنا العربية بدلاً من صرف عشرات الملايين على سلطات الهدم والدمار.
وقال النائب المحامي اسامة سعدي ان قانون كمينتس يأتي لزيادة الغبن والتمييز اللاحق ببلداتنا العربية، فبدلا من اقرار برامج عمل تأتي بحلول مهنية أصر رئيس الحكومة شخصيًا على تشديد وتسريع اقرار هذا القانون. وأضاف كان عملنا المشترك مع الجمعيات واللجان الشعبية ناجحًا ولم نتوانى للحظة في التصدي لكل بند وبند، ونجحنا في العديد من الحالات بتغيير وتعديل النصوص الأصلية وتقليل الاضرار، لكن هذا القانون تم فرضه بقرار سياسي عنصري.
وتحدث المحامي مضر يونس رئيس مجلس عرعرة، مؤكدًا على أهمية التعاون بين السلطات المحلية والمركز العربي للتخطيط البديل، وان الواقع التخطيطي في غالبية بلداتنا هو ليس وليدة الأمس القريب، انما هو تراكم للمشاكل والقصورات التخطيطية والمهنية من الجانب الحكومي أولاً. ونحن سنواصل العمل من اجل وضع حلول مهنية لهذه القضايا الحارقة.
وأكد وهيب حبيش رئيس مجلس يركا المحلي على اهمية وضع حلول مهنية لقضية البيوت غير المرخصة، والعمل بكافة السبل لمنع الهدم، لان اصحاب هذه البيوت بنوا بيوتهم على ارضهم الخاصة والتقصير التخطيطي يجب ان تتحمل مسؤوليته السلطات الرسمية، ويجب ان تصلح الغبن اللاحق بكافة البلدات في المجتمع العربي باقرار مخططات تفي باحتياجات بلداتنا كافة.
وشارك في النقاش العديد من رؤساء السلطات المحلية وممثلي الجمعيات والمؤسسات الاهلية واللجان الشعبية، بتقديم مداخلات واقتراحات مهنية وعملية حول سبل التصدي لقانون كمينتس. ولخص مدير الجلسة الموجه جابر عساقلة النقاش والحوار الذي دار بمشاركة مختلف الجهات بأن المركز العربي للتخطيط البديل سيقوم بجمع وتوثيق هذه الاقتراحات لمواصلة مناقشتها وتقديمها للهيئات والجهات التمثيلية من اجل تنجيع العمل الوحدوي في مواجهة قانون كمينتس العنصري. وشكر باسم المركز العربي للتخطيط البديل كل المشاركين في هذا اليوم الدراسي الهام مؤكدًا على ضرورة استمرار التواصل والتعاون مع المركز وكافة الهيئات والمؤسسات من اجل احقاق حقوق الجماهير العربية التخطيطية والعمرانية.
[email protected]