كشفت بحوث علمية جديدة أن معظم أنواع السرطان تنجم عن أخطاء عشوائية في الشفرة الوراثية عندما تنقسم الخلايا. وعلى الرغم من الاعتقاد الواسع الانتشار بأن المرض عادة ما يكون موروثا أو ناجما عن نمط حياة غير صحي، فإن ثلثي الحالات يمكن نسبتها إلى أخطاء في الحمض النووي، وفقا لما نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
سوء حظ
يدعي العلماء أنه ليس هناك ما يمكن القيام به لمنع حدوث السرطان، وإنما هي ببساطة مسألة سوء حظ. ويحذر الباحثون في مركز كيميل للسرطان، بمستشفى جونز هوبكنز، من أن السرطان الذي تسببه أخطاء النسخ يمكن أن يحدث "مهما كانت البيئة مثالية".
وتفسر هذه النتائج لماذا غالبا ما يصيب السرطان أشخاصا يتبعون جميع قواعد الحياة الصحية، وليس لديهم تاريخ عائلي للمرض.
العوامل البيئية
ويقول مؤلف الدراسة دكتور كريستيان توماسيتي: "من المعروف أنه يجب علينا تجنب العوامل البيئية مثل التدخين لتقليل خطر الإصابة بالسرطان، ولكن ليس من المعروف جيدا، أنه في كل مرة تنقسم فيها خلية طبيعية وتنسخ حمضها النووي لإنتاج خليتين جديدتين، فإنها قد ينتج عنها أخطاء متعددة".
ويتابع.. "وهذه الأخطاء في النسخ هي مصدر قوي للطفرات السرطانية التي كانت ينظر إليها تاريخيا بأقل من قيمتها من الناحية العلمية. ويوفر هذا العمل الجديد التقييم الأول لذلك الجزء من الطفرات الناجمة عن هذه الأخطاء."
أخطاء نسخ
قام الباحثون بمقارنة أخطاء نسخ الحمض النووي بـأخطاء مطبعية في مخطوطة مكتوبة.
ويقول دكتور بيرت فوغلستين، المشارك في الدراسة: "يمكنك تقليل فرصتك من الأخطاء المطبعية من خلال التأكد من أنك لست يغلبك النعاس أثناء الكتابة، وأن لوحة المفاتيح الخاصة بك لا تفتقد بعض المفاتيح".
"ولكن الأخطاء المطبعية لا تزال تحدث لأنه لا يمكن لأحد أن يكتب بدقة تامة".
32 نوع سرطان
درس الباحثون الطفرات التي تدفع إلى النمو غير الطبيعي للخلايا في 32 نوعا من الأنواع المختلفة للسرطان.
وباستخدام تسلسل الحمض النووي ومجموعة من البيانات، طور العلماء طريقة رياضية لتقييم دور أخطاء النسخ الوراثية.
وأظهرت النتائج أنه عموما ما تحدث اثنان أو أكثر من الطفرات الجينية الحاسمة لبعث المرض.
أخطاء عشوائية
وفي بعض أنواع السرطان، مثل تلك التي تؤثر على البروستاتا والمخ والعظام، فإن أكثر من 95% من الحالات كانت بسبب أخطاء عشوائية في نسخ الحمض النووي.
ولقد ارتبطت أخطاء النسخ بنسبة 77% من سرطانات البنكرياس، ولكن النسبة كانت 35 %فقط من سرطانات الرئة.
وكان سبب هذا الأخير ناتجا عن التدخين والعوامل البيئية الأخرى، وفقا للدراسة التي نشرت في مجلة "ساينس".
وعموما، فإن 66% من طفرات السرطان ناتجة عن أخطاء في النسخ، و29% من عوامل نمط الحياة، و5% فقط من الجينات الخاطئة الموروثة.
وأضاف دكتور فوغلستين: "نحن بحاجة إلى مواصلة تشجيع الناس على تجنب العوامل البيئية وأنماط الحياة التي تزيد من خطر تطور الطفرات السرطانية.
ومع ذلك، فإن الكثير من الناس لا تزال تتطور لديهم السرطانات بسبب هذه الأخطاء العشوائية في نسخ الحمض النووي، والحاجة ماسة للتوصل إلى أفضل الطرق للكشف عن جميع أنواع السرطان في وقت مبكر، عندما تكون لا تزال قابلة للشفاء".
مزيج معقد
وقال بروفيسور ميل غريفز من معهد أبحاث السرطان في لندن: "حتى لو كانت هذه الطفرات السرطانية الفردية، كما تشير إليه هذه الدراسة، ناجمة عن فرصة عشوائية، فإن الباحثين يعترفون بأن السرطانات التي تسببها قد تظل قابلة للوقاية منها".
وأضاف بروفيسور غريفز: "لدينا أدلة جيدة لتوضيح أن السرطان ناجم عن مزيج معقد من التعرض البيئي، والمخاطر الموروثة، وفرصة عشوائية".
"وفي حين أن الجينات التي نرثها من آبائنا هي غير قابلة للنقاش والعديد من الأحداث فرصة غير قابلة للتفاوض، فإنه لحسن الحظ بالنسبة لنا، فإن التعرضات البيئية تعتبر من المساهمين الرئيسيين في خطر إصابتنا بالسرطان، وهي تقدم طريقا للحد من المخاطر أو الوقاية".
[email protected]