وقصة محمد عودة (50 عاما) من مدينة قلنسوة التي نكبت مؤخرا بهدم 11 من منازلها، واحدة من آلاف القصص والحكايات، التي تصرخ في المدى ضد العنصرية الإسرائيلية وأدوات قهرها وتضييقها على أبناء الأرض التي توارثوها كابرا عن كابر.
منزل عودة الذي يقف شامخا في منطقة "السهل" في قلنسوة، بعد اتمام بناء هيكله الخارجي، مهدد بالهدم والزوال، رغم أن الرجل اطلع اللجنة المحلية للتنظيم والبناء على مخططه للبناء، لكن اللجنة اللوائية للتنظيم في منطقة الرملة، لم تلق بالا لكل اجراءات اللجنة المحلية، كما هو الحال لدى كل اللجان اللوائية بتعاملها مع اجراءات اللجان المحلية، وتلقى عودة أمرا لتجميد العمل في منزله ثم أمرا بالهدم.
وتوالت المحاكم منذ عام 2015، تاريخ بناء المنزل، وتوالت الغرامات التي شكلت عبئا كبيرا على محمد عودة وجعلته يقترض من البنوك ويستدين من المعارف والاقارب، من أجل انقاذ بيته!!
حلم محمد ببناء منزل كبير، بعد أن عاش منذ زواجه في "مخزن" أو شبه منزل، يضيق به وبزوجته واولاده، وأمه واخيه الذين يسكنان معه منذ فترة طويلة، لكن المؤسسة الإسرائيلية تعمل دائما على قتل أحلام الفلسطينيين ومحاصرة واقعهم، لأنها تريدهم ان يعيشوا في دوامة لا تنتهي، ظنا منها أن يهاجروا ويتركوا الأرض للغرباء!!
يروي عودة حكايته مع غول الهدم: "أسكن في مخزن من عام 2000 وتم ترخيصه لأنه مخزن، بنيت منزلي جنب المخزن، على أرضي التي ورثتها عن آبائي وأجدادي، أسكن أنا وزوجتي واولادي الثلاثة وأمي وأخي، في هذا المخزن، الذي تزحف فيه الصراصير والحشرات السامة، وقد تعرضت أكثر من مرة انا واولادي للسعات "المربعانيه" بعد بناء هيكل منزلي المهدد بالهدم اوقفوني في اللجنة اللوائية بالرملة، رغم ان اللجنة المحلية قالت لي ابني وقاموا بمخالفتي وهذا اجراء يقوم به كل الناس، ووعدت من البلدية أن تعمل على ادخال منزلي إلى المخطط التفصيلي للمدينة".
يتابع: "اقترضت من البنوك واستدنت من المعارف اكثر من 200 ألف شيقل، لمتابعة موضوع منزلي، والحبل على الجرار، حياتي لا تطاق أعيش بخوف دائم من هدم منزلي، كلنا نعيش برعب وقلق دائم من أن تفاجئنا جرافات الهدم، خاصة بعد هدم 11 منزلا قبل مدة".
يقول عودة إن أولاده يخافون أن يحدث معه شيء وطارئ صحي، لذلك امتنعوا عن الذهاب لمدارسهم، كما توقف هو عن العمل في مجال البناء، من أجل حماية منزله، الذي وضع فيه كل ما ادخره من مال هو وزوجته.
يضيف متألما: "صحيح هناك تجميد مؤقت للهدم، لكننا نخاف من غدرهم، في البداية كنت انا والاولاد وهم صغار، نتناوب على البقاء في منطقة البيت في حال حدوث طارئ، لكننا اليوم نجلس كلنا قرب المنزل في انتظار المجهول!!".
يؤكد عودة: "لو كان عندي أرض غير هذه الأرض، وكانت داخل المسطح، كان ما فتت هالفوته، لو كنت املك النقود كنت ذهبت واشتريت قسيمة وبنيت، وضعت كل أملك في هذا البيت، فهل يتوقعون أن أستسلم بسهولة وأن أسلمه لجرافات الهدم كما يريدون!!، هذا لن يحدث، وصدقني انا جهزت جرة من الكاز واحذرهم انه في حال اقتربوا من بيتي سأشعل النار في جسدي".
يقول بلغته البسيطة: "الله لا يوريك المر اللي احنا شايفينه، والله احنا مش عايشين، هذه عنصرية لتهجيرنا، اقول لهم احنا هنا قبلكم عاملونا كما تعاملون اليهودي، لانه ممكن ان ننفجر والناس زهقت، هنا ولدنا، اذا ما صار حلول قريبة، الله أعلم وين ممكن الأمور ان توصل، اذا هدم منزلي افضل وقتها أن اموت اين اذهب انا واولادي، ولقد اتصلت بهم وقلت لهم انا جاهز لأموت دفاعا عن بيتي، وحياة الله وحياة الرسول، وضعنا صعب واحنا في قلق دائم".
إلى هنا، تركنا محمد عوده يروي وجعه وخوفه من هدم منزله، ولعل كلامه المؤثر أبلغ تعبير عن حجم القهر الكامن في حكايات الهدم التي تملأ داخلنا الفلسطيني، وترسل رسالة واضحة للمؤسسة الإسرائيلية مفادها انكم تصنعون غضبا متراكما في كل بلدة عربية، تعيث فيها خفافيشكم ظلاما وتخريبا، ربما لن تستطيعوا أن توقفوا تداعياته، إن بقيتم على غيّكم!!
[email protected]