بعد تحويل مسجد مدينة بئر السبع إلى متحف ومباني السرايا إلى مركز شرطة وبيت عارف العارف إلى عقارات للبيع، أقدمت بلدية بئر السبع على خطوة جديدة لمحو ذاكرة المكان والإنسان العربي من المدينة.
وأكدت بلدية بئر السبع عزمها إغلاق السوق البدوي مطلع شهر آذار/ مارس المقبل، بعد أكثر من قرن على افتتاحه، لتزيح بذلك معلما عربيا آخر من المدينة.
وبررت البلدية هذا القرار بأن السوق فقد خصوصيته وأصالته، وأنها بصدد إعادة ترميم السوق البلدي باستثمار عشرات ملايين الشواكل، والتركيز على سوق آخر في المدينة يكون جاذبا للسياح.
عمل السوق البدوي على مدار أكثر من قرن بعدما أعاد العثمانيون إقامة مدينة بئر السبع في مطلع القرن العشرين (1905) لتكون مركزا إداريا وتجاريا جديدا. هدفت الدولة العثمانية من إقامة المدينة تقوية السلطة المركزية بعدما تفاقمت النزاعات والحروبات بين القبائل البدوية المختلفة التي ما انفكت عن التمرد على العثمانيين. عملت السلطات العثمانية على شراء قطعة الأرض من قبيلة العزازمة واختارت موقعا يتوسط مناطق نفوذ القبائل المختلفة كي يكون محايدا. شيد العثمانيون في المرحلة الأولى مباني الحكومة، السرايا، التي ضمت في البداية مدرستين لأبناء البدو ومحكمة العشائر ومحكمة شرعية وبريدا ومكتب القائم مقام ومركزا للشرطة ومكاتب عمال البلدية، وفي مرحلة لاحقة أقيم مسجد بئر السبع. خلال النكبة 1948، في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 1948، احتلت قوات الجيش الإسرائيلي المدينة بما يسمى عملية يؤاڤ، وهجر المدينة معظم سكانها العرب إثر هذه العملية.
وتراجعت أهمية السوق البدوي نهاية التسعينات بعد أن منعت السلطات الإسرائيلية تجارة المواشي والطيور بذرائع متعددة مثل الأوباء الصحية ونقلت مكانه عدة مرات وقد كان مشهد جلب الحلال أحد السمات البارزة للحياة التجارية في المدينة.
وقال أحد رواد السوق، يوسف الزيادين، في أعقاب هذا القرار، إنه للأسف لم يبق أي شيء في مدينة بئر السبع وعلينا عدم التباكي عليها. أطالب عرب النقب بمقاطعة مدينة بئر السبع بسبب استهتارها بالعرب.
وأضاف أنه يجب اتخاذ موقف رجولي ومقاطعة بئر السبع لأن رئيس البلدية يتعامل مع العرب باستخفاف وعنصرية، ومع ذلك نحن مستمرون بالتوافد إليها. وعلينا المطالبة بافتتاح المكاتب الحكومية والمراكز الخدمية في البلدات العربية
وتقدر الأموال التي يصرفها عرب النقب في مدينة بئر السبع بمئات الملايين سنويا، وقد ازدادت مؤخرا مظاهر العنصرية في المدينة والتي طالما نعمت بوجود عربي كثيف حيث منعت البلدية استخدام البلاغات الصوتية باللغة العربية على متن الحافلات البلدية، وانتشرت حوادث فصل عمال عرب من مراكز تجارية كبرى لأسباب عنصرية.
[email protected]