خرج علينا صباح هذا اليوم الاثنين (13/2)، المدعو عبد عزب بمقال بائس تعيس نشر في صحيفة "هآرتس" باللغة العبرية، يناقش فيه فكرة ليست جديدة تقضي بنقل السكان العرب من اسرائيل الى المناطق الفلسطينية واستبدالهم بالمستوطنين العنصريين في أراضي الضفة المحتلة.
وبعد مقدمة طويلة وملتوية للمقال يصل الكاتب الى ما يريده من بث أفكار مسمومة ومغلوطة مجبولة بالكراهية والحسد لبعض مركبات شعبه (هذا اذا كان يؤمن بأنه عربي!). وبذريعة الرد على مقال آخر نشر في ذات الصحيفة يوم (9/2) لكاتب يهودي يطرح فيه فكرة التبادل السكاني، يلجأ عزب الى التحريض على السكان المسيحيين الذين برأيه وحسب شعوره عديمو الانتماء القومي،فيكتب هذه الكلمات " حسب شعوري، فان الغالبية العظمى للمسيحيين تفرح بالتنازل عن قوميتها مقابل المواطنة الاسرائيلية. اني أفهمهم وأوافقهم. بناء على الاضطهاد الذي يلاقيه المسيحيون في الشرق الأوسط على أيدي متطرفين مسلمين، فالرغبة بالارتباط بقوى ليست عربية – اسلامية هي أمر طبيعي".
كلام أقل ما يقال فيه أنه دس للسم في الدسم، ونضرب صفحا عن تفهمه وموافقته لأننا لسنا بحاجة لها خاصة من أمثاله، وهو يريد الظهور بمظهر المتعاطف مع المسيحيين وهو يطعنهم في ظهرهم أو صدرهم (لم يعد هناك من فارق!) فالسيد عزب يتحدث من منطلق "الشعور" ونعرف أن هذه اللغة تصلح للأدب من شعر وقصة وخاطرة وما شابه، أما لمقال سياسي يعالج حقائق تاريخية ومواضيع سياسية حادة لا يمكن تحويل الشعور بالتالي الى حقيقة، حيث يؤكد من خلال شعوره بأن "الغالبية العظمى للمسيحيين تفرح بالتنازل عن قوميتها" فعلى أي أساس يا حضرة تقرر ذلك، وعلى أي معطيات ودراسات اعتمدت في شططك؟ وكيف تسمح لنفسك بأن تتحدث باسم المسيحيين دون أن يأذن لك أحد بذلك؟ وبعدها تقول أن هذا التنازل يأتي مقابل الحصول على المواطنة الاسرائيلية. وهنا المهزلة والمسخرة بعينها. ألا تحمل حضرتك الجنسية الاسرائيلية، الست مواطنا اسرائيليا؟ والمواطنون العرب جميعهم أليسوا مواطنون في دولة اسرائيل؟ هل تنازلوا جميعا عن قوميتهم العربية للحصول على المواطنة الاسرائيلية؟
ان ما ذهب اليه عزب ينم عن جهل أو تجاهل ( وهذه طامة أكبر) لتاريخ ودور المسيحيين في اعلاء وترسيخ القومية العربية، والحفاظ على اللغة العربية ونشرها، ودعم التراث العربي بكنوز أدبية وعلمية وفنية، وما زالوا يلعبون هذا الدور ويقومون بما يمليه عليهم ضميرهم تجاه شعبهم وأمتهم العربية، مهما ادلهمت الأجواء بغيوم سوداء من التكفير والظلامية. ومن هنا نشير الى التقصير في تدريس التاريخ العربي المشترك واخفائه من المناهج في مدارسنا.
ولا بأس أن نذكر السيد عزب أنه قامت عاصفة قبل عامين بين سكان وادي عارة وأم الفحم خاصة والجمهور العربي عامة، لدى طرح مخطط التبادل السكاني ورفضت بلدية أم الفحم والسلطات المحلية والقيادات العربية والحركة الاسلامية، تلك الفكرة رفضا باتا وأعلنت عن التصدي لها بكل قوة؟ فرفض فكرة التبادل السكاني لا تقتصر على فئة أو قطاع من الجمهور العربي، بل تشمل كافة الفئات والأحزاب والحركات والهيئات التي تمثل الغالبية الساحقة للجمهور العربي، وبضمنه المسيحيون العرب.
وعندما تصل الى آخر مقالة عزب في شعور من الأسف والأسى، تفاجأ بمدى كراهية الكاتب للسكان العرب أبناء الجليل (ربما لأن المسيحيين يسكنون فيه مع اخوتهم المسلمين والدروز بانسجام وتفاهم)، حيث ينفث أنفاسه الحاقدة عليهم، ويدعي أنهم يشكلون حجر عثرة أمام المخطط، ويقول بحقد واضح " عرب الجليل، الذين حاربوا حتى اليوم بكل ما يملكون من أجل اعتمار الكوفية وأقاموا مهرجانات النكبة للتفاخر، يتنازلون ليس عن قوميتهم فحسب، بل عن أمور أكثر أهمية كي يبقوا مواطني اسرائيل. صدقوني". هذا الكلام سمعناه من قادة صهيونيين من قبل، ومن مشككين ومهزوزين فكريا وسياسيا، أما عند الكاتب فيفضح عقدة النقص لديه.
هكذا يختمها "صدقوني"، وأختمها بالقول له: نعم.. نعم، نصدقك أنك حاقد على أهالي الجليل وأنك تكره المسيحيين وأنك خادم لمخططات جهنمية صهيونية بالأساس، لكنك نصدق أيضا أنك ستبقى نفرا منبوذا لا قيمة له بين أبناء شعبنا.
[email protected]