إحتفالات الأعياد التي تزين مدينة حيفا في هذه الأيام بلغت أوجها مع نهاية العام، ومع حلول عيد المولد النبوي الذي احتفل فيه المسلمون إلى جانب الأعياد المجيدة التي جاءت تزامنا مع احتفالات عيد النور (الحانوكا) اليهودي.
احتفل طلاب الأطر الثنائية اللغة في حيفا كغيرهم بعيد الأعياد الذي جمعهم بفرح واحد مميز. فإحتفى الحفل الذي شمل شجرة العيد والأنوار، بضم الأهالي واستضافة بابا نويل ليملأ قلوب الطلاب بالفرح. وعبر أطفال الروضة ثنائية اللغة وطلاب الصف الأول ثنائي اللغة عن فرحتهم من خلال مشاركتهم في الفعاليات التعليمية والثقافية التي نظمت خصيصا من أجل الحفل.
وأشارت ياسمين أبو رقبة أم في الروضة ومركزة فعاليات المجتمع المحلي في حيفا: "فرحة الاحتفالات في أطر يدًا بيد التربوية لا تتم إلا عند التأكد من تسليط الضوء على القيم التي تعمل من أجلها المؤسسة، فتشكيل الهوية هو جوهر الوجود من أجل إنجاح نموذج الحياة المشتركة. لذلك نقوم حتى من خلال هذا الحفل بالتركيز على أهمية صقل الهوية الذاتية، بواسطة التعارف العميق بين الطلاب، إضافة إلى فعاليات التراث الثقافي والديني التي تجمع بين أعضاء المجتمع المحلي في حيفا، وتنظيم فعاليات جماهيرية أخرى ترتبط بالأحداث الجارية".
وأضافت: "النمو والتطور يقاس في العدد المتزايد والتسابق للتسجيل للروضة ثنائية اللغة ومدرسة يداً بيد التي بدأت تنمو منذ العام السابق. نحو أكثر من 114 طفل عربي ويهودي يتعلمون سوية ضمن خمسة مجموعات خصصتها رياض الأطفال التابعة لجمعية يداً بيد، من جيل سنة وحتى البستان. بالإضافة لطلاب الصف الأول الرسمي الذي إفتتحته بلدية حيفا في مدرسة الأحمدية في الكبابير مع بداية العام الدراسي الماضي، معًا يكونون تسلسل تربوي واحد".
وعبر موران أوفك مدير الروضة ثنائية اللغة في حيفا عن حماسه جراء فتح أبواب التسجيل أمام المنتسبين وقال: "بدء التسجيل بالنسبة لنا كطاقم ومعلمين يتطلب المزيد من التحدي وبذل الجهد، فنحن سفراء التغيير في الخارج. والتغيير معناه العمل على مدار الساعة من أجل الحصول على حيز جماهيري يتسع للجميع في حيفا، الأمر الذي يتطلب تميزًا على صعيد عملنا اليومي. فالدراسة في يداً بيد هدفها بناء نموذج تربية حواري وإنساني يضاف الى التعمق بالفحوى الدراسي المستند على البرنامج التعليمي. فنعمل على تطوير اليات مجتمعية، وقدرات ذاتية، وكذلك نقوم بتطوير قدرة الحوار، البحث، المسؤولية والإبداع. كل هؤلاء مرتبطون بالقيم الانسانية التي نؤمن بها".
وتابع: " نحن في الروضة نشدد على أهمية تقبل الاخر وتطوير طريقة تفكير نقدية، بالإضافة إلى تعلم اللغتين العربية والعبرية، يقوم الاولاد بالانكشاف على الثقافات المختلفة لطلاب الصف، على الأعياد، القصص العائلية، الأمور المشتركة والمختلفة بينهم. يتعلمون الاحترام، الاستفسار والبحث عن الاجابات".
من الجدير ذكره أنه بالإضافة إلى النشاط التربوي في الروضة والمدرسة، تعقد يداً بيد فعاليات جماهيرية للأهالي، وينضم لهذه الفعاليات المشتركة العديد من سكان حيفا. الترابط بين الأهل حصل بشكل طبيعي بدأ من خلال الأطفال ومشاركة أهاليهم في فعاليات الروضة، بعد أن تعرف الأهالي على بعضهم البعض وانسجموا في الفعاليات والرحلات المعدة لأولادهم، قام الأهالي بالمبادرة لعقد لقاءات خاصة بهم، من دون الأبناء. واستمرت مبادرة الأهالي هذه بالتطور فأخذوا ينظمون فعاليات مسائية للأهل،. ومع مرور الوقت شملت المبادرات العديد من الفعاليات التي خصصت للأولاد، للأهالي وللعائلات. وأصبحت اللقاءات تعقد على مدار كل شهر تقريبًا.
وصرح محمد مرزوق مدير الدائرة الجماهيرية في يدًا بيد: "نجاح نشاطات المجتمع المحلي في مدينة حيفا يزداد مع إرتفاع عدد الفعاليات الثقافية الواسعة والمتعددة التي ينظمها مجتمع يدًا بيد المحلي، والتي أصبحت عاملًا أساسيًا يؤثر على شكل مدينة حيفا. برز ذلك مؤخرًا من خلال حملة قام بها أفراد المجتمع المحلي لإستنكار سلوكًا عنصريًا لأحد أصحاب المقاهي في حيفا، في أعقاب منع العاملين من التحدث باللغة العربية أثناء عملهم. وتصدى أفراد مجتمع حيفا المحلي لهذا السلوك إثر الحادثة بواسطة عقدهم لقاء يجمع بينهم، قاموا خلاله بقراءة النصوص باللغتين العربية والعبرية في نفس المقهى، حاملين بذلك رسالة تؤكد على أهمية الحياة المشتركة وأهمية احترام الاخر في الحيز العام.
كما وقام أفراد المجتمع المحلي في حيفا مؤخرًا بالتجند لدحض التفوهات العنصرية التي مست المواطنين العرب وأمنهم، حين قام مسؤولون بتوجيه أصابع اتهامهم والتحريض على المواطنين العرب، وتحميلهم المسؤولية بحادثة إندلاع الحرائق في البلاد عامة وحيفا خاصة. بهذا نرى أن هناك حاجة للعمل على تكثيف النشاط العربي اليهودي في هذا الوقت بالذات، ونظراً لنجاح فعاليات المجتمع المحلي المستمرة، فلا عجب بأن طلب الإنتساب للأطر ثنائية اللغة في حيفا أصبح هائلًا.
وتابع مرزوق: "نحن لسنا متفاجئين من انه تم تسجيل أكثر من 40 طالب وطالبة للصف الأول للعام الدراسي القادم قبل أن يتم الإعلان عن بدء التسجيل للأطر ثنائية اللغة، بل على العكس فإن ذلك يدفعنا لمطالبة البلدية لفتح صف أول إضافي. الأمر الذي من شأنه طمأنة الأهالي بضمان مقاعد أبنائهم في صفوفنا في العام الدراسي القادم".
[email protected]