تدفع بلدية في القدس ومديرية أراضي إسرائيل بمشروع استيطاني يقضي ببناء 115 فيلا في قرية ليفتا المهجرة في القدس، إضافة إلى ترميم عدد مشابه من المباني القديمة في القرية وتحويلها إلى مساكن وحوانيت ومقاهي ومطاعم، فيما يعارض ويقاوم هذا المخطط مهندسون وأفراد معنيون بالحفاظ على القرية وكذلك مهجري القرية الفلسطينية.
ويشار إلى أن ليفتا هي واحدة من بين أكثر من 500 قرية فلسطينية هُجر أهلها عنها إبان النكبة عام 1948، لكن ما يميزها هو بقاؤه كما كانت، من حيث المباني، وكأن التاريخ جمدها، لتبقى شاهدة على جرائم التهجير التي نفذتها العصابات الصهيونية وقوات الجيش الإسرائيلي.
وكانت المحكمة المركزية في القدس أصدرت قرارا بإلغاء مناقصة نشرتها مديرية أراضي إسرائيل، قبل أربع سنوات، وطالبت السلطات بإجراء مسح أثري شامل، بادعاء ملاءمة المشروع الاستيطاني لاحتياجات الحفاظ على القرية، علما أن هدف إسرائيل هو طمس معالم القرية والتاريخ الفلسطيني للقرية.
وأجرت سلطة الأثار الإسرائيلية مسحا شاملا لقرية ليفتا، على أيدي مهندسين وعلماء آثار للمباني المتبقية في القرية وعددها 75. وجرى في هذا الإطار تأريخ المباني القديمة. وتبين من هذه العملية أن لأحد المباني القديمة في ليفتا، وهو الأقدم، توجد أجزاء بنيت في الفترة الرومانية أو الهلينية حتى، أي قبل أكثر من ألفي عام. وأقيمت على هذا المبنى عزبة صليبية، كما تبين أن هذا المبنى تحول إلى نواة القرية التي تطورت خلال الحقبة العثمانية طوال 400 عام.
وتوجد في ليفتا خمسة معاصر زيتون على الأقل، ويبدو أنها كانت مركز صناعي كبير وتزود القدس وضواحيها بزيت الزيتون. واكتشف بين هذه المعاصر شارع قديم استخدم لإدخال وإخراج البضائع من المعاصر.
كذلك اكتشف تحت بيوت قرية ليفتا عدد من المغاور العملاقة، التي استخدمت للسكن والتخزين على مر العصور، وإحداها تقع تحت الساحة المركزية وبالقرب من عين الماء الشهيرة في القرية.
وذكرت صحيفة هآرتس اليوم، الثلاثاء، أن الباحثين الذي أجروا المسح للقرية استعانوا بمهجري ليقتا الذين يسكنون في القدس الشرقية من أجل رسم صورة للعائلات والبيوت التي سكنتها والعلاقات بين هذه العائلات.
وقال رئيس طاقم الباحثين الذين عملوا في ليفتا من قبل سلطة الآثار الإسرائيلية، المهندس أفي مشياح، لـهآرتس إن هذا أكبر وأهم مسح وكذلك الأكثر تعقيدا، الذي أجرته سلطة الآثار، وآمل أن نتائجه ستؤدي إلى الحفاظ على القرية لصالح الأجيال القادمة.
والجدير بالذكر أن منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة أدخلت، العام الماضي، قرية ليفتا إلى قائمة المواقع المؤقتة تمهيدا للإعلان عن ليفتا كموقع تراث عالمي.
لكن على الرغم من نتائج المسح الأثري وقرار اليونسكو، إلا أن مديرية أراضي إسرائيل لا تعتزم إعادة النظر في المناقصة لإقامة المشروع الاستيطاني أو إجراء تغييرات فيها، وإنما الاكتفاء بإدخال بنود تتعلق بالحفاظ على مبان في ملحق المشروع. والأنكى من ذلك أن سلطة الآثار الإسرائيلية لا تطالب المديرية بإعادة النظر في المناقصة وخطة البناء. إذ من شأن شق شوارع جديدة في القرية أن تهدم الطرقات القديمة وتشكل خطرا على المبنى الاقدم في القرية. كذلك تبين أن قسائم الأرض التي تنوي المديرية بيعها لبناء فيلات جديدة عليها لا تتلاءم مع القسائم القديم ومن شأن البناء فيها أن يمس بالأشجار والجدران والمباني القديمة.
وطالب ممثل جمعية لاجئي ليفتا، المحامي سامي إرشيد، بأنه يجب الحفاظ على القرية كما هي اليوم، وتصحيح ما يمكن تصحيحه وإبقائها كقرية مفتوحة أمام الجميع.
قرية ليفتا المهجرة
[email protected]