وجه سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس تحية مسجلة من القدس الى المجتمعين في مؤتمر التضامن الدولى في جنوب افريقيا حيث وجه سيادته التحية باسم شعبنا وباسم القدس الى المجتمعين في هذا المؤتمر في مدينة جوهانسبورغ في جنوب افريقيا .
وقال سيادته في كلمته بأننا نبعث اليكم من هذه الارض المقدسة بمحبتنا وتقديرنا ووفاءنا لكل واحد منكم وانتم تلتقون ورسالتكم هي الدفاع عن حقوق الانسان ونصرة المتألمين والمعذبين والمضطهدين في هذا العالم .
ان فلسطين الارض المباركة والمقدسة التي اختارها الله مكانا لتجسد محبته نحو البشر هي ارض تحمل رسالة سلام ومحبة واخوة ، انها اقدس بقعة في العالم تحتضن تراثنا الروحي والانساني والوطني ، التفتوا الى فلسطين وشعبها الجريح ، التفتوا الى اسرانا ومعتقلينا في سجون الاحتلال وبعضهم مضرب عن الطعام في صرخة موجهة الى كل اصحاب الضمائر الحية في العالم ، اسرانا يضربون عن الطعام ويجوعون لكي يوصلوا صوتهم الى هذا العالم ولكي يقولوا بأننا شعب يعشق هذه الارض ونريد ان نحيا احرارا في وطننا وفي كنف مقدساتنا، انهم يجوعون لكي يقولوا للعالم بأسره بأن الحرية لا يمكن لاحد ان يساوم عليها فحريتنا هي كرامتنا وهي ثقافتنا وهي رسالتنا ومبادئنا ، فكل التحية للاسرى المضربين عن الطعام املين ان يصل صوتهم الى هذا العالم لكي يلتفت الى شعبنا ومعاناته وآلامه وجراحه.
اما مدينة القدس العاصمة الروحية والوطنية لشعبنا فهي مستهدفة بشكل غير مسبوق واجراءات الاحتلال في المدينة المقدسة مستمرة ومتواصلة حيث انهم يريدون ابتلاع هذه المدينة وتشويه صورتها وهويتها وتاريخها وتراثها ، القدس مدينة تختلف عن اي مدينة اخرى في هذا العالم ، القدس قطعة من السماء على الارض وهي المدينة التي نعشقها وننتمي اليها ونصلي ونسجد فيها طالبين من الله ان ينعم علينا بمراحمه وان يقوينا ويعزينا ويثبت وجودنا وصمودنا وبقاءنا في هذه المدينة المقدسة .
التفتوا الى المدينة المقدسة التي يعامل فيها ابناءها كالغرباء ، التفتوا الى مقدساتنا ومؤسساتنا وشعبنا المرابط في المدينة المقدسة وكونوا سندا وعونا لهذا الشعب الذي يقف في الخطوط الامامية دفاعا عن قدسه ومقدساته وكرامته .
اما الفلسطينيون الذين نكبوا عام 48 ونكسوا عام 67 والكثيرون منهم طردوا من وطنهم وشردوا واقتلعوا اقتلاعا من هذه الديار المقدسة وهم منتشرون في كل القارات ، هؤلاء يحق لهم ان يعودوا ويجب ان يعودوا الى وطنهم ، ففلسطين لأبناءها ولا يمكننا ان نقبل او نستسلم لاولئك الذين يريدوننا ان نتنازل عن حق العودة ، فلا تنازل عن حق العودة وعودة الفلسطيني الى وطنه هي التي ستقيم الدولة وهي التي ستعيد القدس الى اصحابها والى وضعها الطبيعي .
لن يتنازل شعبنا عن حقوقه وثوابته وعن مطالبه العادلة ومهما كثرت المؤامرات التي تحيط بنا والمخططات الهادفة لتصفية قضيتنا فسنبقى اصحاب قضية عادلة ، لا بل اقول اعدل قضية عرفها التاريخ الانساني الحديث ، نتمنى منكم ونطالبكم بأن تكونوا دوما الى جانب شعبنا وان تعبروا عن تضامنكم دوما مع عدالة القضية الفلسطينية بعيدا عن كل اولئك الذين يسعون لتشويه صورة شعبنا وتجريم نضاله المشروع وسعيه من اجل الحرية واستعادة الحقوق .
لا تتأثروا بالتضليل الاعلامي وتزوير الحقائق والوقائع ، لا تتأثروا بأولئك الذين يسعون لإبراز شعبنا وكأننا جماعة ارهابية لا تفهم الا لغة الموت والقتل والارهاب ، ونحن لسنا كذلك، لسنا ارهابيين ولسنا قتلة ومجرمين بل نحن عشاق هذه الارض الساعين من اجل الحرية والكرامة واستعادة الحقوق السليبة ، نحن ضحايا الارهاب ونحن ضحايا العنصرية التي نتمنى ان تزول كما ازيلت في وقت من الاوقات في جنوب افريقيا ، عندكم انهار نظام الفصل العنصري اما عندنا فالعنصرية تزداد توحشا وامعانا واستهدافا لشعبنا ، اسوار وحواجز عسكرية تفصل الانسان عن اخيه الانسان ، وشهدائنا يقتلون بدم بارد ، وشبابنا يعتقلون لأنهم وقفوا في وجه الاحتلال وقالوا كلمة " لا " للاحتلال .
احييكم بإسم كنائس القدس ومسيحييها بإسم اولئك الذين يناضلون جنبا الى جنب مع اخوتهم المسلمين من اجل الحرية والانعتاق من الاحتلال ، المسيحيون في ديارنا كسيدهم ينادون بالعدالة والسلام والمحبة ولكنهم لم ولن يستسلموا للظالمين الذين يحتلون ارضنا ويستهدفون مقدساتنا وشعبنا .
المسيحيون الفلسطينيون ينتمون الى هذه الارض التي منها انطلقت المسيحية الى مشارق الارض ومغاربها ، فهنا مهد المسيحية وقد تباركت وتقدست هذه الارض بحضور المخلص ووالدته وقديسيه ورسله وشهدائه ، لن نستسلم للشر ولن نقبل ببقاء الاحتلال والظلم واستهداف شعبنا الذي نحن جزء اساسي من مكوناته ، المسيحيون الفلسطينيون هم ملح وخميرة وحلاوة لهذه الارض ومع اخوانهم المسلمين يجسدون هذه اللوحة الفسيفسائية الرائعة التي تميزت بها ديارنا وارضنا المقدسة ولقرون طويلة .
نحن نرفض الارهاب والعنف واستهداف الكرامة الانسانية ونطالب شعوب العالم بأن تقف الى جانب شعبنا الذي يدافع عن انبل واعدل قضية عرفها التاريخ الانساني الحديث .
انني اخاطبكم من القدس لكي اعبر لكم عن هواجس وتطلعات شعبنا ولكنني ايضا اتمنى منكم ان تلتفتوا الى جراح سوريا فألمنا واحد ومعاناتنا واحدة وعدونا واحد ، نتمنى السلام لسوريا وان تفشل هذه المؤامرة التي يتعرض لها هذا البلد العريق ، هذا المخطط الهمجي الذي يستهدف منطقتنا ومشرقنا العربي بهدف تفكيكنا وتدمير ثقافتنا ونسف قيمنا والنيل من حضارتنا وتاريخنا ، اعدائنا يستهدف مشرقنا العربي تحت مسميات متعددة ولكن الهدف واحد وهو الدمار والخراب والتفكيك والتشرذم والنيل من عزيمة وقوة شعوبنا وبلداننا العربية ، نتمنى ان تتوقف الحرب التي تستهدف سوريا ، ونتمنى ان تفشل المؤامرات التي تستهدف العراق وان تتوقف الحرب على اليمن وان يعود السلام الى ليبيا والى كافة ارجاء منطقتنا العربية ، نحن نتضامن مع ضحايا الارهاب في كل مكان في هذا العالم ، فالارهاب الذي يستهدفنا هو واحد وهدفه واحد وهو الدمار والخراب والنيل من تاريخ وهوية مشرقنا العربي.
سلام لكم من القدس وسلام لكل واحد منكم وانتم تنتمون الى اديان وشعوب متعددة ولكنكم تلتقون معا في بوتقة واحدة اسمها القيم الاخلاقية والانسانية ، وسلام من القدس لدمشق وبغداد واليمن وليبيا ، سلام من القدس الى كل انسان مجروح ومتألم ، سلام من القدس لكل شعوب العالم آملين من الجميع الى ان يلتفتوا الينا والى آلامنا وجراحنا .