لا انكر، أنّ الكلمات تصارعت في ذاكرتي، والعبارات تزاحمت في مخيلتي، تردّدتُ كثيرًا وثقل قلمي قبل ان اسطر كلمتي السنويّة بهذه المناسبة العطرة، التي اضطر من خلالها ان اكون متشائمًا وابرز الجانب السلبي لكل ما يتعلق بأجواء الاستعدادات لاستقبال العيد.
والسؤال الذي يطرح نفسه ويثير الاستغراب والدهشة: لماذا لا نكون أكثر واقعيين ونتكلم بصراحة وشفافية، ونعطي الصورة الحقيقية ونصف اجواء عيد رائعة وكأنه شيئًا لم يحدث ويعكر صفو العيد وحالنا واوضاعنا ومحيطنا عال العال؟! بينما الحقيقة عكس ذلك، وملامح وجوهنا تعبر بكل وضوح عمّا يجول في قلوبنا من غصّات أليمة نتيجة تدهور اوضاعنا وكثرة همومنا، حيث ثقافة المظاهر الخدّاعة سيطرت علينا ناسينا مسلسلات القتل والدمار، إراقة الدماء وتشريد الأطفال والنساء من بيوتهم وابسط الخدمات الإنسانية يموتون كل دقيقة قهرًا بسبب فقدان كرامتهم وما لحق بهم من إهانات وظلم، بالإضافة إلى فقدان العيد معانيه الاجتماعية، التربوية والدينية التي طالما تغنّينا وافتخرنا بها.
تغرينا الحركة المنتعشة وزحمة الشوارع، تغلّب علينا شعور اللامبالاة والفتور وغدت هذه المناسبة مجرد عطلة عابرة للتنزه والسفر لخارج البلاد. حتى الحارات القديمة والسّاحات خالية حزينة تندب الوحدة وتبكي على الماضي، فلم يعد العيد محطة فرح وامل حتى الصّغار لم يعد ينتظره بقناعة ولهفة متأثرين بتصرف الاهل، حيث يتبادل الاخوة الاتهامات ويتكلمون بلغة التجريح وتصفية الحسابات.
آه ثم آه، كم نتوق ونحنُّ لأيام زمان حين كنا ننتظره بفارغ الصّبرِ، نحمل القناديل ونتجول في الحارات والساحات والبهجة لا تفارق محيّانا، تلتقي الأسرة عند كبير العائلة تعيّد مع بعضهم البعض ومن ثم على الجيران والاصدقاء وتجلس العائلة على مائدة واحدة في جوٍ من التآخي...
أساله تعالى ان ينصر المظلوم، أن تتحقق العدالة فعلاً وقولاً، وان يعم السلام والاستقرار شرقنا العزيز والعالم اجمع، أعاده الله على المحتفلين بالرفاه وهداة البال...
[email protected]