عند قراءتنا لقصائد ابتهاج داود خوري في مجموعتها الشّعريّة ,باكورة أعمالها الأدبيّة , الّتي تحمل عنوان "حيثُ أُنثى الحبّ ..تلِد " نقف مشدوهين أمام هذه النّصوص الشّعريّة لفرادتها على الصّعيدين اللغوي والفكري , فالشّاعرة ابتهاج داود خوري تنتهج في كتابة نصوصها الشّعريّة هذه أسلوبًا يمتاز بالبُعد عن المألوف من حيث الشّكل والمضون , فهي تطرق أبواب الشّعر بكلماتٍ يطغى عليها المعنى الفلسفي من خلال الانزياح الشّعري المنبثق من المجاز اللغوي والاستعارات بمتصاحبات غير شائعة في عالم الشّعر المتداول , فقصائد هذه المجموعة , رغم أنّ الكاتبة تتوخّى فيها وحدة القافيّة , فإنّها تندرج بغالبيتها ومعظمها في إطار الشّعر المنثور أو النثريات ذات الموسيقى الدّاخليّة الّتي تخاطب وتداعب الذّائقة الذّهنيّة للقارئ أو المستمع دون أن يكون هناك إيقاعٌ غنائي ملموس أو ملحوظ .
إنّ السّطور الشّعريّة في نصوص مجموعة الشّاعرة إبتهاج داود خوري تدعو إلى الانشداه والتّعجب بفعل كلماتها الفلسفيّة ومضمونها المُلغَز , وكأنك تتعامل مع أحجيات تتطلّب إعمال الفكر وسبر غور ما وراء هذه الكلمات والسّطور ,لا سيّما وأنّ الشّاعرة تلجأ إلى العزف على وتر إنتقاء مفردات تُحَيّر المتلقي العادي عند محاولتهِ الكشف عن المعاني الفلسفيّة والفكريّة الكامنة وراءها , فالشّاعرة إبتهاج داود خوري تتعمّد من هذا المنظور أن تكون من الرّائدات أو الرّواد في صياغة نوعٍ فريدٍ من النّصوص الشّعريّة الّتي تعكس واقعًا جديدًا من الأدبيّات المتسمة بفلسفة الموضوعات الغامضة المطروقة بشكلٍ يتجاوز العاطفة الصّريحة أو وجدانيّة المشاعر الواضحة , ومن هنا يغلب على نصوص هذه المجموعة الطّابع المتجانس في الصّور والإيحاءات والتّداعيات إلى حدٍ كبير لافت .
وهكذا , فنخلص إلى القول بأنّ الكاتبة أو الشّاعرة إبتهاج داود خوري كانت متميزة في هذه النّوعيّة من النّصوص الشّعريّة حيث أنّها لم تتعامل مع الشّعر بالطريقة الكلاسيكيّة أو الأسلوب المُنتهج حديثاً , بل إنّها غامرت بما إعتمل في نفسها من قناعة إختراق الحواجز المتعارف عليها , والولوج إلى عالمٍ جديد من الشّعر تجد فيه مبتغاها للاندماج في دنيا الابداع الادبي كشاعرة واعدة.
فللأخت إبتهاج , أصدق وأطيب التّمنيّات بالتّوفيق وتحقيق الأماني بمستقبل أدبي مُشرق زاهر .
الدكتور منير توما
كفرياسيف
[email protected]