كشفت دراسة لباحث فلسطيني من مدينة سخنين عن جين جديد يؤدي للسمنة المفرطة، وذلك بجانب أسباب غير وراثية متعددة تنتشر بشكل مقلق بالمناطق العربية. وفي مقابلة له أكد الباحث الدكتور عادل شلاعطة أن نسب السمنة المفرطة والسكري في ازدياد مضطرد في كل الأقطار العربية.
ويقرع الباحث الدكتور شلاعطة "الخزان" على مسامع فلسطينيي الداخل إزاء ارتفاع مقلق جدا في ظاهرة البدانة مقارنة مع العالم العربي ومع المواطنين اليهود في إسرائيل.
ويشير الدكتور شلاعطة -وهو مدير معهد الطب الوراثي بمستشفى صفد- إلى أن معطيات رسمية اطلع عليها لم تنشر بعد، تبين أن ظاهرة السمنة الزائدة تطال نحو 60% -70% من النساء الفلسطينيات بالداخل نتيجة عدة عوامل منها البطالة والطعام الزائد والتوقف عن العمل بالزراعة بعكس الماضي.
ويشرح شلاعطة أن البدانة وباء عالمي لكنه منتشر أكثر حيثما يقل الوعي لحيوية المجهود الجسماني، مضيفا أن هناك أسبابا وراثية أيضا خلف ظاهرة السمنة، ومنوها لوجود عائلات معينة يميل أفرادها للبدانة منذ الطفولة المبكرة
جينات متعددة
ورغم تقدم العلم لم يكتشف الأطباء بعد سوى 10% من الجينات المسببة للسمنة الزائدة لدى البشر أما بقيتها فما زالت مجهولة. بعض هذه الجينات يزيد الوزن عدة كيلوغرامات وبعضها الآخر يضاعف الوزن ثلاث مرات.
وفي دراسته التي نشرت الشهر الماضي بالمجلة العلمية الأميركية "American Journal of Human Genetics" ولقيت أصداء واسعة في الولايات المتحدة، تمكن الطبيب الفلسطيني شلاعطة عبر إجراء مسح للجينيوم من تحديد جين جديد يسبب سمنة لدى عائلة عربية في الجليل. وشملت الدراسة عدة عينات، كبارا وصغارا، من الإخوة الأصحاء والمصابين بالسمنة المفرطة ومن الآباء والأمهات.
ولتعزيز استنتاجه العلمي، أجرى الباحث عملية هندسة وتعديل وراثي على فأر مخبري يشبه وضع الإنسان المريض بالسمنة المفرطة. وخلال التجربة تم تعطيل الجين "Cep19" لدى الفأر الموازي لجين "CEP19" عند الإنسان، وعندئذ تبين أن الفأر المعدل وراثيا قد تعرض هو الآخر للسمنة.
ويقول شلاعطة إن السمنة لدى العرب تتبع نمط الوراثة المركبة كبقية سكان العالم، أي أن المرض يدخل فيه العديد من العوامل الوراثية والبيئية.
ولكن الباحث ينوه بالمقابل إلى وجود عائلات تميزها نسبة بدانة عالية جدا وهي تتبع الوراثية المندلية التقليدية، وهذا يعني -برأي شلاعطة- أن جينا واحدا هو المسؤول عن السمنة وذلك ضمن نمط الوراثة المتنحية أو السائدة.
زواج الأقارب
ويفسر ذلك بالإشارة لزواج الأقارب بين العرب حيث تكون الأمراض الوراثية "متنحية" إذ أن الوالدين أصحاء لكنهما "ناقلان للمرض". وبهذه الحالة يكون وزن الأب والأم طبيعيا لكنهما ينجبان أولادهما الذين يطور بعضهم السمنة. ويلفت شلاعطة إلى أن النمط الوراثي السائد يقترن بسمنة مفرطة عند أحد الأبوين الذي ينقل الداء بنسبة 50%.
ويشرح شلاعطة أن الوراثة هي العامل الأساسي في السمنة لكن يضاف لها عوامل أخرى قد لا تقل أهمية وقد تتفاعل مع العوامل الوراثية، ومنها البيئة والوضع الاقتصادي الخاص والعام المؤثر على وفرة الطعام ونوعيته، ونمط الحياة الشخصي، والوضع الصحي، وتناول الأدوية والتدخين.
ويشير إلى أن نسبة زواج الأقارب مرتفعة في كل الأقطار العربية، والأمراض الوراثية شائعة جدا، ونسبة السمنة المفرطة والسكري في ازدياد مضطرد.
يؤكد شلاعطة أن نتائج دراسته ليست مبررا للسمنة وعدم اعتماد نظام صحي عبر القول إن الشخص محكوم عليه بالبدانة وراثيا، ويقول "قد نتساءل بحق هل عدم التقيد بنظام غذائي سليم أو عدم التقيد ببرنامج رياضي لمدى بعيد هو وراثي أيضا؟" مشيرا إلى أنه باستطاعة الشخص التحكم بكمية ونوعية الطعام إضافة لإمكانية تحكمه بما يحرقه من سعرات حرارية يوميا عبر النشاط والرياضة.
[email protected]