من الطبيعي في مثل الظرف الذي نواجهه في هذه المرحلة والذي يدعونا الى التعامل مع قرار خطير وغير مسبوق على الأقل في العقود الأخيرة ..
من الطبيعي ان تصدر بيانات الاستنكار والشجب والتنديد ...
من الطبيعي ان تتداعى مؤسساتنا الوطنية بشكل طارئ للتباحث في سبل مواجهة الواقع الجديد ..
من الطبيعي ان تتحرك حركتنا الإسلامية الام قبل ومع باقي مكونات مجتمعنا العربي وبعدها لمتابعة الازمة لكل الأسباب التي في الدنيا ، مضافا اليها عامل الوحدة الفكرية والايدولوجية ووحدة الحال ... نحن اقرب الى اخوتنا الشماليين من غيرنا ، وعليه نتحمل مسؤوليات اكبر تجاههم ، مع تقديرنا للموقف المشرف لكل مكونات مجتمعنا الدينية والوطنية ..
بعيدا عن كل ما سبق ، رأيت من المناسب تناول هذا التطور من منظوره الاستراتيجي بالنسبة لنا كإسلاميين ، مستدعيا تجربة الماضي ، واحوالنا في الحاضر ، ومستشرفا المستقبل الذي نتمناه ...
هذا هو الوقت المناسب لعودة الوعي ... ان لم نعد الى هذا الوعي في ظل ما حَزَبَنا من امر جلل ، فمتى سنعود ؟!!!!!!!!!!!!!
( 1 )
منذ سماعي بالقرار الاسرائيلي الظالم بخصوص الجناح الشمالي في الحركة الاسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح فجر اليوم الثلاثاء 17.11.2015 ( الإعلان عنه كتنظيم محظور ) ، وسؤال مهم يلح عليَّ ....
ما هو الرد المناسب على هذا القرار على مستوى الحركة ؟!!!!!!!!!!!! قلت على مستوى الحركة ، لان جواب السؤال حول ما يمكن عمله على مستوى عموم الجماهير العربية كثير اعلاميا وجماهيريا وقضائيا ودوليا ، وقد بدأت قيادة الحركة الإسلامية به منذ ساعات الفجر الاولى بالتنسيق مع قيادة الجناح الشمالي ومع كل مكونات مجتمعنا العربي على مستوى لجنة المتابعة والجهات الحقوقية ذات الصلة ...
( 2 )
الذي يهمني الان ، ما الرد المتوقع على مستوى الحركة ؟!!!!!!!!!!!!
هنا يجب ان اكون صريحا ، فأقول انني لو كنت محل الشيخ رائد صلاح لكان ابلغ واوجع رد لي على القرار الاسرائيلي الغاشم ، دعوته العلنية الانضمام هو وكوادر شقيقتنا الشمالية الى الحركة الاسلامية الام بقيادة الشيخ حماد ابو دعابس ، فورا ودون ابطاء ، على قاعدة ان لهم ما لنا وعليهم ما علينا .... هذا الاعلان سيحقق مجموعة من الاهداف مرة واحدة :
اولا - ( سيبنشر ) قرار الحكومة الاسرائيلية ويربكه كثيرا .
ثانيا - سيفوت على اسرائيل خطتها للتفرد بمكونات مجتمعنا واحدا واحدا .
ثالثا - سيفهم اسرائيل ان قرارات من هذا النوع ستدفع الى وحدة العرب والمسلمين لا الى تفرقهم او زوالهم واختفائهم ، تماما - مع الفارق - كما كان قرارهم برفع نسبة الحسم في الانتخابات البرلمانية سببا مباشرا في وحدة الاحزاب العربية ، بدل ان يكون سببا في اسقاطها جميعا كما خطط لذلك واضعو القانون .
رابعا - ستتحقق وحدة الحركة الاسلامية التي ما زالت تراوح مكانها منذ 1996 وحتى الان .
خامسا - سيقلب السحر على الساحر ، وسنثبت لإسرائيل ان وحدتنا اقوى من فاشيتهم ، وان باستطاعتنا تحويل خططهم الخبيثة الى رافعة نهضة ..
سادسا - سنحافظ على المد الاسلامي بل ومضاعفة قوته في ظل الحركة الاسلامية الواحدة والتي لن تستطيع اسرائيل الاقتراب منها ولو في المدى المنظور ..
قرار إسرائيل يشكل تحديا حقيقا ليس امام الجناح الشمالي في الحركة فقط ، وانما امامنا كمجوعة قومية تواجه التمييز العنصري والقهر القومي منذ قيام إسرائيل عام 1948 وحتى اليوم . حتى أكون اكثر دقة ، هذا القرار يخلق أزمة لا بد من التعامل معها بشكل حاسم ولكن بأعصاب باردة قدر المستطاع بعيدا عن العاطفة ، متحررين ما استطعنا الى ذلك سبيلا من كل القيود التي ضيقت فرص النظر في ملفات في منتهى الأهمية في ظل ظروف ( اللاأزمة ) ، مع انني من الذي يدعون اننا نعيش ازمة مستعصية في اتجاه الذات وفي اتجاه الآخر طوال الوقت ، رضينا بذلك أم ابينا ..
بعيدا عن فرضية ما إذا كانت هذه الازمة متوقعة ام لا ، وهل هي مجرد ازمة ام كارثة ، يبقى السؤال المهم والذي يشكل قلب دعوتي الى استثمار هذا الواقع الجديد لقلب الطاولة في وجه من اتخذ القرار ...
عند منعطفات سابقة حَطَّطَتْ بِكَلْكَلِها على ارض الجناح الشمالي في الحركة الإسلامية ، وفي وقت شَغَلْتُ فيه رئاسة الحركة الإسلامية الام ، وذلك في فترة ما بعد من ( انشقاق ) الحركة في العام 1996 ، كنت اكرر دائما السؤال : لو كانت الحركة الإسلامية موحدة ، أكان من الممكن لإسرائيل ان تنفرد بالجناح الشمالي اعتقالا وتقييدا للحركة وحصارا للنشاطات ، هذا في مراحل سابقة ، وانتهاء بإخراج الحركة الإسلامية عن القانون امس الثلاثاء ..
بناء على نفس القاعدة ، من حقي ان اسال السؤال الذي سالته دائما ، والذي يحمل في هذا الوقت ابعادا جديدة في منتهى الخطورة ... السؤال هو : هل كانت حكومة إسرائيل لتنجح في اخراج الحركة الإسلامية خارج القانون لو كانت الحركة موحدة وواحدة ؟!!!!!!!!!!!!!!
قد يقول البعض : نعم ......... وقد يقول البعض : لا .... لكن مهما كان الجواب ، وأيا كان منهما كان صحيحا، احدهما او كلاهما ، سيبقى المنطق منحازا الى مسألتين لا اعتقد انهما يمكن ان تغيبا عن العقل السليم :
الأولى ، ان الحكومة ستفكر كثيرا قبل ان تخرج الحركة الإسلامية كلها لو كتنت واحدة موحدة ، وقد تستمر في تبني البديل الذي تبنته في مراحل سابقة تجاه الجناح الشمالي : التضييق ، الملاحقة .. الخ .. لا اكثر ، وهو اقل خطورة بكثير من الإخراج خارج القانون ..
الثانية ، الحركة الإسلامية الواحدة والتي تضم في قيادتها تشكيلة من الأفكار وحتى الأمزجة ، تمتلك من ( الفرامل ) ما يجعلها مسيرتها اكثر أمنا ، وبالتالي اقل تعرضا لهجمات عدوانية من أي مصدر ..
( 3 )
ان كان هنالك في الجانب الاسرائيلي من يظن انه بحظر الجناح الشمالي للحركة الاسلامية داخل الخط الاخضر ، يمكن اقصاء دور الاسلاميين على جانب كل مكونات الجماهير العربية ، عن ساحات الدفاع عن قضايا شعبنا والتي تشكل قضة القدس والاقصى قلبها النابض ، فانه واهم .... واهم ........ واهم ....
هذا الاجراء الغبي والحاقد سيزيد من التفافنا حول القدس والاقصى ، وسيشحذ هممنا اكثر واكثر للرباط فيهما ، وسيتفاجأ من يتوهم ان إسرائيل بقرارها هذا ستفتح الباب على مصراعيه امام اوباش المستوطنين والمتطرفين اليهود في تكثيف هجمتهم على الأقصى والقدس ، سيتفاجأ ان قراره هذا سيجدع يد ورجل وانف كل من توسل له نفسه المس بالأقصى المبارك ، وسيظل كل المسلمين العرب الدرع الذي يدافع عن مقدساتنا ، والصخرة التي تتحطم عليها خطط اعدائه الخبيثة ..
الذين اتخذوا القرار ليسوا اكثر من مجموعة من الاغبياء الذين امتزج غباؤهم مع جرعة قاتلة من الحقد الدفين على الكل الفلسطيني في الداخل وفي كل فلسطين ، وان شّكَّلَ الجناح الشمالي في الحركة الاسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح الهدف المناوب لهذه السياسة العمياء في هذه المرحلة ...
( 4 )
على الجميع ان يعوا ان استهداف الشيخ رائد والحركة التي يقف على راسها لا يعني بحال من الاحوال ان الحكومة لا تكيد لكل مكونات هذا المجتمع وعلى راس هذه المكونات الحركة الاسلامية الام التي يرأسها اليوم الشيخ حماد ابو دعابس ، والتي درج دهاة اسرائيل الامنيون والسياسيون على وصفها ب - ( الذئب في اهاب الحمل !!!!!!!!!!! ) ....
كلنا مستهدفون ، وان بالتدريج / بالأقساط ، وعليه فليس امامنا من خيار الا التوحد على مستوى الحركة الاسلامية واول خطواتها انضمام الشيخ رائد وكوادره فورا الى الحركة الاسلامية الام ، وهي الخطوة التي ستحقق مجموعة مهمة من الاهداف وعلى راسها رد هذا السهم الى صدر الحكومة وسحب البساط من تحت اقدامها .... اما المطلوب على مستوى الجماهير العربية فمزيد من الوحدة والالتفاف والتعاون والعمل المشترك والوقوف معا سدا منيعا امام هذه السياسيات الاسرائيلية الغاشمة ...
( 5 )
المسؤوليات الملقاة على عاتقنا جميعا كبيرة وكثيرة ، والتحديات التي تواجهنا خطيرة ، وفريضة الساعة تتلخص في نسيان الانانيات ، والتركيز على الجامع ، فهو طريق النجاح ..
اما اسرائيل وسياساتها فهي اهون من بيت العنكبوت ان شاء الله ، ولن تنجح ابدا في منعنا من الاستمرار وبكل قوة في خدمة قضايانا الدينية والوطنية ..
[email protected]