احذري السخرية منه ، فليس معنى أنه طيب القلب واسع الصدر حليم يعاملك في كثير من الأوقات باعتبارك طفلته المدللة وأميرته المتوجة؛ ليس معنى ذلك كله أنه سيقبل سخريتك منه واستهزائك به واستخفافك بمشاعره وآلامه وهمومه، فمهما كان هو زوج ينتظر من أن زوجته أن تكون إنسانة ناضجة واعية ذات شخصية حكيمة قادرة على تحمل المسؤولية.
ثم كيف سولت لك نفسك منذ البداية أن تسخري من زوجك؟ هل تصورت أنه لا يوجد خط فاصل ملون بلون أحمر هو نفس لون الدم القاني بين “خفة الظل وعذوبة الروح والفكاهة” من جهة وبين “الاستهزاء بالآخرين والسخرية منهم والتعامل معهم باستخفاف” من جهة أخرى؟
ليس مبرراً مقبولاً لك عند الله عز وجل وعند المجتمع أن فارق السن بينك وبين زوجك قد تجاوز الأعوام العشرة أو ربما الأعوام الخمسة عشر؛ ذلك أن هذا قد يحدث كثيراً في مجتمعاتنا الشرقية حيث لا يقوم الزواج في كثير من المناطق والثقافات على أساس الأفكار المتوافقة والوجدان المتشابك والتناغم في الاهتمامات والذكريات، وإنما يقوم على أسس أخرى تتعلق بإمكانيات الزوج المادية ورغباته التي شرعها الله تعالى فبعد سنوات طويلة من محاولة كسب الرزق وتوفير الحياة الرغدة أصبح الرجل قد تجاوز من عمره الثلاثين أو الأربعين ويتوق الآن للزواج فهل يسوغ لك ذلك أن تسخري منه وتعامليه باستخفاف واستهانة ثم تقابلي ربك وقد أهدرتي فرصتك في الخروج بأهم العلاقات في حياتك إلى بر الأمان؟
مما يساعدك على التوقف بشكل حاسم وقاطع عن الوقوع في السخرية من الزوج أن تستحضري بصورة يومية فضل الزوج على زوجته من الناحية الشرعية فهو المفتاح الذي يمكنها من خلاله أن تدخل إلى جنة رب العالمين أو تسقط من خلاله إلى الجحيم، فرضاه عنها او غضبه عليها سيكون أحد أهم المعايير التي تتحكم في حسابها يوم القيامة.
وكذلك مما يساعد الزوجة على احترام الزوج وتوقيره أن تتذكر كيف كانت ستتعامل مع والدها وهل كان يمكن أن تسخر من والدها وتستهزىء به لمجرد أنه طيب أو حنون القلب أو لا يريد أن يكون قاسياً معها، ثم لتتفكر هذه الزوجة قليلاً فهل تقبل إن تزوج والدها من فتاة مثلها أن تظل هذه الفتاة تسخر منه وتتلاعب بمشاعره وتستهزىء بتصرفاته وأقواله؟ بالتأكيد لا ترضى هذه الإنسانة لوالدها أن يتعرض لهذه الإهانات، فلتعامل زوجها بما ترضاه لوالدها حتى تكون قد أنصفت من نفسها.
وعلى الزوجة أن تتذكر على الدوام أنها إن سخرت من زوجها لأنه يكبرها بالسن بكثير أو لأنه لم يعد يستطيع أن يتكيف مع تطورات العصر أو لأنه غير متقبل لحالة المرح وأجواء اللعب التي تحاول أن تضع نفسها فيها باستمرار فإنه سياتي عليها يوم من الأيام في المستقبل ويقيض لها الله تعالى من يسخر منها ويتلاعب بعاطفتها ويذيقها المرار أشكالاً بينما تكون هي قد وصلت في ذلك الحين إلى المرحلة العمرية التي تحتاج فيها إلى كل احترام وتقدير وحب صادق.
[email protected]