المقدمة:
شاهدت عدة مرات طيور الغُراب ، تطير فوق مكان تكثر فيه حركة المارة والمشاة ، وحيث تكثر اشجار الجوز المحملة بثمارها ، تحلق طيور الغُراب و تسقط حبات الجوز عمداً من ارتفاع عدة امتار، أمام المشاة لتكسرها نتيجة الصدمة او/ و اثر دوس المشاة فوقها، واذ دل توقيتها في رمي الجوز والعودة لالتقاطها على شيء فقد دل على ذكائها. كما وشاهدت قبل اسبوع مجموعة اخرى من الغربان داخل القرية بالقرب من اشجار الجوز ، تطير أمام المركبات ثم تسقط حبات الجوز، لكي تكسرها عجلات المركبة، واذا لم يحدث ذلك كانت تعود وتلتقط حبة الجوز وتنتظر السيارة التالية مع العلم أن العودة للشارع والتقاط الثمار من الشارع يحتاج الى مهارة ودقة توقيت كي تتحاشى الغربان حركة سير المركبات. رأيت يوما احد الغربان في حديقة عامة، يسرق كيساً من المسليات، كان بيد أحد الأولاد ويبتعد به قليلاً ليتغذى بمحتوياته ، لكن وعند اقتراب الغراب "الزعيم" تنحى ذلك الغراب عن وليمته.
الحياة الأسرية للغربان:
تعيش الغربان في مجموعات لكل منها قائدها او زعيمها (رئيس / حاكم) يقف على أعلى غصن من الشجرة والأقل رتبه منه يكون على غصن أقل ارتفاعاً . في المجموعة يعيش الذكر والانثى بأزواج لمدى الحياة ويعتنيان بفراخهما ، وعند موت احدهما يبقى الطرف الاخر وحيدا لبقية حياته .
لكل مجموعة توجد قوانين ومحاكم تعقد في الحقول تحضرها غالبية أفراد المجموعة، حيث تفرض على كل مخالفه عقوبتها الخاصة. مخالفة سلب طعام الفراخ يعاقب المخالف من قبل مجموعة الغربان بنتف ريشه حتى يصبح عاجزاً عن الطيران كالفرخ الصغير. اما اذا قام أحد الغربان بهدم عش ليس له، فيعاقب ببناء عش جديد مكانه . أما الاعتداء على انثى (زوجة) غراب آخر فعقوبتها الهجوم الجماعي بالمناقير من قبل المجموعة حتى موت الغراب المعتدي. الغربان تدفن موتاها وقتلاها في حفرة وتغطيها بالتراب.
من جلب الغذاء للنبي إيليا (الخضر) الغُربان أم العُربان
الغراب هو جنس من الطيور ينتمي إلى الغُرابيات ،هو من الطيور المعروفة في غالبية أنحاء العالم، تتعدد أنواعه وأشكاله وفصائله، وقد غلب عليه اللون الأسود و صوت نعاقه الذي جعل الناس تتشاءم من رؤيته أو سماع صوته. توجد في بلادنا عدة انواع من الغربان: منها الغراب الرمادي وغراب الحرش، يتميز الغراب بذكائه حيث يمكنه استخدام الادوات للحصول على الغذاء كما ويمكنه العد من واحد حتى 9 ويمكنه التعرف على الأشخاص وأن يصنفهم الى أناس "طيبون" لا يتدخل في حياتهم ، وأناس "أشرار" يقوم بمعاداتهم ومضايقتهم . وهل الغراب استطاع أن يعرف بأن النبي ايليا ينتمي الى الاناس الطيبون فقام بجلب الطعام له؟ كما جاء في سفر الملوك قول الله الى النبي ايليا " وَكَانَتِ الْغِرْبَانُ تَأْتِي إِلَيْهِ بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ صَبَاحًا، وَبِخُبْزٍ وَلَحْمٍ مَسَاءً " ؟؟
أم أنسان (شخص) يدعى غُراب؟ أم العُربان؟ في اللغة العبرية كلمة الغُربانערבים تكتب مثل كلمة العُربان ערבים (العرب) الاختلاف في تشكيل الكلمة ، هل العرب أم الغراب من أطعم النبي ايليا؟
توجد ايقونة تُظهر أعرابي وغراب بالقرب من النبي إيليا أي منهما كان يجلب الغذاء للنبي ايليا. ولكن وبما ان حسن الضيافة هي من سمات العرب ، فان اغلب الظن ان من جلب الغذاء للنبي ايليا، هم العُربان وليس الغُربان ايليا ؟؟ وهذا مما يدل على حُسن الضيافة لدى القبائل العربية.
الغُراب في قصة الطوفان:
عندما طالت الرحلة في الطوفان أرسل نوح الغراب رسولاً ليرى إذا ما كانت الأرض جفت وبانت اليابسة وحسب الرواية التي هي أقرب للأسطورة منها للحقيقة, فان الغراب لم يعد لأنه أنشغل بأكل جيف الغرقى . ولكن لإنصاف الغراب، لم يأت ما يؤكد تلك الرواية في النصوص القرآنية أو حتى في سفر التكوين. لا يوجد ما يشير على أن الغراب قد أكل لحم الجيف أو حتى ما يشير إلى عدم عودته إلى الفلك مرة أخرى، واذا صحت فعلا عدم عودته فقد يعود ذلك الى ذكائه بعد ان وجد حريته.
لقد أصبح الغراب المسكين في قصة الطوفان، مصدراً للشؤم وسببا لتعدد الاساطير والقصص. اما الحمامة فقد أصبحت رمزاً للسلام الذي تقاعد منذ الطوفان ، قابيل يقتل اخيه هابيل وهكذا القتل والحروب مستمرة حتى اليوم فمن يوقفها؟
ذكاء الغراب:
في الاسطورة الاغريقية، التي تحكي قصة غراب ظمآن وجد إبريقا به قليلا من الماء في قاعه ولتعذر وصوله لقاع الابريق واتته فكره ذكية ،وبدا بإلقاء الحجارة داخل الإبريق حتى ارتفع منسوب الماء لحد يمكنه من الشرب . اجريت في جامعة كمبرج وغيرها، تجارب على الغربان حيث وضع الباحثون أنبوبتين أمامها، إحداها مملوءة جزئيا بالرمال، والأخرى مملوءة جزئيا بالماء، ولم يهدر معظم الغربان الوقت بإسقاط الأحجار بلا طائل في أنبوبة الرمال، واختار 76 بالمائة من الغربان خلال التجربة إلقاء الأحجار في الأنبوبة المملوءة جزئيا بالماء" وقام غراب آخر بثني سلك معدني للحصول على الغذاء. فيما يلي بعض الصور وروابط مقاطع فيديو.
[email protected]