نظم المركز الفلسطيني لأبحاث السّياسات والدّراسات الإستراتيجية (مسارات)، يوم السبت 30 نوفمبر/ تشرين الثاني، مؤتمرا تحت عنوان "فلسطين 2025: من أجل الوحدة ووقف العدوان"، في مدينة البيرة وقطاع غزة والقاهرة بالتزامن، وجاهيا وعبر "زوم"، بمشاركة قيادات في فصائل سياسية ووزراء وممثلين عن مؤسسات مجتمع مدني ونشطاء شباب وكتاب ومحللين سياسيين وأكاديميين من فلسطين وخارجها.
وأوصى المؤتمر بإعلان قطاع غزة منطقة منكوبة، وإعطاء الأولوية لوقف العدوان فورا، وتفعيل دور المجتمع المدني في وقف العدوان وتحقيق الوحدة الوطنية وتطبيق إعلان بكين، والتحضير لإطلاق مؤتمر وطني شامل لتفعيل دور المجتمع المدني في الوحدة الفلسطينية، وتشكيل وفد من المجتمع المدني للضغط والتحشيد لتحقيق الوحدة الوطنية، وتعزيز الشراكة بين الحكومة الفلسطينية والمجتمع المدني والقطاع الخاص في إعداد خطة شاملة لإعادة الإعمار بدعم المجتمع الدولي.
وطرح المؤتمر سياسات وآليات عملية لوقف العدوان والإغاثة وإعادة الإعمار والوحدة الوطنية، وهي:
وقف العدوان:
• إعطاء الأولوية لإنهاء العدوان والإبادة والتهجير في غزة، ووقف اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين في الضفة، عبر حشد الجهود للتحرك لدى جميع الأطراف الإقليمية والدولية، وتوسيع حملات الضغط على مستوى العالم، وبناء موقف وطني فلسطيني داعم لهذه الجهود، لاسيما التوصل إلى اتفاق بين كافة الفصائل الفلسطينية على تشكيل وفد تفاوضي موحد لوقف حرب الإبادة وانسحاب قوات الاحتلال وعودة النازحين وفتح المعابر وإطلاق سراح الأسرى..، مع تحديد الأدوار والخطوات التنفيذية لدعم الإغاثة الإنسانية العاجلة.
2. تعزيز الوحدة الوطنية وتفعيل إعلان بكين:
• إطلاق حملة وطنية تقودها مكونات المجتمع المدني من مؤسسات أهلية وأطر شعبية ونقابية ونشطاء مجتمعيين للضغط على القيادة والفصائل الفلسطينية لتطبيق إعلان بكين وتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام الداخلي، والتوافق على إستراتيجية وطنية موحدة، من خلال تفعيل دور التجمعات الفلسطينية في الوطن والشتات في تنظيم حراك شعبي واسع يهدف إلى زيادة الضغط على الفصائل لتحقيق هذه الأهداف.
3. تطوير رؤية إستراتيجية لبناء نظام سياسي موحد:
• التوصل إلى توافق بين الأطراف المختلفة على خطة انتقالية تقودها حكومة الوفاق الوطني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفق مرجعية انتقالية ممثلة بالإطار القيادي الموحد إلى حين إعادة بناء منظمة التحرير، بالاستناد إلى مبادئ الديمقراطية والحوكمة الرشيدة، مع وضع جدول زمني لتنفيذ الإصلاحات السياسية المطلوبة. ويمكن الشروع في تحديد الخطوط العريضة والملامح الرئيسية لهذه الرؤية الإستراتيجية خلال أعمال مؤتمر موسع يتم التحضير لعقده في الفترة القادمة.
4. بناء شراكات دولية لدعم الإغاثة وإعادة الإعمار:
• تعزيز الشراكة بين الحكومة الفلسطينية والمجتمع المدني في إعداد خطة شاملة لإعادة البناء والإعمار وتشكيل الهياكل المؤسسية اللازمة لهذه العملية، بحيث تشمل إعادة بناء البنية التحتية والمساكن، مع وضع آليات تنسيق فعالة مع الشركاء الدوليين لضمان استدامة الدعم المالي والفني للإغاثة وإعادة الإعمار.
• التوصل إلى اتفاقيات تعاون بين السلطة والدول والمؤسسات الدولية لتعبئة الموارد المالية والفنية اللازمة لإغاثة وإعادة إعمار غزة، والبنية التحتية التي تدمرها قوات الاحتلال في الضفة، مع تأكيد الالتزام بشروط الشفافية والحوكمة في إدارة هذه الموارد.
• إنشاء آليات دائمة للتعاون مع الشركاء الدوليين والإقليميين بهدف ضمان استدامة الدعم وتوجيهه نحو تحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية، بما في ذلك تعزيز الأمن والسلم الأهلي.
5. إطلاق مبادرة سياسية دولية لإنهاء الاحتلال:
• حشد مواقف دولية مؤثرة لكي تتبني الأمم المتحدة عقد مؤتمر دولي شامل يعزز تطبيق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وليس التفاوض عليها، مع العمل على تأمين الدعم السياسي والدبلوماسي للاعتراف بدولة فلسطين وإنهاء الاحتلال.
• تحديد الأدوار الإقليمية والدولية في دعم المبادرة السياسية الفلسطينية، بما يضمن تمثيل عادل للفلسطينيين في المحافل الدولية وتوفير إطار قانوني لتحقيق حل يضمن إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية.
كلمة الافتتاح
وفي كلمته الافتتاحية، قال مدير عام مركز مسارات هاني المصري، إن هذا المؤتمر هو عبارة عن حلقة جديدة في سلسلة بدأت في ورشة عمل نظمت في القاهرة في أواخر اب / أغسطس الماضي ، وخرجت بالعديد من التوصيات اهمها وقف العدوان، وفي هذا المؤتمر سنقترح افكارا حول كيفية وقف العدوان ، وكيفية تحقيق الوحدة.
وأضاف المصري، "يجب ان نركز على تعزيز الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص لأننا نواجه اخطار مشتركة، فهناك مخططات تشمل الضم والتهجير والسعي لتصفية القضية الفلسطينية ، وسنعمل ونتمنى ان تفشل، ومواجهتها بحاجة لتعزيز الشراكة بين المجتمع المدني والحكومة والقطاع الخاص".
وأكد أن "من الأهمية تحقيق الوحدة الوطنية، حيث اصبح من المعيب ان تجتمع الفصائل مرة وراء اخرى دون تحقيق الوحدة. نحن بحاجة للوحدة لأنها ضرورة وطنية وجودية وقانون الانتصار".
وأضاف: ترامب قادم للحكم وإذا تصرفنا ان ترامب الجديد سيكون مختلفا عن القديم ستكون النتائج وخيمة، لأنه يمكن أن يكون أسوأ ، لذلك يجب ان نتصرف بشكل مختلف وأن نستعد لكل الاحتمالات حتى نفرض مطالبنا ولا ننتظر الاخرين ان يتصرفوا نيابة عنّا بل يجب ان نتصرف وفق المطلوب من خلال التوافق الوطني بما يضمن الحفاظ على التعددية وبلورة رؤية استراتيجية شاملة مشتركة ونظام سياسي موحد وقيادة واحدة وليس أن نترك ترامب يتعامل مع حالة فلسطينية منقسمة ومشتتة.
وقال: هناك مسؤوليات علينا وهناك اتفاق بكين، لماذا لا يتم تطبيقه؟! فهو تضمن تشكيل حكومة وفاق وطني يجب تشكيلها الآن الآن وليس غدا، وليس الاتفاق على لجنة إدارية تنشأ جسما جديدا منفصلا عن المؤسسات الفلسطينية بما يعمق الانقسام والشرذمة، ونطالب ونضغط لعقد اجتماع الاطار القيادي المؤقت للأمناء العامين لتفعيل منظمة التحرير ومؤسساتها، والاحتكام للشعب بإجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن ، وطالب بتنفيذ احدى توصيات ورشة القاهرة بتشكيل وفد مشترك لمفاوضات وقف العدوان والإبادة وتشكيل لجان للإغاثة والحماية وتوفير السلم الأهلي في ظل انتشار العصابات التي تنهش في جسم شعبنا بقطاع غزة.
رؤى سياسية في مواجهة التحديات
وفي جلسة أدارتها رئيسة مجلس أمناء مركز مسارات د. فيحاء عبد الهادي، ناقشت الرؤى السياسية في مواجهة التحديات، تحدث خلالها أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، الفريق جبريل الرجوب، والأمين العام لحركة المبادرة الوطنية د. مصطفى البرغوثي.
وقال الرجوب، إننا جميعنا مقتنعون اننا كلنا في مأزق، حيث على مدى 60 عاما تصرفنا وقررنا بإرادة وطنية مستقلة، والصدام مع الاحتلال كان خيارنا الاستراتيجي، لكن اليوم نعيش حالة انقسام، ونتعرض لمحاولة صريحة لإعادة فرض الوصاية علينا، حيث يستخدم الاحتلال أوراقا ضاغطة من خلال الابادة والعدوان والارهاب، لكن اهم حليف للاحتلال هو الانقسام الذي يحتاج للمواجهة والعلاج، ونأمل ان تكون اهم مخرجات مؤتمر مسارات هي بناء استراتيجية وطنية واضحة منسجمة مع ارثنا الوطني وأن تتضمن آليات قابلة للتحقيق، منها الوحدة الوطنية.
وأضاف: بدلا ان نعيب على الاخرين يجب ان نعيب انفسنا وان نبدأ بإعادة الوحدة، وعدم الاتكاء على اي طرف خارج حدود فلسطين، كما أن الذهاب الى تعميق الشرخ القائم هو خطأ، ونعتقد انه يجب معالجة الانقسام في سياقه الوطني الشامل.
وحول المرسوم الرئاسي الدستوري الذي نص على أن رئيس المجلس الوطني سيحل محل رئيس السلطة في حال شغور هذا المنصب، رأى الرجوب أن المرسوم قد يشكل شمعة تضيء لنا الطريق، كونه يتضمن ثلاثة عناصر ايجابية، أولا تجاوزه مسألة التوريث او التعيين، ثانيا أنه عاد الى منظمة التحرير ونرى انها بحاجة الى اصلاح وهذه مسؤوليتنا كلنا كفلسطينيين بعيدا عن اي تدخل خارجي، وثالثا تضمن بأن الطريق إلى الحكم لن تكون الا من خلال عملية ديمقراطية، وهذه عناصر ايجابية يجب أن نبني عليها.
وأكد الرجوب على ضرورة الدعوة لعقد جلسة طارئة للمجلس الوطني، وقبل ذلك يجب ان يكون هناك حوار بين فصائل منظمة التحرير والمجتمع المدني لبناء توافق سياسي تنظيمي، وحوار ثنائي بين فتح وحماس لبناء توافق سياسي تنظيمي، وعلى الجميع ان يرحب بذلك.
ورأى أن التوافق على مخرجات المجلس الوطني يؤسس للبرنامج السياسي، وشكل مفهوم الصدام مع الاحتلال، وشكل الدولة ذات الطابع الديمقراطي والتعددي ووحدة الشراكة من خلال صندوق الاقتراع.. هذا يشكل بداية لحوار وطني شامل يترتب عليه اعادة تشكيل مجلس وطني توحيدي يشارك فيه الجميع.
وأشار إلى أن المسار الأخر هو مساعي نتنياهو الى تفكيك القضية وتكريس الانقسام، وواضح ان هناك اطرافا اقليمية اما عاجزة او شريكة في ذلك، بالتالي يجب أن ترتكز استراتيجيتنا في المرحلة القادمة على ثلاثة أهداف، اولا وقف كل اشكال العدوان الاسرائيلي في غزة والضفة وضد الاسرى، وثانيا توفير امكانيات اعادة الاعمار، وثالثا إعادة الأمل للشعب الفلسطيني، وهذه يجب أن نحملها للمجتمع الدولي لكنها بحاجة لقرار وطني.
وأضاف الرجوب رؤيتنا لما سبق يجب ان ترتكز على ثلاثة مبادئ، وهي وحدة الاراضي، ووحدة النظام السياسي، ووحدة الخدمات الاساسية. ويجب ان تكون خيارات استراتيجية لنا جميعا.
وقال إن ما قامت به حماس في 7 اكتوبر قدمها كحركة تحرر وطني فلسطيني خارج اطار الاخوان المسلمين، وانا اشجعهم على ان لا يكونوا ضمن الاخوان المسلمين، ويجب ان نتجاوز الترسبات القائمة بيننا، ولا يجب الاستجابة للضغوطات من اي طرف خارجي.
وأكد الرجوب أن أول خطأ ارتكبناه في حركة فتح هو اننا انصهرنا في السلطة، وسمحنا بالاستحواذ على قرار المنظمة، وتقسيم الوظيفة العمومية على اساس فصائلي، لذلك هناك رموز للسلطة لا يجب ان تكون ضمن تجاذبات السياسة، منها رئيس السلطة وقطاع الامن وقطاع الاسرى وغيرها.
وأكد على ضرورة التحرك شعبيا لانهاء الانقسام بشكل كامل، ولكن لا يجب اسقاط النظام السياسي ولا التحرك وفق اجندات خارجية.
وقال نحن الآن في مرحلة مخاض؛ إما ان نصلح داخليا بإرادتنا، او يفرض علينا من الخارج، لذلك يجب حماية ارادتنا الفلسطينية من احتلالها من قبل التدخلات الاقليمية والدولية.
بدوره، قال البرغوثي، إن المؤتمر يعبّر عن الحاجة الملحة للشعب الفلسطيني لتغيير الوضع الذي نعيشه.
وأضاف إنه لمواجهة المرحلة المقبلة، يجب ان نراجع التحديات التي تقف امامنا، التي تختلف بشكل نوعي عن التحديات التي كنا نعيشها في الفترات الماضية، لذلك لا يجب ان نعالجها بالأدوات الماضية.
وبيّن البرغوثي أن التحديات التي تواجهنا، هي: أولا، زوال الوهم الذي يعتبر ان هناك حل وسط مع الحركة الصهيونية، التي تقول لنا كل يوم انه لا يوجد حل وسط، ولا يمكن التفاوض معها، لذلك الاستمرار في الرهان على امكانية التفاوض معها هو وهم.
اما التحدي الثاني وفق البرغوثي، فهو أن الولايات المتحدة ليست وسيطا بيننا وبين اسرائيل بل هي مع اسرائيل، لذك يجب التخلص من هذا الوهم، لأن قدوم ترامب للحكم قد يفتح الباب أمام ضم كامل الضفة الغربية. وثالثا: التحدي الاكبر هو محاولات اسرائيل للتطهير العرقي في غزة. ورابعا: تحول اسرائيل جميعها نحو الفاشية، وخير دليل على ذلك تصويت الكنيست على منع اقامة دولة فلسطينية من قبل المعارضة واحزاب الحكومة معا. خامسا: محاولات خارجية واقليمية لمصادرة حق الشعب الفلسطيني في تمثيل نفسه ومحاولات فرض كيانات مصطنعة او عميلة في غزة للاستيلاء على حق الشعب في أن يقرر مستقبله عبر منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. سادسا: التحدي الداخلي وهو استمرار الانقسام وغياب القيادة الوطنية الموحدة للنضال الوطني الفلسطيني، لذلك المطلوب آلية عملية وفعالة صادقة لتوحيد الصف الوطني، والطريق لذلك هو تطبيق اعلان بكين.
ورأى البرغوثي أن أكبر خطأ أُرتكب في حياتنا المعاصرة هو إلغاء انتخابات 2021، وهو ما اتفق به مع الرجوب الذي أكد أنه أكبر خطأ استراتيجي.
وقال البرغوثي أن المهمة الأساسية الآن، هي كيف نسند أهلنا في قطاع غزة، ونحميهم من المخططات التي تحاك ضدهم، لذلك لم يعد هناك سبب للانقسام.
وبيّن أن هناك ستة أسس لمواجهة هذه التحديات وتشكل عناصر الاسترتيجية الوطنية، وهي:
أولا: دعم صمود وبقاء المواطنين في الارض، سواء في غزة او الضفة أو في كل مكان.
ثانيا: مقاومة الاحتلال والاجرام بالتوافق الوطني وبكل الوسائل.
ثالثا: تشكيل قيادة وطنية موحدة تتحدث باسم كل الشعب الفلسطيني.
رابعا: كيف نعيد مقومات التكامل بين الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وأراضي 1948.
خامسا: دعم حركة المقاطعة وفرض العقوبات على اسرائيل.
سادسا: اختراق صفوف الخصم وبناء شراكات دولية واسعة.
أدوار الحكومة والقطاعين الأهلي والخاص
وفي جلسة تحليل التحديات والأدوار، أدارها مدير البرامج في مركز مسارات خليل شاهين، طالب مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في قطاع غزة أمجد الشوا، بإعلان قطاع غزة منطقة منكوبة، لما لذلك من استحقاقات انسانية واخلاقية ووطنية من قبل الحكومة الفلسطينية، ومنطقة مجاعة من قبل الأمم المتحدة.
وقال الشوا إنه يوجد في دير البلح 750 الف نازح، و100 الف خيمة موجودة في قطاع غزة، وهي ليست خياما بل قطع من القماش والبلاستيك التي تغطي اسر بأكملها.
وأضاف: كما هو الحال لكل الزملاء الذين يعملون في المجتمع المدني والاستجابة الانسانية، نعمل من خلال الخيام، لتقديم كل ما هو ممكن لابناء شعبنا في ظل جريمة الابادة الجماعية.
وقال إن واقعا غير مسبوق يمر به شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، من تجويع ممنهج، حيث تدخل ما بين 20-30 شاحنة يوميا لشعبنا، ولا يوجد وصفة سحرية للتعامل مع واقع التجويع والايواء، وما دخل لا يزيد عن 5% من الخيام والاغطية الشتوية لفصل الشتاء، مع الاشارة الى ان اغلب الخيام موجودة قبالة البحر.
وأضاف الشوا: نحن كمنظمات كنّا المستجيب الاول للازمة الانسانية مع الاشارة الى ان المنظمات الدولية غادرت باتجاه رفح منذ 13 اكتوبر 2024، ومنظمات العمل الاهلي هي التي تعمل بشكل اساسي في مراكز الايواء المختلفة، وفي ظل استهداف وكالة الاونرا، والتضيق عليها، ومراكز العمل الانساني التي تم استهدافها بشكل ممنهج. مؤكدا أن قرابة 80% من مقرات المؤسسات الاهلية تم تدميرها في قطاع غزة، مع الإشارة الى ان المؤسسات المانحة اوقفت دعمها للمؤسسات الاهلية العاملة في المجال الانساني.
وحذر الشوا من أن هذه المنظومة التي صمدت خلال الاشهر الماضية معرضة للانهيار في ظل عدم توفر ابسط الامكانيات، مؤكدا على ضرورة ان تصل المساعدات بشكل عادل وبكرامة، لأن مخازن الاونروا وبرنامج الغذاء العالمي باتت فارغة. مشيرا إلى أن وجود تخاذل من الاطراف الدولية المختلفة، الأمر الذي يساهم في الامعان بضرب الصمود على الارض.
بدوره، قال المحلل الاقتصادي ونائب رئيس اتحاد المقاولين سابقا، ايمن جمعة إنه يجب الاعتراف أن مصطلح إعادة الإعمار فقد مضامينه الايجابية في هذه الحرب، فكيف نُعيد إعمار ما لم يكن عامرا اصلا؟!
وأضاف أن هناك أربعة شروط أساسية لإعادة الإعمار ما بعد الحرب، أولا توافر الموارد المالية، وما هي الطريق التي تنتهي بها الحرب؟ ومدى وجود او غياب عملية سياسية وطنية، وتوافر الهياكل الاقتصادية قبل الحرب والعلاقات الدولية.
وأوضح أن هذه الحرب البشعة ليست كأي حرب سابقة لأنها فاقت كل التصورات، ومن الضروري اعادة التفكير بأولوياتنا، حيث اولويتنا هي الاستعداد لليوم التالي لوقف الحرب، وندعو السلطة الفلسطنيية بالتوافق مع كل الفصائل لتشكيل لجنة مسؤولة عن اجراءات اليوم التالي واهمها المساعدات العاجلة، وان تكون مرنة بعيدة عن البيروقراطية.
وأشار جمعة إلى ما أسماه "أجندة الرعب" حول الخسائر في قطاع غزة، منها: أكثر من 45 الف شهيد واكثر من 120 ألف جريح ، ونصف مليون مريض نفسي متوقع، إضافة إلى تدمير 300 الف وحدة سكنية، كما أن 90% من الطرق الرئيسية والمرافق الصحية والمياه والكهرباء دمرت، ناهيك عن الانهيار الكامل لكافة القطاعات الاقتصادية والزراعية والتعليمية والصحية وغيرها.
وقال إن حضارة كاملة تم تدميرها وإفناؤها بشكل منهجي وبطيء، ولم تسقط المنظومة السياسية والادارية فقط بل المنظومة الاجتماعية ايضا التي شكلت ملامح المجتمع الغزي، والمعادلات السياسية تتغير في غزة الآن، واخشى ان نفتقد الحديث قريبا عن طرفي الانقسام ليصبح اطراف الانقسام.
وأكد أن إعمار غزة الجديدة يحتاج تمويلا هائلا بتكلفة 60 مليار دولار و20 سنة من العمل. مضيفا: إعادة إعمار غزة ستصطدم بمن يدفع ومن ينفذ؟، إعادة الاعمار ستكون بثمن سياسي من احد الاطراف او عدة اطراف، او مقابل المراهنة على الوقت وتتحول غزة الى مقديشو الجديدة.
وأوصى جمعة بتشكيل لجنة إغاثة وإيواء ومساعدات طارئة بقرار رئاسي على ان يكون لديها كل الصلاحيات المناسبة، وأن تكون الجهة الوحيدة التي يتم من خلالها جمع المساعدات وتوزيعها، وتكون مدة عملها عاما قابلا للتجديد. كما أوصى بتشكيل لجنة او هيئة اعمار غزة ضمن هيكلية واضحة ومتفق عليها بين جميع اطياف المجتمع الفلسطيني.
من جانبها، قال وزيرة شؤون المرأة منى الخليلي، إننا وجدنا على هذه الارض موحدين، وأن إسرائيل لا تفرق في دمئنا، وان الوحدة الوطنية هي الطريق الوحيد لتجسيد دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس كاملة السيادة، التي تتضمن الحريات والهوية الجمعية القائمة على وطن واحد ومشروع وطني واحد ومؤسسات وطنية واحدة قادرة على تحقيق الاستحقاقات الداخلية.
وأضافت: عاقدون العزم على المضي قدما بنهج المكاشفة والشفافية والحوار، وهو الاساس للاصلاح المؤسسي وتحقيق اللحمة بين الحكومة وحاضنتها الشعبية، من المواطنين والمجتمع المدني وفصائل العمل الوطني.
وتابعت: لا نريد لشعبنا العيش في فقاعات انسانية وفق رغبة اسرائيل، ولذلك لنبدأ معا في تشكيل الوحدة الوطنية وانقاذ شعبنا من اجرام اسرائيل، ضمن منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد لنا، والعمل على تطبيق القرارات الدولية وتقديم مرتكبي جرائم الحرب في اسرائيل للمحاكم الدولية.
توصيات لوقف العدوان وانسحاب الاحتلال والإعمار
وخلال عرض ومناقشة توصيات مجموعات العمل، أدارت مديرة مؤسسة فلسطينيات وفاء عبد الرحمن الجلسة الأولى، حيث عرضت الناشطة السياسية والحقوقية نادية أبو نحلة، توصيات مجموعة أولوية وقف العدوان وانسحاب الاحتلال، أبرزها ضرورة وقف العدوان وانسحاب الاسرائيلي، وضرورة تنفيذ حملات ضغط ومناصرة لوقف العدوان.
كما أوصت بضرورة الضغط لتشكيل وفد فلسطيني موحد لا يقتصر على حماس او فتح لإدارة التفاوض لوقف حرب الابادة، بحيث يضم كافة القوى من اجل وقف العدوان وانسحاب قوات الاحتلال وعودة النازحين والإعمار والتوصل لصفقة تبادل اسرى جدية، وتطبيق اتفاق بكين من خلال تشكيل حكومة توافق وطني ودعوة الإطار القيادي الموحدة للأمناء العامين الفصائل للاجتماع، وتكثيف العمل في التواصل مع النشطاء في فلسطين وخارجها لفضح الاحتلال، والعمل على بناء خطاب موحد للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات لوقف العدون، وتعزيز التواصل والتشبيك مع القوى العربية والدولية، والتركيز على تداعيات حرب الابادة على جميع المستويات النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والاغاثية، وتفعيل دور الجهات الرسمية في العالم للضغط على اسرائيل لوقف العدوان وتحويل التضامن من انساني الى عمل فعلي من اجل وقف العدوان.
كما أوصت بضرورة تحديد مسؤوليات كل جهة من الجهات لوقف الحرب، ويجب ان يكون هناك متابعة مستمرة لتنفيذ التوصيات التي خرجت بها ورشة القاهرة، ويجب الضغط على الدول التي تساهم في حرب الاباد وفضحها، والتحرك على كافة المستويات، بما فيها محكمة العدل والدولية والمحكمة الجنائية الدولية، ويجب ان نركز على توفير كل الادوات لوقف حرب الابادة ووقف العدوان من الآن وليس بعد انتهاء الحرب، ويجب تعزيز عمل المؤسسات الاهلية الصامدة في غزة لتوفير الخدمات الاساسية للمواطنين، والضغط لتمكين المؤسسات الدولية من ادخال المساعدات.
توصيات لتوفير مقومات الصمود والإغاثة والإعمار
من جانبه، عرض الباحث الاقتصادي د. مازن العجلة، توصيات مجموعة توفير مقومات الصمود والإغاثة والإعمار ومتطلبات السلم الأهلي والأمن، أبرزها: الاغاثة الفورية للمواطنين في كافة قطاع غزة، وعلى ارض الواقع، من حيث الغذاء والايواء والادوية والطاقة. كما يجب إطلاق مبادرات محلية من قبل المواطنين والمؤسسات الاهلية والمخاتير لتغيير الواقع البائس من حيث المساعادت والاغاثة، ويجب تفعيل دور الحكومة ومؤسساتها المختلفة، والاهتمام باليوم الحالي قبل اليوم التالي للحرب، ويجب اعلان قطاع غزة منطقة منكوبة، ويجب بناء مناصرة دولية تحشد المساعدات الانسانية لقطاع غزة.
كما شملت التوصيات ضرورة توفير مستشفيات ميدانية بالتعاون مع الدول المانحة، وتوسعة طاقة محطات تحلية المياه، وتوفير عادل للخيام، وتنسيق توزيع المساعدات، ووإيجاد جسم موحد لتنسيق كافة الجهود الانسانية.
أما بعد وقف اطلاق النار، فقال العجلة بجب القيام بالتخطيط والإعداد وتحديد الأولويات والتنسيق في الوقت المناسب، وتطوير خطط تفصيلية لتوفير الضروريات الحياتية في مختلف القطاعات، وتطوير آلية وطنية لتوزيع المساعدات، والنظر في تشكيل لجان شعبية مناطقية للمساعدة في توزيع المساعدات، وطرح مبادرات قطاعية لانهاء انقسام المؤسسات، اضافة إلى الاستمرار في دعم عمليات وكالة الاونروا في غزة، ودعم مؤسسات القطاع الخاص.
أما التوصيات بشأن إعادة الإعمار والبناء، فشملت إعادة الاعمار بالمفهوم الشامل والذي يتجاوز الحالة السابقة ما قبل الحرب، وأن تكون عملية اعادة الاعمار مملوكة للفلسطنيين، وضرورة وضع خطط لاعادة الاعمار، والاستعانة بخبراء عرب ودوليين في الاعمار، وإنشاء صندوق عربي ودولي للإشراف على جمع اموال اعادة الاعمار، وتعزيز الاعتراف الدولي لقبول ادارة فلسطينية لعملية الاغاثة واعادة الاعمار، وحشد الدعم الاقليمي والدولي لرفع الحصار، واعادة تنشيط القطاع الخاص، والحفاظ على استدامة تقديم خدمات المؤسسات الوطنية في القدس.
توصيات لتطبيق إعلان بكين وتحقيق الوحدة
وفي الجلسة الثانية التي أدارها جميل سرحان، مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في قطاع غزة، عرض استاذ العلوم السياسية في جامعة لوسيل بقطر د. طارق حمود، توصيات مجموعة تطبيق إعلان بكين كخطوة ضرورية لإنجاز الوحدة الوطنية.
وأوصت المجموعة، حسب حمود، بتشكيل مجموعات متابعة لتطبيق اعلان بكين بالتعاون مع الصين، وتحميل حراكات التضامن الدولية مطلب الوحدة الوطنية بحيث تركز هذه الحراكات على الدعوة للوحدة الوطنية، وضرورة تمثيل الشباب والمرأة في الحراكات الضاغطة، ويجب ان لا يقتصر الحراك على الفصائل بل توسعته ليشمل المرأة والشباب والمستقلين، وان يشمل القضايا المجتمعية، ويجب ان يخرج برسالة للأسرى والأسيرات تؤكد تبنى قضاياهم والعمل الجدي لتحريرهم من الأسر.
كما شملت التوصيات ضرورة الاستفادة من الوحدة الميدانية كما في غزة ومخيمات شمال الضفة، وتشكيل لجنة متابعة للدفع باتجاه تطبيق اعلان بكين وفق خطوة تركز على وقف العدوان، وتحميل النظام السياسي مسؤوليته حول الوضع الراهن والتقصير، وضوررة قيامه بالحد الادنى على الاقل من الاغاثة، وضرورة تقديم نماذج من المبادرات الوحدوية، بما يشمل تشكيل لجان الاغاثة وآليات توزيع المساعدات في قطاع غزة، والضغط على الحكومة لإعلان حالة الطوارئ في غزة، والاعلان عن دخول قطاع غزة في حالة الجوع.
توصيات حول متطلبات إنهاء الاحتلال وتجسيد الاستقلال
من جانبها، عرضت القيادية السياسية والنسوية د. مريم أبو دقة، توصيات مجموعة الأفق السياسي ومتطلبات إنهاء الاحتلال وتجسيد استقلال دولة فلسطين، وهي متابعة التوصيات التي خرجت بها ورشة عمل القاهرة والعمل على تطويرها واقتراح إجراءات عملية في كل المجالات، ويجب أن يكون مؤتمر فلسطين 2025 ، خطوة على طريق التفعيل وخلق حالة من الحراك في الضمير الجمعي الفلسطيني وصناع القرار، ومطلوب دراسة التحديات والفرص، ووضع خطة للدفاع عن وكالة الأونروا التي تتعرض لمحاولة التصفية، والتأكيد على أن خطة التهجير مازالت قائمة وهناك خطر كبير يهدد وجود الفلسطينيين في الضفة والقطاع، وكذلك في أراضي 48، والحاجة لبلورة استراتيجية فلسطينية تنطلق من إدارك عدم وجود حلول تلبي الحد الادنى من الحقوق الفلسطينية.
وأكدت أنه لا يمكن التوافق على استراتيجية وطنية شاملة في ظل استمرار الانقسام، والحل هو تنفيذ اعلان بكين، والتركيز على استعادة المكانة التمثيلية لمنظمة التحرير بمشاركة جميع القوى السياسية، كما أوصت بعقد اجتماع مركزي بمشاركة الكل الفلسطيني، وتجديد إعلان تجسيد دولة فلسطين على حدود 1967 باعتبارها مسألة مهمة تعزز وجود الرؤية الفلسطينية الموحدة، ووقف الرهانات على إعادة إحياء المسار التفاوضي الثنائي، والدفع باتجاه تبني مقاربة جديدة لفرض حل يضمن إقامة الدولة الفلسطنيية المستقلة. كما أوصت المجموعة بالبناء على التحرك السعودي لبناء تحالف دولي داعم لإقامة دولة فلسطين.
وأوصت أيضا بضرورة تنفيذ القيادة سلسلة خطوات، أهمها سحب الاعتراف باسرائيل، وطرح تجميد عضوية دولة الاحتلال في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وطرح مشروع قرار حول مساواة الصهيونية بالعنصرية، والاستمرار في التحرك دوليا، وضرورة بلورة رؤية وطنية فلسطينة لإدارة قطاع غزة، وبناء جبهة فلسطينية موحدة هدفها الأول والوحيد التركيز على القضية الفلسطينية، واصدار نداء يشمل خارطة وطنية لمواجهة التحديات، والدعوة لمؤتمر شعبي في الضفة والعديد من الأماكن باتجاه الضغط لإنهاء الانقسام، وتشكيل وفد يضم شخصيات سياسية ومستقلة وممثلين عن المنظمات الأهلية ونساء وشباب ومختلف التجماعات الفلسطينية في الوطن والشتات للعمل وفق خطة تحرك لدعم مخرجات مؤتمر فلسطين 2025.
الجلسة الختامية
وفي الجلسة الختامية، التي أدارها سعد عبد الهادي، عضو مجلس أمناء مركز مسارات، تحدث جورج زيدان مدير مكتب مركز كارتر بفلسطين، قائلا إن أكبر تحدٍ يواجه الشعب الفلسطيني هو وقف الحرب والابادة في غزة، مضيفا أن الواقع يفرض علينا وضع خطة حوكمة لغزة ما بعد الحرب، واذا لم نؤثر في النقاشات الجارية بهذا الخصوص ستكون هناك حلول خارجية تفرض علينا أو خطط لا توقف الحرب.
ورأى أن من أهم التحديات التي تواجه الفلسطينيين، هي أنه لم يعد هناك شريك اسرائيلي حقيقي لحل الدولتين، وغياب الضغط الدولي على الاحتلال.
وشدد زيدان على ضرورة التمسك بقرار الجنائية الدولية والبناء عليه لتطبيقه، وضرورة التأثير على النخب السعودية للضغط من أجل التمسك بإقامة الدولة الفلسطينية، ويجب بناء العلاقات والتحالفات مع دول العالم الجنوبي ودول أوروبا، ويجب انهاء الانقسام السياسي الفلسطيني، ووضع خطة وفاق وطني لإدارة اليوم التالي للحرب والا سيكون هناك خطة من الخارج مفروضة علينا.
في الختام، أعاد مدير عام مركز مسارات، هاني المصري، التأكيد على ضرورة تفعيل دور المجتمع المدني في وقف العدوان وتحقيق الوحدة الوطنية وتطبيق إعلان بكين، والتحضير لإطلاق مؤتمر وطني شامل لتفعيل دور المجتمع المدني في الوحدة الفلسطينية، وتشكيل وفد من المجتمع المدني للضغط والتحشيد لتحقيق الوحدة الوطنية، وتعزيز الشراكة بين الحكومة الفلسطينية والمجتمع المدني في إعداد خطة شاملة لإعادة الإعمار بدعم المجتمع الدولي.
وقال: نحن في الضفة مقصرين، فلماذا لا نرسل حملات إغاثة ووفود من اطباء وغيرهم، ويجب أن نكون سباقين ونحاول حتى لو تم منعنا.
وأضاف: نظرا للتوافق الوطني الذي تجسد في المؤتمر والأعمال التحضيرية له أن كل الذين شاركوا في مجموعات العمل التحضيرية للمؤتمر وورشة القاهرة أعضاء في لجنة أو لجان تضم العشرات تقوم بتنفيذ التوصيات التي خرج بها المؤتمر وخصوصا فيما يتعلق بالقيام بحملات الضغط على القيادة لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة ولوقف العدوان .
وتابع: نحضّر لمؤتمر وطني شامل قادم وما جرى اليوم مشجّع، ويجب التحرك فعليا على الارض لإنجاز الأهداف حتى لا نبقى في دائرة الحديث عنها.
[email protected]