تحطيم معتقدات خاطئة حول مرض السكّري
كما هو الحال بالنسبة لحالات طبّية شائعة، فقد نشأت حول مرض السكّري معتقدات ومفاهيم خاطئة . إذا؟ هل السكّري هو مرض وراثي وهل تشخيص السكّري لدى شخص ما يعني إضرارًا حادّا بجودة حياته؟
هل سمعتم عن قريب لزميلكم بالعمل تمّ تشخيصه كمريض سكّري وفقد بصره لاحقًا؟ هل قرأتم في شبكات التواصل الاجتماعي بوست مؤلم جدًا عن شخص تم بتر قدمه؟ وهل أنتم أيضًا تدخلون في حالة توتّر وضغط عند كل فحص دم لمتابعة مستويات السكّري في الدم لديكم؟
السكّري هو حالة طبية ناجمة عن ارتفاع مستويات السكّر (الجلوكوز) في الدم، وقد تؤدّي هذه الحالة إلى مجموعة من المشاكل قد يشكّل بعضها خطرًا على الحياة، ومنها: ضغط دم مرتفع، جلطات قلبيّة، قصور الكلى وما أشبه.
وعلى الرغم من كون السكّري مرضًا شائعا بالعالم، إلا أن هناك عددا غير قليل من المعتقدات والمفاهيم الخاطئة حول السكّري، وبالمقابل فإن معرفة الحقائق الدقيقة تساعد في اتّخاذ الخطوات الصحيحة التي تساعد في معالجة السكّري ومنع مضاعفاته.
فيما يلي نقدّم لكم بعض المعتقدات الخاطئة الأساسية حول السكّري وإلى جانبها الحقائق عن المرض، مع الإشارة إلى أننا استعنّا في هذا الموضوع بالبروفيسورة ياعيل ليفنطال، مديرة معهد الغدد الصمّاء والسكّري عند الأطفال في مستشفى "دانا -دويك" للأطفال.
يُحظر على مرضى السكّري استهلاك السكّر
التغذية الصحيحة هي جزء هام جدًا من عادات الحياة الصحّية الموصى بها للجميع، وليس فقط لمرضى السكّري. ويجب أن تكون هذه التغذية مرتكزة على مكوّنات غذائية طبيعية ومتنوعة والتقليل من استهلاك الأغذية المصنّعة التي تحتوي على مستويات عالية من السكّر والصوديوم. بالنسبة لمرضى السكّري فلا يوجد حظر مطلق على استهلاك السكّر، ولكن ينصح بالتقليل من السكّر البسيط والمتوفّر. يُنصح مرضى السكّري باستهلاك السكّر الذي مصدره النشويات المركّبة، مثل الخبز من القمح الكامل أو الفواكه من مختلف الأنواع، ولكن ليس السكّر البسيط (فروكتوز) الذي يمكن إيجاده في الشوكولاتة أو المشروبات المحلّاة.
السكّري يؤدّي إلى حالات العمى وبتر الأطراف
يوجد للسكّري غير المتوازن عواقب ومضاعفات محتملة. لحسن الحظ، بفضل العلاجات المتطورة المتوفرة حاليا ليس من المفروض أن تصل الحال بمريض السكّري إلى العمى أو بتر الأطراف. علاوة على ذلك، الحرص على نمط حياة صحّي، بما في ذلك تغذية صحيحة، ممارسة الرياضة والامتناع عن التدخين قد يحدّ، بشكل كبير، من المضاعفات ويخفّف منها، وفي بعض الحالات حتى يمنع نشوءها.
يتم اكتشاف السكّري من النوع 1 في سنّ مبكرة فقط
صحيح أن السكّري من النوع 1 منتشر في صفوف الشباب والمراهقين، ولكن في الواقع يمكن اكتشاف المرض في كل الفئات العمرية بمن في ذلك المسنّون بعمر 80 عامًا وما فوق. هذا النوع من السكّري، الذي يتميّز بالتدمير الكامل لخلايا بيتا في البنكرياس المسؤولة عن إنتاج هرمون الإنسولين، كان يسمّى في الماضي "سكّري الأطفال"، ولكن كان هدف هذا المصطلح الفصل الطبي بين السكّري من النوع 2 المنتشر في صفوف كبار السن، ولم يعد هذا المصطلح مستخدمًا وتم استبداله بالسكّر من النوع 1.
السكّري هو مرض وراثيّ
في هذا السياق يجب التفريق بين السكّري من النوع 1 والسكّر من النوع 2. صحيح أن السكّري من النوع 1 ليس معرّفًا على أنه مرض وراثي، ولكن على غرار حالات أمراض المناعة الذاتية الأخرى فإن الأشخاص الذين لديهم مبنى جيني/ وراثي معيّن احتمالات إصابتهم بالسكّري تكون عالية. في الواقع، قريب عائلة من الدرجة الأولى المصاب بالسكّري من النوع 1 يشكّل عامل خطر، ولكنه صغير نسبيًا. من المهم أن نعرف أن هناك عددًا من المستضدّات (أنتيجين) الموجودة في السكّري من النوع 1 حيث يمكّن فحصها من تشخيص وجود المرض. ويساعد هذا الفحص في تحديد الأشخاص المعرّضين لخطر الإصابة بالسكّري من النوع 1 وكذلك تحديد إذا ما كانوا سيضطرون لتلقّي الإنسولين في بداية المرض. الفحص المذكور هو عبارة عن فحص دم يمكن إجراؤه في صناديق المرضى.
أما السكّري من النوع 2 فيوجد له عامل وراثي بارز أكثر. وتشير الأبحاث إلى ازدياد خطر الإصابة بالمرض لدى الأشخاص الذين لديهم قريب عائلة من الدرجة الأولى (والد/ة أخ) مصاب بالسكّري، وفي حالة كون الأم والأب مصابين بالسكّري من النوع 2 فإن خطر إصابة أبنائهم بالمرض يزداد بشكل كبير جدًا.
السكّري يضرّ بجودة حياة المصابين به
أحيانا قد يبدو أن تشخيص السكّري لدى شخص ما معناه إلحاق ضرر حادّ بجودة حياته، خاصة وأنه سيضطر لتقييد تركيبة تغذيته ووجباته اليومية. عمليًا، يشكّل تشخيص المرض لدى الكثير من المصابين خطوة إيجابية في تحويل حياتهم إلى أكثر متعة، بحيث يمكنهم استهلاك الأغذية الصحية التي تساهم في صحّتهم وسلامتهم وقوتهم، ويبدأ الكثيرون منهم بممارسة الرياضة التي تساهم في خفض الوزن وهكذا يمكن القول إنه في الكثير من الحالات العكس هو الصحيح، وأن تشخيص السكّري يؤدّي إلى تحسين جودة الحياة والاستمتاع بحياة تتّسم بالرضا. للمزيد من المعلومات أو الأسئلة يجب التوجه إلى الطبيب/ة المعالج/ة.
البروفيسورة ياعيل ليفنطال
[email protected]