بداية أود ان أُوضّح أنّ هذه المقالة لا صلة لها ألبتّة بأي تصريحات من أي مصدر وشخصية، سياسيّة كانت، دينية أو اجتماعية، وغيرها.
"هل حريّة التعبير في الديمقراطية الإسرائيلية كانت، وما زالت وستبقى مجرّد كلام نهار يمحوه الليل؟ "
تعتبر حرية التعبير جزءًا أساسيًا من الديمقراطية، وحقًّا شرعيًّا وأساسيًّا من حقوق الإنسان وبنائه، وهي باعتقادي أكبر نعمة وبمثابة شمس يجب أن تشرق في نفوسنا، ولا أوافق كل من يعتقد أن الحياة شيء والحرية شيء آخر.
حرية التعبير عن الرأي حول موقف من قضية، ظروف، وضع، حدث، أو أي موضوع لا تُعتبر مخالفة يعاقب عليها القانون، وكل موضوع سياسي، اجتماعي، تربوي، ثقافي، ديني لا يعتبر مخالفة يعاقب عليها القانون وهي بمثابة محطّة للتأمل والنقاش وإبداء الرأي بكل حرية ودون تقيد، طبعًا إذا لم يتجاوز الخط الأحمر ولا يمس بالغير أو حدود الآداب العامّة، والعمل على منع خطاب الكراهية والتّحريض الذي يولد العداوة، ويشجّع على العنف والتعصّب العرقي.
كما هو معلوم، فقد دعت المؤسّسات والجمعيّات العالمية على اختلافها إلى تعزيز حرّية التعبير ومكانة الصحافة والصحافيين، وإتاحة النشر بكل الوسائل المتاحة دون التقيد بالحدود الجغرافية، واحترام حقوقهم المشروعة، حمايتهم ودعمهم بممارسة مهنتهم السّامية بكل حرية، ودون أي مضايقات لما لها من دور كبير وإيجابي في مساندة ودعم الأقليات والفئات الضعيفة، وتعزيز كافّة حقوقهم الإنسانية الأساسية، محاربة الجّهل والظلم ومظاهر التعصب والعنف، إظهار الحقيقة وتحقيق العدل والعدالة على أرض الواقع قولا وفعلا، ونقلها بصورة موضوعيّة ومهنية وفضح انتهاكات حقوق الإنسان، تقيد حريته وتوجيه النّقد للأنظمة المستبدة والرجعية، وإدانة الفساد والمشاركة في صنع القرار.
بدوري، أقولها مرة تلو الأخرى، إنّ قلمي التزم بالجوهر هادفًا للتوعية والإصلاح، وكل ما يخدم ويصب في مصلحة المجتمع ويسطر باللغة والأسلوب والنغمة والإيقاع الذي يراه مناسبًا بعيدا عن سياسة التلون والهز ولن يخضع للضغوطات والمحسوبية، ولن أغير أفكاري وأبيع ضميري من أجل مصلحة ضيقة، وخدمة جهة أو طرف. ما دمت أومن بصدق مشاعري أكتب لكل واقعي وصاحب ضمير "القلة التي بقيت " ويقدر المهنية والشفافية، وأضحي من أجل حرية التعبير والتي في نظري فوق كل المعايير، وأبكي بمرارة ولوعة على من يستحق البكاء كون الدموع دماء الروح.
الأنظمة الديمقراطية وأدواتها من مؤسسات وهيئات، تملك سلطة لطيفة تتيح لها ممارسة المنح والمنع، أو التقريب والإقصاء، أو الإضاءة والإعتام، إنها تغدق امتيازات أو تحجبها، فيكون للترغيب والترهيب مفعول مؤثر على التعبير.
ما تقدم جعلني أتطرق وبالذات في هذه الأوضاع والظروف العصيبة لحريّة التعبير، بالإضافة إلى حقيقة الانخفاض الملحوظ والمقلق لحملة الأقلام في التطرق لهذا الموضوع لأسباب معروفة للجميع، لن أدخل في تفاصيلها ولا تكفي عشرات الصفحات لتفيه حقه وعليه، أدعو إلى ضرورة التطرق لهذا الموضوع الهام والأساسي وجعله في صدارة المواقع والصحف ولنكتب ونكتب دون توقف، وأن لا ندع أقلامنا تجفّ؛ لإنقاذ الحرية والصّمت الرهيب المقلق.
أنهي بمقولة الكاتب الأمريكي الكبير مارك توين:
"لقد منّ الله علينا بثلاث في هذا البلد: حرية التعبير، حرية التفكير، والقدرة على عدم تطبيق أي منها".
إذا كانت تنطبق على بلادنا وواقعنا، فأنت عزيزي القارئ تقرر طبعا إذا كان هناك من يقرأ غير العنوان.
[email protected]