لقد مر شهر منذ ذلك الصباح اللعين، ذلك الصباح الذي سقطت فيه السماء على بلادنا، والى اليوم، الوقت لا يخفف الألم بل على العكس، يزيده يومًا بعد يوم. وما لم نتمكن من استيعابه في الأيام الأولى - حجم الأهوال، والقتل المروع للعائلات، والانتهاكات، كل هذا يتحول اليوم لقصصًا شخصية بالأسماء والوجوه، مما يجعلنا جميعًا نذرف الدموع، ونبكي، ونبقى عاجزين عن الكلام الذي يعبر عن عمق الألم.
لا تزال الحرب الوحشية تضربنا جميعا، حيث يتزايد كل يوم عدد القتلى والجرحى وعدد المتضررين، حتى أولئك الذين لم يتأذوا جسديًا، مصابون ومتضررون. في لحظة واحدة أصبحت حياتنا زوبعة من الدم والغضب والخوف والرعب.
لقد وجدنا انفسنا نحن ابناء الجمهور العربي في البلاد، نفسنا عاجزين عن الكلام في مواجهة الرعب. بالنسبة لي شخصيًا، فإن معرفة أن حماس - ابناء شعبي، الشعب الفلسطيني، اختاروا عمدا قتل وتنكيل المواطنين الإسرائيليين (وليس فقط)، ومن بينهم كبار السن والنساء والأطفال - أمر لا يمكن استيعابه ولا يغتفر.
سأصرخ في كل مكان وبأعلى صوتي: كل من هو قادر على إذية الأبرياء، كل من هو قادر على ارتكاب مثل هذه الفظائع، ليس إنسانا. أشعر بالخجل من أن هؤلاء القتلة ينتمون إلى شعبي.
لقد حدث الكثير منذ ذلك السبت الملعون. الكثير من التبعات لدوائر الألم والدمار الذي حصل. إنني أدرك بشكل مؤلم أن الكثيرين من الوسط اليهودي ليس لديهم أي تعاطف مع مواطني غزة. وأعرف أيضًا الحجج لذلك- لقد تم انتخاب حماس بأغلبية الأصوات والخ.. يحزنني كثيرًا أن معاناة السكان المدنيين في قطاع غزة، الذين لم يعيشوا حياتهم لسنوات عديدة، يُنظر إليها بلا مبالاة وأحيانًا بفرح بين الكثيرين في الوسط اليهودي. أسمع من حولي، حتى فيما يتعلق بالمواطنين العرب في البلاد، تصريحات فظيعة عن الانتقام من العرب أينما كانوا. ولا أخشى أن أقول، حتى لو جاءوا لاستجوابي، إنني أشعر بألم مواطني غزة. قلب الإنسان قادر للأسف ان يستوعب الكثير من الألم.
إن آلاف الأطفال الذين قتلوا في قصف غزة هم أطفال لديهم أحلام، لعبوا وعاشوا في مصاعب لا يعرفها الكثيرون، تغمرني يداهم الصغيرة المدفونة في الركام بالدموع. إن الإنسانية تنقرض في منطقتنا، لكن يجب ألا نفقد إنسانيتنا. إن موت هؤلاء الأطفال في جباليا وخانيونس وغزة هو مأساة فظيعة.
ونحن أيضاً – الوسط العربي في البلاد ما زال في حالة صدمة. وكما تعودنا دائماً، في أوقات التوتر الأمني، الصمت هو رد الفعل الطبيعي. الصمت ينبع في المقام الأول من الخوف، خشية أن ينظروا إلينا على أننا العدو. الأمر الواضح يجب أن يقال بصوت عال: الوسط العربي في البلاد مصدوم من تصرفات حماس. الوسط العربي في البلاد مصدوم من العدد الذي لا نهاية له من القتلى في غزة. ويخشى الجمهور العربي في البلاد أن يدفع ثمناً باهظاً لهذا الهجوم المروع، ومن مشاعر الانتقام لدى الكثيرين في الجمهور اليهودي، وبالتالي، وفي غياب مساحة عامة يمكنها أن تحوي هذا التعقيد، فإن الكثيرين في الوسط العربي قرروا الصمت. أولئك الذين اختاروا ان لا يصمتوا، يتكلمون، والعديد منهم يتحدثون بشجاعة عن إدانة الهجوم وأهمية تضامن السكان العرب في البلاد مع جيرانهم اليهود. وموقفهم هو موقف أغلبية الجمهور العربي. ليس عبثا أن مبادرات مدنية بدأت تعمل في كفر قاسم والطيرة وبير هداج ورهط وبلدات أخرى لمساعدة الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من منطقة الغلاف والشمال.
في وسط اليأس، أتشبث ببصيص الأمل، في المجتمع المدني الذي يساعد الجميع، في استعداد أصدقائي البدو للمخاطرة بحياتهم لإنقاذ الناجين، في عامر أبو سبيلة على سبيل المثال، من أبو تلول، الذي قُتل أثناء إنقاذ فتاتين في سديروت.
ليس لدينا خيار، وسيواصل كلا الشعبين العيش جنبًا إلى جنب، ويجب على قوى النور أن تحارب التطرف والكراهية والعنف ودعاة الموت. فقط إذا عملنا معًا، يمكننا أن ننظر في عيون أطفالنا ونعطي الأمل لأيام أفضل، وهذا هو الوقت المناسب لفعل كل شيء من أجل المستقبل المشترك لكلا الشعبين. يجب على القوى المتوازنة، الراغبين بالحياة، سواء في الوسط اليهودي أو في الوسط العربي، أن تقول بصوت عال ما هو مفهوم ضمنا: هذه بلدنا، وعلينا أن نسعى للسلام. فاليد الممدودة ستقابل أيادي كثيرة، نحن الأغلبية. سنربح.
[email protected]