وصلنا عبر الإيميل على موقعنا بعض الأسئلة عن موضوع الخلافة فى الإسلام وهل هى نظام الحكم الأفضل كى نطالب بإعادتها ؟
وللإجابة على هذا السؤال وجدنا أن الرد يحتاج لبحث من خلال سلسلة مقالات نتكلم فيها أولاً عن فترة الخلافة الأموية وثانياً عن فترة الخلافة العباسية وثالثاً فترة الخلافة العثمانية بالرصد والتحليل التاريخى لتوضيح الحقائق الغائبة أمام القارىء العزيز بعيداً عن التجميل والتدليس والتأويل والتبرير ----------- وبعد عرضنا للخلافة الأموية نأتى اليوم للفترة الثانية وهى الخلافة العباسية : -
الخلافة العباسية
الدولة العباسية أو الخلافة العباسية أو العباسيون هو الاسم الذي يُطلق على ثالث خلافة إسلامية في التاريخ، وثاني السلالات الحاكمة الإسلامية. استطاع العباسيون أن يزيحوا بني أمية من دربهم ويستفردوا بالخلافة، وقد قضوا على تلك السلالة الحاكمة وطاردوا أبنائها حتى قضوا على أغلبهم ولم ينج منهم إلا من لجأ إلى الأندلس، وكان من ضمنهم عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، فاستولى على شبه الجزيرة الأيبيرية، وبقيت في عقبه لسنة 1029م. تأسست الدولة العباسية على يد المتحدرين من سلالة أصغر أعمام نبي الإسلام محمد بن عبد الله ،هو العباس بن عبد المطلب ، وكانت عواصم الدولة الإسلامية فى الخلافة الإسلامية فى الكوفة (750 -766م) وفى بغداد (766 – 836م / 892 -1258م) وفى سامراء (836 -892م) وفى القاهرة(1261م - 1517) ).
------------------------------------------------------------
الخليفة السفاح أبو العباس عبدالله
أما عن قيام الخلافة الإسلامية فى الانقلاب الدموى المعروف بقيام الدولة العباسية، فحدث ولاحرج، فمؤسس الدولة نفسه هو «أبوالعباس» الذى من كثرة ما سفك من دماء الأمويين، وهم عرب أيضا ومسلمون بلا جدال، وهم بنو أمية الذى أطلق عليهم الفيلسوف الألمانى «إشبنجلر» الأرستقراطية القرشية الطروب، سمى أبو العباس ب«السفاح»، من شدة ما ارتكب من مذابح فى الأمويين، أصبح لايعرف إلا «بأبى العباس السفاح»، ولن نذكر أن أحد أشهر ضحايا أبوالعباس كان بطل الثورة وقائد جيوش العباسيين، أبومسلم الخراسانى، وكما قُتل عامر رفيق ناصر فى الثورة ، قَتلَ أبوالعباس قائد قواته غدرا وعدوانا ،ومن النوادر التى تروى عن أبوالعباس، تلك الوليمة الدموية التى أولم أبوالعباس ضيوفه عليها ، ووضع الطعام والسماط فوق أغرب مائدة فى التاريخ، التى كانت مكونة من جثث ضحاياه من بنى أمية، قتلهم وغطاهم وأولم فوق جثثهم، وراح يتناول الطعام على موسيقى تتصاعد نغماتها من أنين القتلى وهم يحتضرون وهذا واحد من الخلفاء، أما الخليفة يزيد بن معاوية بن أبى سفيان قاتل الحسين سيد الشهداء، راح الخليفة السكير الفاسق، يعبث بالحربة بها ( أى برأس الحسين )، وذكره البعض بأن هذه الرأس الغالية، كان رسول الله يقبلها فلم يأبه ،------- وما ذكرناه من بشاعات الحكم الاستبدادى الدموى المسمى بالخلافة الإسلامية المتدثرة بإذار الشريعة هو غيض من فيض .
وهو أول خليفة عباسى أى من الدولة العباسية وأسمه الحقيقى عَبْد الله بن محمد بن علي بن عَبْد الله ابن العباس بن عَبْد المُطَّلِب وقد حكم أبو العباس أربع سنوات وتسعة أشهر (727 - 10 يونيو 754 م)، يلتقي مع النبي محمد بن عبدالله في جَدَهِ عبد المطلب. ولد بالحميمة (وهي قرية موجودة بالأردن حاليا ) ولم يخل عهده من ثورات قام بها بعض الأمويين في أول عهده بالخلافة وفى آخره، فقضى على ثورة أبى الورد الذي انضم إليه أهل قنسرين، وحمص ودمشق، وكان ذلك عام تولّيه الحكم. وفى آخر عهده، أعلن أهل دمشق تمردهم على خلافة العباسيين سنة 136 هـ، 754م، وبايعوا أحد الأمويين، ولكنهم ما لبثوا أن هربوا أمام الجيش العباسي الذي داهمهم وطاردهم وأعمل سيف القتل فيهم ، وقد قضى السفاح على بعض القادة الذين ساعدوه في تأسيسس الدولة العباسية إما بالقتل، أو بالسجن ، ومات في مدينة الأنبار سنة 136هـ بعد ان عهد بالخلافة لأخيه أبي جعفر المنصور ، وقيل أنه مات بمرض الجدرى وقيل مات مسموماً ، وقد مات فى العقد الثالث من عمرة الذى لم يذكره التاريخ تحديداً.
----------------------------------------------------------
الخليفة أبو جعفر المنصور
أبو جعفر عبد الله المنصور (712-775)، واسمه الكامل عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، ثاني خلفاء بني العباس وأقواهم. وهو أسن أى أكبر من أخيه السفاح بست سنين ولكن أخاه الإمام إبراهيم بن محمد بن علي حينما قبض عليه جنود مروان بن محمد سلم الإمامة لأبي العباس دون المنصور. واشتهر المنصور بتشييد مدينة بغداد التي تحولت لعاصمة الدولة العباسية. وتولى الخلافة بعد وفاة أخيه السفاح من عام 754م حتى وفاته في عام 775م.136إلى 158ه
كان الهم الأكبر للمنصور أثناء حكمه هو تقوية حكم أسرة بني العباس والتخلص من أي خطر يهدد سيطرتهم حتى لو كان حليفا سابقا مثل أبو مسلم الخراساني الذي قاد الثورة العباسية ضد الأمويين في خراسان، فاشتدت السيوف وسالت الدماء .
ويعد أبو جعفر هو المؤسس الحقيقي للدولة العباسية، ولا شك إن المدة التي قضاها المنصور في الخلافة العباسية تعتبر من أهم عصور الخلافة، فقد حكم ما يقرب من 22 عاما، حكما قويا وركز الخليفة فيها جميع سلطات الدولة في يده ،كما أن المنصور هو من سن السياسة الدينية وجعلها أساسا لحكم العباسيين وذهب في ذلك إلى ابعد حد حتى قال إنما انا سلطان الله في ارضه ، وقد مرض المنصور في الطريق أثناء ذهابه إلى الحج ، ونزل فى قرية قد افرغها سيدها من اهلها وقرا على الجدار ابيات شعر فيها علامة على وفاته ، مما جعل البعض يشك فى أنه مات مسموماً ،وقبل أن يدخل مكة توفي على أبوابها. وتوفي وقد ترك دولة إسلامية حصينة كان قائداً لها وخليفة لها لمدة عشرين سنة ، وقد توفى وهو فى الحادية والأربعين من عمره
------------------------------------------------------------
الخليفة أبو عبد الله محمد المهدى
أبو عبد الله محمد بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي المهدي بالله. هو ثالث خلفاء الدولة العباسية بالعراق ،قال عنه الذهبي: «هو أول من عمل البريد من الحجاز إلى العراق».وقد جد المهدي في تتبع الزنادقة وإبادتهم والبحث عنهم في الآفاق والقتل على التهمة وأمر بتصنيف ووضع كتب الجدل في الرد على الزنادقة والملحدين ، وكان للمهدي جارية شغف بها حباً وهي كذلك إلا أنها تتحاماه كثيراً ،فدس إليها من عرف ما في نفسها، فقالت أخاف أن يملني ويدعني فأموت وقيل أنها كانت تحب غيره فقال المهدي في ذلك:
ظفرت بالقلب مني غادة مثل الهـلال --- كلما صح لـهـا ودي جاءت باعتـلال
لا لحب الهجر مني والتنائي عن وصال --- بل لإبقاء على حبي لها خوف الملال
، توفي المهدى عام 169 هـ\785 م. وكانت مدة خلافته عشر سنين وشهرا ، وقد توفي بماسبذان قرب مدينة مندلي العراقية . قال السيوطي : ساق المهدي خلف صيد ،فاقتحم الصيد خربة، وتبعه الفرس فدق ظهره في بابها أى ظهر المهدى ،فمات لوقته، وقيل مات مسموما. وقال ابن الأثير : كانت خلافته عشر سنين وتوفي وهو ابن 43 سنة وصلى عليه ابنه الرشيد
---------------------------------
الخليفة أبو محمد موسى الهادى
أبو محمد موسى الهادي بن أبو عبد الله محمد المهدي بن أبو جعفر عبد الله المنصور من خلفاء الدولة العباسية ببغداد وهو الخليفة الرابع. ولد الهادي بالري سنة 144 هـ\766م. ولي الخلافة بعد وفاة أبيه الخليفة أبو عبد الله محمد المهدي سنة 169 هـ\14 سبتمبر 786م وخلفه أخيه الخليفة هارون الرشيد ، وفى عهده سالت بحوراً من الدماء لأنه اتبع وصية أبيه أن يقوم بقتل الزندقة فتتبعهم وقتل منهم خلقا كثيرا ، ويرى بعض المؤرخين أن وفاة الهادي كانت وفاة طبيعية، بينما يرى البعض أنه اغتيل من قبل الخيزران بنت عطاء أم هارون الرشيد التي أمرت جواريها أن يقتلنه فخنقنه، ويعتقد أن سبب الاغتيال هي رغبة الهادي في خلع أخيه هارون الرشيد من ولاية العهد، وجعلها لأبنه جعفر. وتوفي الهادي عام 170 هـ\787م..
--------------------------------------------------------------
الخليفة هارون الرشيد
ومن الأمثلة المخزية هذا الخليفة هارون الرشيد الذى يطلق عليه البعض الخليفة العادل ، الذى كان يمتلك أكثر من ألف محظية ( جارية للحظ والجنس ) ، فالخليفة العادل هارون الرشيد لم يكن عادلا إلا في كتب التاريخ التي الفها المنافقون في قصره ... اما واقع الحال فيقول ان هارون الرشيد كان يتفنن في قتل خصومه بوشاية تصل إليه أو لخلاف على إمرأة ... كما فعل مع بشير ابن الليث الذي لم يكن له من ذنب إلا كونه أخ " رافع بن الليث " احد خصوم الرشيد ... فحين وقع بشير في قبضة الرشيد أمر احد اللحامين العاملين في مطبخ القصر أن يستخدم سكينا صدئة في سلخ بشير عظمة عظمة وهو حي وجلس هارون
الرشيد ، مع جواريه وهو يستمتع بمشاهدة هذا المنظر ... ولعل ما فعله الرشيد مع صديق عمره وأخوه بالرضاعة " جعفر البرمكي " يكفي للدلالة على وحشية هذا الخليفة الذي تصفه كتب التاريخ " المدرسي " بالعادل ... فقد قَتَلَ جعفر وقطع رأسه ، وأمر بجثته ففصلت ،وعلقت على ثلاثة جذوع ، رأسه في جذع ، وجسده على جذع ، وسائره على جذع .... ولما وشى البعض للرشيد بأن صديقه وجليسه الشاعر منصور النمري قد نظم قصيدة يذكر فيها أحقية العلويين بالولاية بعث الرشيد ، الى النمري بجلاد ، وطلب منه أن يسل لسانه
من قفاه ، ويقطع يده ورجله ،ثم يضرب عنقه ، ويحمل رأسه الى بغداد. ... وكان الرشيد لا ينادي خصومه ، وحتى وزرائه إلا " يا ابن الزانية "
هذا العنف الدموي في عهد الخليفة العادل هارون الرشيد انتقل
الى اولاده من بعده ... والحروب بين ولديه الامين والمأمون اسفرت عن مقتل عشرات الالوف من العرب والمسلمين ... وقطع الاخ رأس اخيه وعلقه على مداخل بغداد ، فى حين أن كل هؤلاء الخلفاء كانوا يتغنون بتطبيق الشريعة ، ويعلنون للكافة بأن حكمهم قائم على تطبيق الشريعة .
فياترى أى شريعة تلك ؟؟؟
========================
الخليفة المتوكل على الله
هو أبو الفضل جعفر المتوكل على الله بن المعتصم بن هارون الرشيد بن المهدي ( المولود فى 205 هـ - والمتوفى 247 هـ). أمه أم ولد
تركية اسمها "شجاع". ويُعَدُّ عهد
الخليفة المتوكل هو بداية عصر ضعف الدولة العباسية وانحلالها، والذي انتهى بسقوطها على أيدي التتار سنة (656هـ/1258 م ).
وكان المتوكل ينفر من استعمال أهل الذمة في الدواوين وأعمال الدولة، ويكره أن يراهم بمظهر المسلمين ،هذا بالإضافة لكونه يتحرى تطبيق شرع الله كما ذكرت السير التاريخية ، ويستأذن ويستشير الإمام أحمد بن حنبل قبل أن يولي أحداً أو يعزل آخر , فأمر المتوكل سنة 235هـ بإلزام أهل الذمة بالشروط العمرية فألزمهم بلباس معين له لون معين وعزلهم من دواوين الدولة ، دون سبب أو جرم إتكبوه ، ورغم تفوقهم وكفائتهم ، ونهى أن يتعلم أولادهم في كتاتيب المسلمين ، ولا يعلمهم مسلم ، وألزم بتلك الشروط كل بلاد دولة الخلافة الإسلامية .
وكان المتوكل يشعر أن الأتراك المجلوبين منذ أيام أبيه ، هم سبب كل بلية تقع في بلاد المسلمين ، وشعر بقوتهم وتنامي نفوذهم داخل الدولة، فعمل على إضعاف شوكتهم بتقليم أظافرهم ، وبدأ خطته الشيطانية ، بالفتك بأكبر رأس لهم وهو القائد إيتاخ ، وعمل عليه الحيلة حتى سجنه ومات إيتاخ في سجنه هماً وحزناً , ثم لشدة كره المتوكل لهم عزم على نقل عاصمة الخلافة لدمشق وشعر الأتراك بذلك فخافوا من تحول سلطانهم إلى العرب ، ولكن المدينة لم تروق للمتوكل ، لإختلاف جوها عن العراق ، فاستوبأها وعاد بعد شهرين منها إلى بغداد ، ولكنه شرع في بناء مدينة جديدة ، يجعلها خالصة له ولأتباعه ، ليس للأتراك فيها سلطان ولا نفوذ ، وهذا الأمر جعل الأتراك يتخوفون منه بشدة ويعملون على الفتك به ، كما ذكركتاب السير الموالين للمتوكل .
أما عن مقتله ، فلقد وقع المتوكل في نفس غلطة جده الرشيد ،عندما عقد الولاية لثلاثة من أبناءه الأمين فالمأمون فالمؤتمن ، وأدى ذلك لاقتتال شديد راح ضحيته الكثير في مقدمتهم الأمين نفسه , وهو مافعله المتوكل بعقد الولاية لثلاثة من أبناءه المنتصر ثم المعتز ثم المؤيد , ولم
تكن قلوب الأتراك مطمئنة إلى المتوكل حسبما ذكر كتاب السير ،فعملوا على استغلال كره المنتصر لأبيه المتوكل بسبب تفضيل المتوكل لولده المعتز على المنتصر ، ثم وقعت حادثة أشعلت نار الحقد في قلب المنتصر ضد أبيه ، عندما مرض المتوكل يوماً فأمر المعتز أن يخطب الجمعة مكانه ، فأجاد فيها وعظُمَ في أعين الناس ، فخاف المنتصر فقدان الخلافة منه لأخيه ، فتآمر مع بعض قادة الأتراك على قتل أبيه
المتوكل ، وبالفعل في ليلة الأربعاء 4 شوال سنة 248هـ دخلوا على
المتوكل بتسهيل من المنتصر ، فقتلوه بسيوفهم ، وقتلوا معه صديقه الفتح بن خاقان ، وأشاعوا كذباً أن الفتح هو الذي قتله
وأنهم قتلوه لفعلته ، وولوا المنتصر مكانه وكانت هذه الحادثة إيذاناً ببدء سلسلة طويلة دموية من قتل وعزل الخلفاء .
الشيخ د \ مصطفى راشد عالم أزهرى أستاذ الشريعة
وعضو نقابة المحامين وإتحاد الكتاب الأفريقى الأسيوى
وسفير السلام العالمى للأمم المتحدة ورئيس منظمة الضمير العالمى لحقوق الإنسان
[email protected]