بدا الرد العسكري الإسرائيلي على عمليات اطلاق الصواريخ من لبنان على منطقة الجليل، امس، باهتاً وضعيفاً جداً، وفي غاية الانضباط على الأقل في هذه المرحلة مقارنة مع احداث مشابهة كانت تتعرض لها اسرائيل وبشكل اقل حدة، ما يعكس حالة الضعف والذعر التي تسيطر على الحكومة الإسرائيلية وقادة الجيش الذين يقودون هذه السياسة ويدافعون عنها باستماته خلال الاجتماعات الأمنية والعسكرية المهمة، وفي وجه الوزراء واقطاب الائتلاف الحكومي المتشددين الذين يطالبون بدوافع دينية وعقائدية وعنصرية تنفيذ عمليات اكثر قوة، بل ويدعمون التوجه الى حرب، ويدلل عدم اقدام إسرائيل على ضرب اهداف لحزب الله اللبناني رغم تحميلها له المسؤولية عن اطلاق الصواريخ، وكذلك عدم ضرب اهداف مأهولة لحماس بغزة فجر اليوم واكتفائها بضرب اهداف خالية يعكس حالة الوهن والضعف والخوف التي اصابت إسرائيل والجيش الذي يقود هذا السلوك.
ومهما كان تبرير قادة الجيش من الناحية الفنية والتقنية والعملياتية بعدم الانزلاق نحو شن حرب، فإن هذا الموقف لا يخلوا من الجبن والضعف وعدم القدرة على اتخاذ قرار بذلك أو تنفيذ عمليات عسكرية واسعة وعميقة على غرار العمليات والحروب الأربعة الأخيرة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، فعلى ما يبدو اصبح لقيادة الجيش والمخابرات قناعة راسخة ان المقاومة بشموليتها أصبحت تمتلك قدرات هائلة ليست على صعيد التسليح والقدرة الكبيرة على تنفيذ العمليات الناجحة فقط، بل وعلى المناورة ونقل المعركة من منطقة الى أخرى وبطرق مختلفة ومعقدة اربكت حساباتهم وجعلتهم يفقدون التركيز على بلورة خطة معينة للتعامل مع هذا التطور، بل ويخشون من ردة فعل مفاجئة تحرجهم على المستوى الشعبي والعالمي اذا ما اقدموا على تنفيذ عمليات عسكرية كبيرة، فالعمليات التي تنفذها او توجهها في الضفة الغربية تختلف عن تلك التي تنفذها في غزة ولبنان، والتي أصبحت تتشابه الى حد كبير بسبب اعتمادها على اطلاق الصواريخ، ومن هنا يحتاج الجيش والمخابرات الى مزيد من الوقت لفهم ما يدور من تطورات دراماتيكية في قدرات المقاومة والتي بكل تأكيد لم تكن عفوية، بل تدار من مستويات مهنية متقدمة جداً وبدعم سياسي فعال على المستوى الإقليمي، والتي قد تمتد الى فتح جبهات أخرى خلال الأيام القريبة القادمة، وسيجد قادة الجيش ومن خلفهم وزير الحرب غالانت انفسهم في مواجهة صعبة وربما خاسرة مع تيار المتشددين في الكابينت الذين يرغبون في شن حرب او على الأقل عمليات عسكرية عميقة مع استمرار العمليات، وسيتعرضون لحرج شديد لعدم قدرتهم على تبرير هذا الضعف والتحفظ على شن عمليات او حروب جديدة يراها المتشددون وعلى رأسهم بن غفير وربما بنيامين نتنياهو بأنها الحل الأمثل والأكثر ابداعاً في حفاظهم على مناصبهم في ظل انخفاض اسهمهم لدى الشارع الإسرائيلي بعد محاولتهم الفاشلة فرض الإصلاحات القضائية.
ومع استمرار العمليات المسلحة المميتة، سيجد نتنياهو الذي يدعم موقف الجيش حتى الان لإرضاء الولايات المتحدة مضطراً للاذعان لتبني رأي المتشددين والذهاب الى حرب او على الأقل عملية عسكرية عميقة بعد ان يحصل على الضمانات الدولية والإقليمية والعربية بالعمل على وقفها متى شاء.
[email protected]