عقدت دائرة مناهضة الفصل العنصري (الأبارتهايد) في منظمة التحرير الفلسطينية ورشة عمل، تحت عنوان: "بعد تشخيص إسرائيل دولة أبارتهايد؛ مسؤولية المجتمع الدولي"، بمشاركة عدد من المؤسسات الفلسطينية والدولية الحقوقية المختصة، وبحضور عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والفصائل والقوى والنشطاء ومختلف القطاعات الأكاديمية والإعلامية.
وافتتح رمزي رباح، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة مناهضة الفصل العنصري (الأبارتهايد) ورشة العمل، موضحا أن الفصل العنصري الاسرائيلي ترسّخ بسبب اختلال ميزان القوة المنحاز لدولة الاحتلال الاسرائيلي، وصمت المجتمع الدولي، لان كل الاتفاقيات والمعاهدات التي دعت إلى تجريم الانتهاكات العنصرية والمحاسبة بأشكال متعددة من إجراءات قانونية وإدارية وسياسية واقتصادية؛ لم تطبق بشكل جدّي.
وأضاف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أن دولة الاحتلال الاسرائيلي تكرس وتسخر القوانين العنصرية، من أجل إدامة السيطرة على الشعب الفلسطيني واستمرارية احتلال أرضه وضمها، من اجل تقويض حقوقهم وهويتهم الوطنية الفلسطينية.
ولفت رئيس دائرة مناهضة الفصل العنصري (الأبارتهايد) أن حكومة الاحتلال الاسرائيلي تؤكد دائما أن الضفة المحتلة هي أرض للشعب اليهودي ولليهود الحق الحصري فيها، وان الفرصة للسيطرة عليها قد اقتربت، منوها أن ذلك تطبيقا فعليا لقانون القومية اليهودية على أرض فلسطين التاريخية.
وأشار رباح إلى أن دولة الاحتلال تسن قوانين للتهجير والتطهير العرقي، من خلال إتباع أشكال مختلفة كالهدم وسحب الهويات والجنسية والإقامة، والطرد والإبعاد وخنق الاقتصاد، إضافة إلى اعتبارها التفوق الديموغرافي الفلسطيني خطراً وجودياً.
ودعا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إلى التحرك من أجل محاسبة دولة الاحتلال كدولة فصل عنصري، من خلال بناء تكتلات مع قوى سياسية وأحزاب وجمعيات ومؤسسات ومنظمات مجتمع مدني.
من جهتها، قالت ممثلة منظمة العفو الدولية (أمنستي)، غرايزيا كاريشيا أن دولة الاحتلال الاسرائيلي ترتكب جريمة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين وينبغي محاسبتها، مبينة في حديثها أن دولة الاحتلال تفرض نظام اضطهاد وهيمنة على الشعب الفلسطيني في الداخل والأراضي الفلسطينية، إضافة إلى اللاجئين في الشتات.
وأضافت ممثلة منظمة العفو الدولية (أمنستي) أن نظام الفصل العنصري الاسرائيلي جريمة ضد الإنسانية، من خلال سيطرته على الأراضي والممتلكات الفلسطينية، وأعمال القتل غير المشروعة، والنقل القسري، وقيود حرية التنقل.
وأوضحت غرايزيا كاريشيا أن عمل منظمة العفو الدولية يأخذ جهدا كبيرا لفهم جريمة الأبارتهايد التي ترتكبها دولة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، مطالبة دول العالم إنشاء وبناء مؤسسات حقوقية وإنسانية لمتابعة جرائم الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية وبقية دول العالم التي تعاني جريمة الأبارتهايد.
وأشارت ممثلة منظمة العفو الدولية إلى مساهمة المجتمع الدولي في تقويض النظام القانوني الدولي، وتشجيع دولة الاحتلال على مواصلة ارتكاب جرائمها والإفلات من العقاب، وواقع دعم بعض الدول للانتهاكات الإسرائيلية بشكل نشط، عن طريق تزويدها بالأسلحة والمعدات وغيرها من الأدوات اللازمة لارتكاب جرائم بموجب القانون الدولي.
من جانبه، تحدث عمر شاكر من منظمة هيومن رايتس ووتش عن جريمة الفصل العنصري التي تمارسها دولة الاحتلال الاسرائيلي واصفا إياها بجريمة العنف الممنهج، وليست قضية نزاع بين طرفين متساويين.
وأضاف عمر شاكر أن خطوات مواجهة الابارتهايد تبدأ من التعرف عليه وجعله أكثر كلفة لضمان عدم استمراريته، والاستمرار في دعوة الأمم المتحدة لإنشاء آليات تعامل مع وضع الفصل العنصري الاسرائيلي، في نفس السياق الذي تم في جنوب إفريقيا.
ولفت ممثل منظمة هيومن رايتس ووتش إلى ضرورة الدعوة المستمرة لإيقاع العقوبات ضد المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في جريمة الفصل العنصري، ومنع جميع أشكال التعاون الثنائي مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، كونه يعد تواطئا مع جريمة الابارتهايد.
وأشار عمر شاكر إلى أن المنظمة ستواصل العمل لمواجهة نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، عبر بناء تحالف عالمي مؤلف من حكومات ومؤسسات ومنظمات مجتمع مدني.
من ناحيته، قال المدير العام لمؤسسة الحق شعوان جبارين أن دولة الاحتلال الاسرائيلي تمثل كل ما هو سيء في جريمة الفصل العنصري تاريخيا، من خلال سلوكها ونظامها العنصري والقمعي الذي تمارسه بحق الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.
وأشار جبارين أن نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) الذي تمارسه دولة الاحتلال، هو أداة من أدوات القمع والتحكم والسيطرة التي تنتهجها تاريخيا، عبر عدة أساليب مختلفة ترتكبها على الأرض، والتي تهدف في غالبيتها إلى طرد الشعب الفلسطيني من أرضه، مؤكدا على ضرورة تعزيز الرواية الفلسطينية في المحافل الدولية، وإظهار حجم الظلم والقهر الواقع على الشعب الفلسطيني.
وتحدث الأستاذ علي أبو هلال عن دائرة مناهضة الفصل العنصري (الأبارتهايد) في منظمة التحرير الفلسطيني، حول رؤية الدائرة من خلال مواجهة وفضح كل مظاهر منظومة الأبارتهايد والاستعمار الاستيطاني وتداعياتها على الشعب الفلسطيني، والعمل الدءوب لمحاسبة دولة الاحتلال وإدانتها دوليا، باعتبارها جزء لا يتجزأ من معركة التحرر الوطني التي يخوضها شعبنا وقواه السياسية والمجتمعية للخلاص من الاحتلال والاستيطان، وانتزاع الحرية والاستقلال، وإنهاء الاضطهاد والظلم العنصري الذي يعانيه شعبنا على جانبي الخط الأخضر، بما في ذلك ضمان الاعتراف بالهوية القومية لأبناء شعبنا في مناطق 48، وحقهم الكامل بالمساواة بالحقوق.
وأوضح أبو هلال أن دائرة مناهضة الأبارتهايد تعمل على زيادة الوعي المجتمعي والدولي بالأسس المعرفية والفكرية النظرية والعملية، لممارسات دولة الاحتلال والأبارتهايد الإسرائيلي، وتشكيل رأي عام ضاغط حتى تعتمد الدول تدابير فعلية، لإعمال الحقوق المنصوص عليها في القرارات الدولية والقانون الدولي تجاه الحقوق الفلسطينية، والى الوفاء بالالتزامات المعترف بها في القانون الدولي والاتفاقيات الدولية الأخرى، لمعاقبة دولة الأبارتهايد الإسرائيلي.
وفي نهايتها، خرجت الورشة بعدة توصيات، أهمها ضرورة العمل على سن تشريعات وتدابير إدارية أكثر صرامة لمناهضة الفصل العنصري والتمييز، وإدراج جريمة الفصل العنصري في القانون الجنائي الوطني لدولة فلسطين، وإنشاء لجنة دولية من خلال الأمم المتحدة للتحقيق في نظام الفصل العنصري الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، ولجنة متابعة تقييم نتائج التحقيق وتنفيذ التوصيات الصادرة عن لجنة التحقيق.
كما أكد المشاركون في توصياتهم على ضرورة العمل على تشكيل تكتلات تضم مجموعة دول في مجلس الأمن؛ تفرض على دولة الاحتلال الإسرائيلية عقوبات تتضمن منع سفر تجميد الأصول وحصار اقتصادي.
وأشار المشاركون في توصياتهم ضرورة تجهيز حملة إعلانية تقوم على أساس حظر بيع الأسلحة لدولة الاحتلال الإسرائيلي بما فيها المساعدات الأمنية، وإنهاء التمويل والمساعدات التجارية والاقتصادية التي تساهم في بناء المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية، وتعزز نظام الفصل العنصري الإسرائيلي.
ونبه المشاركون إلى ضرورة بذل الجهود الدولية اللازمة لإيجاد لجنة في الأمم المتحدة؛ تبحث في جريمة الفصل العنصري، للحصول على تفويض تنهي جريمة الفصل العنصري إلى جانب الاستعمار، وإرسال مبعوثها الخاص إلى الأرض الفلسطينية المحتلة، وحث الدول إلى إصدار بيانات رسمية تدين فيه جريمة الفصل العنصري الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني.
ولفت المشاركون في الورشة إلى أهمية إرسال رسائل دائمة إلى مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية تطالبه بالتحرك العاجل لمعاقبة مرتكبي جريمة الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ودعوة دولة الاحتلال الإسرائيلي ألانضمام إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، أو تشكيل محكمة دولية خاصة للنظر في جريمة الفصل العنصري الإسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، في حال لم تنضم إسرائيل لنظام روما.
[email protected]