يعرف البادوفيليا - عشق الاطفال- بانه اضطراب يتعلق بالاشخاص الذين يفضلون اقامة العلاقات الجنسية مع الاطفال.
ينتمي هذا الاضطراب لمجموعة اضطرابات عامة في التفضيل الجنسي. تم اطلاق العديد من الاسماء عليها، منها: الانحراف الجنسي، اضطرابات في الرغبة الجنسية، اضطرابات التفضيل الجنسي، والاسم المتعارف عليه اليوم هو الخطل الجنسي (Paraphilia). تعبر هذه الاسماء عن مدى التعقيد الطبي لهذه الاضطرابات، بالاضافة الى وجود اسقاطات اجتماعية هامة لمثل هذه الاضطرابات.
نجد الاضطراب المعروف باسم عشق الاطفال، في مركز هذه الاضطرابات، والذي يكون عادة في جيل ما قبل البلوغ الجنسي او في بدايته.
يتسم عشق الاطفال برغبات جنسية، تخيلات او انماط سلوكية متكررة تتعلق بالاطفال الصغار، حيث يكون سن الطفل 13 عاما وما دون. يجب ان يستمر هذا الاضطراب لفترة لا تقل عن ستة اشهر. تؤدي هذه الرغبات والتصرفات في النهاية، لازمة مرضية او لخلل ادائي. ان الاشكالية الوحيدة في هذا التعريف، هو انه لا يفرق بين من يعانون من هذا الاضطراب ويتصرفون وفقا لهذه الشهوات، وبين من لديهم مثل هذه الرغبات والدوافع، ولكنهم لا ينصاعون لها.
يعتبر حب الاطفال، كما هو الحال في حالات الخطل الجنسي الاخرى، احد الاضطرابات النفسية القليلة، التي يعتبر جزء من اعراضها مخالفة جنائية.
توجد هنالك اشكالية كبيرة في محاولة تقدير مدى انتشار هذه الظاهرة، وذلك نظرا لان اكتشاف هذا الاضطراب يتم في اعقاب الدعاوى القضائية التي يسببها لصاحبه؛ لكن بالامكان محاولة تقدير انتشار هذه الظاهرة، بالاعتماد على انتشار ظاهرة الاعتداء على الاطفال والتنكيل بهم. تشير التقديرات الى ان نحو 10% - 20% من الاطفال تعرضوا لاعتداء جنسي حتى جيل 18 عاما. ويبدو ان الغالبية العظمى من المعتدين هم رجال. يبدا هذا الاضطراب في مرحلة مبكرة، بل ان بعض الابحاث تشير الى انه يبدا بالظهور لدى صاحبه في جيل المراهقة. من الممكن، بشكل عام، ان يكون الاعتداء على الاطفال من خلال اللمس، وملاطفة او لمس الاماكن الحساسة. ان جزءا قليلا فقط من حالات الاعتداء (2% -8%) كان مرتبطا باتصال جنسي كامل. كذلك، فان غالبية المعتدين لم يستخدموا العنف.
اثبتت الابحاث ان لدى الاشخاص المصابين باضطراب عشق الاطفال، توجد نسبة كبيرة من الاضطرابات الاخرى، خاصة اضطرابات المزاج، اضطرابات الهلع (Panic Disorders) وتعاطي المخدرات، كما تم تشخيص حالات من اضطرابات السيطرة على الانفعالات (Impulse control disorders) وحتى هوس السرقة (Kleptomania )؛ كما تم تشخيص اضطرابات اخرى تتعلق بالرغبات الجنسية لدى غالبية المصابين باضطراب حب الاطفال. فمثلا، لدى (70%) من المصابين بهذا الاضطراب وجد اضطراب الرغبة بالتعري، استراق النظر (البصبصة)، وحتى الرغبة بالاحتكاك باجسام الاخرين؛ كذلك، تم تشخيص نسبة عالية من الاضطرابات الشخصية الصعبة، اكثرها شيوعا، اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع (Anti - social Personality Disorder)، يليه اضطراب الوسواس القهري (Obsessive compulsive disorder). من الاضطرابات الاخرى التي تم تشخيصها لدى المصابين باضطراب حب الاطفال: انعدام الحزم، واضطرابات معرفية صعبة. هذه الاضطرابات كانت مرتبطة بالانكار والوصف غير السليم، لاسقاطات التصرفات الناجمة عن اضطراب حب الاطفال على الضحايا.
أسباب وعوامل خطر عشق الاطفال
لم تتضح بعد الاسباب التي تؤدي لهذا الاضطراب. فكل محاولات العثور على اسباب بيوكيميائية وهورمونية (Endocrinology)، باءت بالفشل. لكن اليوم، هنالك بعض المعطيات التي قد تكفي لفرضية معينة تتعلق بالاسباب. المعطى الهام الذي وجد لدى المصابين بحب الاطفال، هو ان نسبة كبيرة منهم تعرضوا للاعتداءات الجنسية خلال مرحلة الطفولة (لدى اكثر من 50% منهم). ان هذا المعطى كبير جدا بالمقارنة مع مجموعة المراقبة، ومع مجموعة المغتصبين ومجموعة الرجال الذين اعتدوا على سيدات مسنات. كذلك، هنالك معطى هام اخر يدل على الفرق الفيزيولوجي لدى المصابين بحب الاطفال، الا وهو انماط شاذة من الرغبة الجنسية، فقد كانت عتبة الاستثارة الجنسية عالية جدا، كما كانت هنالك انماط شاذة من الاستثارة الجنسية تتعلق بالاساس بالاطفال.
تم الكشف مؤخرا، عن وجود معطيات في تصوير الدماغ، تشير لوجود انماط شاذة من النشاط الدماغي في المناطق المرتبطة بالشغف والاثارة الجنسية؛ وقد ادت هذه المعطيات لفرضية تقول ان تطور هذا الاضطراب هو نتيجة لاصابة جنسية مبكرة، تؤدي لنمو غير سليم في قشرة الدماغ، مما يخلق ارتفاعا حادا بعتبة الاستثارة، كما يخلق انماط تفضيل جنسي شاذة؛ لكن رغم ان هذه الفرضية تبدو مبشرة، الا انه ما زالت هنالك حاجة كبيرة للمزيد من الابحاث لاثباتها. ستكون اهميتها الفعلية في العلاج وفي الوقاية من الاعتداءات الجنسية على الاطفال، وبهذه الطريقة نقلل نسبة المصابين باضطراب حب الاطفال في الاجيال القادمة.
علاج عشق الاطفال
يعتبر علاج اضطراب عشق الاطفال امرا صعبا. فقد تمت تجربة طرق علاج كثيرة، بما فيها الكثير من العلاجات النفسية المختلفة والدوائية، لكنها للاسف، لم تكن ناجعة. يضطر المجتمع للتعامل مع هذا الاضطراب من خلال انظمة لتطبيق القانون والسجن، لكن حتى هذه الاساليب لم تنجح بعد، في الحد من هذا الاضطراب. فنسبة المصابين بهذا الاضطراب الذين يعودون للاعتداء على الاطفال، بعد اطلاق سراحهم من السجن مرتفعة جدا.
ان العلاج الوحيد الذي ثبتت نجاعته هو الاخصاء، لكنه مرفوض نظرا لعدم انسانيته؛ اضافة لبعض العلاجات التي تعمل على خفض مستويات الهورمونات الجنسية في الدم بطرق مختلفة. لقد سببت معظم هذه العلاجات، حدوث اعراض جانبية خطيرة. ولقد تم اكتساب خبرة كبيرة مؤخرا، بطرق علاجية تتضمن حقن مواد تشبه احد الهورمونات الموجودة في الجسم، والتي تساعد على خفض مستويات الهورمونات الجنسية في الدم. هذا العلاج، مصحوبا بالعلاج النفسي، قد يثمر نتائج طيبة، الا ان هنالك حاجة للاستمرار به طويلا، لفترة قد تصل الى عدة سنوات.
[email protected]