بعد انقضاء عام عاصف مليء بالتقلّبات على سوق السكن وقروض الإسكان، لا يبدو أن عام 2023 سيحمل ثباتًا واستقرارًا، والضباب الذي يخيّم اليوم على كل ما يتعلّق بالطلب على الشقق وأسعارها، لم ينقشع بعد.
يبدو أن جميع القوى الموجودة في السوق الآن تعمل بقوّة بشكل متناقض وتنتظر تراجع أحد الطرفين-البائع أو المشتري.
أجبر تفشّي التضخّم المالي حول العالم البنوك المركزية على رفع الفائدة بهدف إبطاء الطلب والاستهلاك في السوق وضبط ارتفاع الأسعار والتضخّم.
أحد أكثر المجالات المتضرّرة من ارتفاع سعر الفائدة هو سوق الإسكان. يستجيب هذا المجال بسرعة مع بيئة الفائدة رغبة بالحصول على تمويل خارجي لصفقات الشراء بواسطة القروض وقروض السّكن (المشكنتا).
تؤثّر الزيادة في سعر الفائدة على كل من أصحاب القروض السكنية القائمة، التي يجري سدادها منذ فترة طويلة، جرّاء شراء عقارات في السنوات الأخيرة، وكذلك على أولئك الذين يعتزمون شراء شقّة هذه الأيام ويخططون لتمويلها بواسطة قرض سكن (مشكنتا).
رفع سعر الفائدة في منتصف العام الماضي من 0.1% في شهر نيسان إلى 3.5% في نهاية العام، أدّت أيضًا لرفع سعر قرض السكن المتوسّط للمقترضين القدامى بحوالي 750 ش.ج خصوصًا في مسار البرايم المفضّل.
لقد ساء وضع مشتري الشقق المحتَملين الذين يرغبون في فحص إمكانية الحصول على قرض سكن جديد في هذا الوقت وهو أكثر تعقيدًا حتى من أولئك الذين لديهم قروض سكنية قديمة.
أدّى رفع أسعار الفائدة والتضخم في الأسواق العالمية، إلى جانب معطيات ماكرو أخرى، إلى زيادة في عائِدات سندات الدين الحكومية في الأشهر الأخيرة، وهي زيادة رفعت من أسعار المال في مسارات قروض أخرى ليست "برايم" أيضًا.
في المجمل، تقدّر الفجوة في الدفعة الشهرية لمتوسّط قرض سكن بمبلغ 1 مليون شيكل يستمر لمدة 30 عامًا، بين بداية عام 2022 وبين الدفعة المحتسبة حاليًا، بزيادة بأكثر من 1000 شيكل. زيادة من ترجيع متوسّط يبلغ حوالي 4,500 شيكل في بداية العام إلى ترجيع متوسّط يبلغ 5,500 شيكل. كل هذا، نتيجة للزيادة في متوسّط سعر الفائدة لكل قرض من حوالي 3 ٪ إلى سعر الفائدة الحالي حوالي 5 ٪.
أدّى تأثير هذه الزيادة في أسعار الفائدة على القروض إلى تغيير جذري في الطلب على شراء الشّقق وفي الطلب على قروض السكن.
تراجع الطلب بين المستثمرين بسبب ارتفاع تكلفة القروض السكنية وبسبب البدائل الاستثمارية القوية التي تم فتحها لهم في سوق رأس المال مع زيادة العوائد على التوفيرات البنكية والصناديق النقدية.
ويواجه بعض الراغبين في شراء شقّة لأول مرّة صعوبة في الحصول على مصادقات من البنوك، بسبب زيادة السداد الشهري نسبة إلى دخلهم، والذي لم ينمُ بالتوازي مع زيادة الأسعار.
والبعض الآخر اتّخذ موقفًا محايدًا: في انتظار تطوّرات السوق، وتنفيذ سياسات وحلول الإسكان الحكومية الجديدة، واستقرار سعر الفائدة، وانخفاض أسعار الشقق.
انخفض حجم القروض السكنية في البنوك كل شهر بالتلاؤم مع انخفاض الطلب على الشّقق. البنوك، التي قدّمت قروضًا سكنية بقيمة 11-13 مليار شيكل شهريًا قبل ستة أشهر، أصبحت راضية الآن بمبالغ قروض تقدّر ب 6-7 مليارات شيكل فقط.
ومن المتوقّع الآن أن يؤدّي انخفاض الطلب على الشقق إلى انخفاض أسعارها. في ظلّ غياب ضغط المشترين، كان من المفترض أن يؤدّي الضغط من جهة أصحاب الشقق أو المقاوِلين إلى تخفيض سعر الشقة لتشجيع المشترين. وينعكس هذا الواقع بالفعل في الولايات المتحدة، التي سبقت دولة إسرائيل في رفع سعر الفائدة في العام الماضي.
في هذه الأثناء في إسرائيل، يمكن ملاحظة التوقّعات القائمة، الا أن أسعار الشقق لم تبدأ بالانخفاض. يوجد انخفاض معين في الأسعار للبائعين الذين يضطرون إلى بيع شقتهم بسبب الالتزامات التي أخذوها على عاتقهم بشراء شقّة أخرى. في الأشهر الأخيرة، قدّم المقاولون الذين يمتنعون عن تخفيض سعر الشقة أيضًا تخفيضات مختلفة للإعفاء من جدول الغلاء أو القروض المدعومة أو تأجيل الدفعات، ما يعكس انخفاضًا يصل إلى 5٪ في سعر الشقة.
لا يزال المشترون المحتملون، الذين لا يملكون شققًا ينتظرون، ولكن ليس من الواضح كم من الوقت سينتظرون وكم سيكونون قادرين على تأخير عملية الشّراء.
ستكون الأسابيع المقبلة اختبارًا للتوجّهات التي ستميّز عام 2023 في سوق الإسكان، التوجّهات التي ستتأثّر بالأسواق المالية في إسرائيل والخارج، أسعار الفائدة والتضخم، سلوك مشتري أو بائعي الشقق، وسياسة الحكومة الجديدة في مجال الإسكان.
بقلم دودي ميزليك، مساعد المدير العام ومدير قسم قروض الإسكان في بنك مركنتيل
[email protected]