منذ حوالي عام، تلقّى العشرات من المواطنين والسكان العرب عبر هواتفهم المحمولة رسائل نصّية موقّعة من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلي- الشاباك وفيها رسالة تهديد. وبعد توجّه جمعية حقوق المواطن إلى المستشار القضائي للحكومة، اعترف الشاباك بوقوع خطأ في صياغة الرسائل وكيفية توزيعها، ولكنه ادعى بأن هذه الممارسة المتمثلة في إرسال الرسائل للسكان هي سياسة قانونية وشرعية. على ضوء ذلك تقدّمت جمعية حقوق المواطن هذا الصباح بالتماس إلى المحكمة العليا وشددت أن: "إرسال رسائل تخويف وتهديد إلى هواتف المواطنين المحمولة هو أمر غير قانوني ومرفوض من أساسه".
قدّمت الجمعيّة الالتماس مع جمعية عدالة إلى المحكمة العليا صباح اليوم وطالبتها بإصدار أمرٍ للشاباك بالامتناع عن إرسال رسائل نصّية (SMS) مُهددة إلى مواطني وسكان البلاد. وقد تم تقديم الالتماس بعد أن أرسل جهاز الشاباك في شهر أيار (مايو) 2021 رسائل نصّية إلى الهواتف المحمولة لمئات المواطنين العرب والسكان الفلسطينيين في شرقي القدس، غير المشتبه بهم بالمشاركة في أية نشاطات عنيفة، وكانت صيغة الرسائل على النحو التالي: "لقد شُخّصت كمن شارك في أعمال عنف في المسجد الأقصى. سوف نحاسبك. المخابرات الإسرائيلية".
وكانت جمعية حقوق المواطن قد توجّهت في أعقاب هذا الحدث إلى المستشار القضائي للحكومة من أجل تلقي توضيحات وتفسيرات. وفي إطار عملية الفحص، اعترف الشاباك بوقوع خطأ في صياغة الرسائل وفي نطاق توزيعها، ولكنّه في الوقت نفسه ادّعى بأن إرسال مثل هذه الرسائل هو أمر شرعي وقانوني. وفي أعقاب هذا الردّ، تقدّمت الجمعية بالتماس إلى المحكمة العليا وادّعت بأن إرسال رسائل من هذا النوع له تأثير على السكان والمواطنين العرب ويردعهم من القيام بنشاطات هي قانونية وشرعية، كالمشاركة في مظاهرة أو في أحد الشعائر الدينية.
أكّدت الجمعيّة في التماسها أنّ "جهاز الشاباك هو جهاز تنفيذي عامّ، وليس مخوّلًا لمضايقة المواطنين من خلال الرسائل النصية، وتهديدهم وترهيبهم. طالما كان لدى الشاباك معلومات استخبارية بشأن شخص متورط في ارتكاب جناية أو تخطيطه لارتكاب جناية، وطالما كانت هذه المعلومات على المستوى المقبول من اليقين من ناحية قانونية، فإن لموظفي الجهاز صلاحيات هائلة للعمل ضده بواسطة الأدوات التي ينصّ عليها القانون فقط، وليس أكثر"، بحسب ما ورد في الالتماس؛ وأوضحت أنّ "إرسال رسائل لردع السكان والمواطنين هو نشاط هدفه، بل وجوهره، يتمثل في فرض الانضباط العام، وفرض الردع لدى المواطن من الاشتراك في نشاطات قانونية، وهو قادر حتى أن يشل أو يجمد عمل المواطن، وهو أمر يجعل هذه الوسيلة شديدة النجاعة، ومرفوضة بشدة في الوقت ذاته".
كما أشارت الجمعية في الالتماس إلى أن هذه الرسائل قد أرسلت حصرا إلى المواطنين والسكان العرب الذين تواجدوا في المسجد الأقصى ومحيطه. إذ قام جهاز الشاباك، لغرض إرسال هذه الرسائل، باختيار قائمة المستهدفين ليس فقط بحسب موقعهم الجغرافي، بل وأيضا بحسب هويتهم القومية، وبكلمات أخرى: على أساس التنميط العنصري.
وبحسب كل من المحامية غدير نقولا، والمحامي جيل جان مور من جمعية حقوق المواطن، فإنه طالما وُجدت معلومات محددة عن شخص ارتكب، أو على وشك أن يرتكب، عملًا غير قانوني، فإن جهاز الشاباك يستطيع ممارسة صلاحيات قانونية بصورة محددة اتجاه ذلك الشخص فقط، ولا يوجد لجهاز الشاباك أي صلاحية قانونية لإرسال رسائل تخويف وتهديد للمواطنين. "هذه الرسائل فيها نوع من التهديد الذي يشبه لحد كبير ويُميز طرق العمل المعروفة في عالم الإجرام. إنه تهديد غامض، لا يوضح للإنسان المستهدف بصورة واضحة كيف قام بالضبط بخرق القانون. إن غرض تخويف المواطن من التصرف بحرّيّة ليس هدفاً لائقا في ظل نظام ديمقراطي، بل هو ما يميز الأنظمة القمعية التي ترى في التخويف، والتهديد، وخرق خصوصيات المواطنين، وسيلة سيطرة على الجمهور بواسطة الترهيب.
[email protected]