في نقاش حول مرض السكري في المجتمع العربي، أقيم في إطار يوم السكري في الكنيست الذي عقد عام 2017، أشارت التقديرات إلى أنحوالي نصف مرضى السكري الذين شاركوا في بحث في 5 بلدات عربية،أفادوا أنهم لم يتلقّوا أيّة استشارة غذائية من اختصاصية تغذية فيحياتهم، وثلث منهم لم يقم بزيارة اختصاصي تغذية على الإطلاق في هذهالسنة، ونسبة غير قليلة من مرضى السكري لا يراقبون مستوى السكرلديهم لأسباب مختلفة ويعتمدون على أحاسيسهم في توقّع مستوياتالسكر مما يصعّب موازنة السكر في الدم لديهم.
هذه الحقائق المقلقة هي فقط على رأس قائمة أساليب التطرق والتعامل معمرض السكري في المجتمع العربي، والتي وفقًا للبيانات التي ذكرت فيالنقاش بالكنيست، فيما يتعلق بخطر الإصابة بمرض السكري في المجتمعالعربي وفي المجتمع اليهودي في البلاد، فإن الخطر النسبي للإصابةبمرض السكري أعلى بـ - 1.7 مرة في المجتمع العربي. ويتبيّن أن نسبةوجود مرض السكّري في المجتمع اليهودي هو 10.3% (%10.7 لدىالرجال، 9.7% لدى النساء)، مقارنة بـ 18.4% في المجتمع العربي(%18.4 لدى الرجال، 20.0% لدى النساء). ربع العرب يصابون بمرضالسكري حتّى سن الـ 57، وبالمقابل ربع اليهود يصابون بمرض السكريحتّى سن الـ 68. يبرز الخطر المتزايد للإصابة بمرض السكري في المجتمعالعربي بشكل خاص في صفوف فئة الشباب (دون سن الخمسين)، ويُفسَّرجزئيًا بالاختلافات في الوزن.
يتميز نمط الحياة في المجتمع العربي بنظام غذائي غنيّ بالسعراتالحرارية، ولكن لا يمكن تجاهل السلوك التقليدي الذي يتمثّل بعلاقات عائليةوثيقة للغاية وضرورة إعداد طعام مطبوخ في المنزل وأطباق متنوعة يوميًا،والمعتمدة على الوجبات التقليدية الغنيّة بالسعرات الحرارية والدهونالمشبعة، تلك التي في متناول جميع أفراد الأسرة- المحاشي، المقلوبة،المحمّر، الششبرك والمزيد. بالإضافة إلى ذلك، فإن معظم الوجبات تشملالخبز العربي الغني بالكربوهيدرات. هذه الأطعمة هي بالتأكيد عاملأساسي قد يرفع من مستويات السكر في الدم، ويزيد من خطر الإصابةبالسكّري في صفوف الأشخاص المعرّضين لاضطراب إفراز الإنسولين أواضطراب في عمل الإنسولين أو مقاومة الإنسولين في أجسامهم. قد يكون لهذا الوضع ثمن صحّي واجتماعي عالٍ يتمثل في زيادة ملحوظة فيمعدلات السمنة ومرض السكري في المجتمع العربي.
بصرف النظر عن الصعوبة التي ينطوي عليها تغيير النظام الغذائيالمناسب لمريض السكري العربي، هناك أيضًا صعوبة في ممارسة النشاطالبدني المنتظم لعدم توفر إتاحة لذلك، خاصةً في القرى. إضافة الى ذلك، هنالك دور للجانب الاقتصادي. يشكّل الوضع الاقتصادي- الاجتماعيالمتدنّي السائد في بعض المناطق في المجتمع العربي مشكلة جديّة حتى لوكان ذلك في اتخاذ قرار بسيط مثل الالتحاق بالنادي الرياضي، مما يتركمعظم السكان العرب بعيدين عن نمط الحياة الصحي الموصى بهومنغمسين في "نمط حياة صحي مهمل"، و"فريسة" سهلة لعادات ترتكزعلى الوجبات الرخيصة والسريعة والخالية من النشاطات الرياضيةالصحية. بالإضافة إلى ذلك، هناك صعوبة اقتصادية في المجتمع العربيفي شراء أدوية السكري، خاصةً الأدوية الجديدة غير المدرجة في سلّةالأدوية، أضف إلى ذلك، أن الكثير من المتعالجين ليس لديهم تأمين مكمّل أوتأمين شخصي، وأن عددًا ليس بقليل منهم ليسوا على علم بحقوقهم.
فيما يلي أمثلة على الاختيارات المغلوطة والطرق الصحيحةللتعامل مع مرض السكّري:
1- يحصل الكثير من المرضى على معلومات حول المرض والتعاملمعه من البيئة المحيطة، سواء أكانوا أقرباء أم من الجيران، أو من"ذوي الخبرة" بالمرض، ويعطون مصداقية وأهمية كبيرتين لهذهالمعلومات، حتى وإن اتّضح في كثير من الأحيان أنها غيرصحيحة.
يساعد تلقّي الدعم من الآخرين دائمًا في المواجهة والشعور بالراحةالنفسية، لكن يجب أن تمنح الثقة والمصداقية للطاقم المعالج، الذيتتمثل مسؤوليته في تزويد جميع المرضى بالمعلومات ذات الصلة، لكلمريض على حدة وبحسب حالته الشخصية.
2- نسبة عالية من المتعالجين لا يراقبون مستويات السكر لديهم لأسبابمختلفة ويعتمدون على أحاسيسهم في توقّع مستويات السكر مما يجعلمن الصعب موازنة السكر لديهم.
التوازن الأمثل عند مرضى السكري هو غاية مهمة، والمراقبة الذاتيةلمستويات السكر في الجسم هي جزء من عملية العلاج، وذلك لتحديد جرعةالإنسولين المطلوبة. الاعتماد على المشاعر الداخلية هو اعتماد عشوائي،والقياس باستخدام جهاز قياس السكر (الغلوكومتر) هو الاختيار الصحيحوالفعّال.
3- كما هو الحال لدى الجمهور العام وحتى بمعدل أعلى، هناك توجّه للطبّالتكميلي والعودة إلى "أدوية الجدّات" في المجتمع العربي، بحثًا عنعلاجات طبيعية لموازنة مرض السكري، وخوفًا من الآثار الجانبية للعلاجاتالمتّبعة.
قد تساعد بعض "أدوية الجدّات" أو تخفّف، لكنها بغالبيتها ليستأدوية خضعت لدراسات وأبحاث تثبت كفاءتها أو أمان استخدامها. طريقةعلمية وفعّالة مثلًا هي العلاج بالإنسولين، وطبعًا وفقًا لإرشادات الطبيبالمعالج والجرعات الدقيقة التي يوصي بها.
4- التغذية غير الصحيحة وعدم ممارسة الرياضة.
النظام الغذائي الصحّي والتمارين الرياضية تحسّن من جودة الحياة،وتساعد على موازنة مستويات السكر في الدم. ينصح بالحدّ من الأطعمةذات السعرات الحرارية العالية وممارسة الرياضة، حتى لو كان ذلك تمرينًابيتيًا قصيرًا أو ممارسة رياضي المشي لمسافة قصيرة بالقرب من المنزل.
بما أن الوضع العام في المجتمع العربي معقد ومتشعّب، فإن زيادة الوعيحول مرض السكري، وفهم العوامل المرتبطة بزيادة مخاطر الإصابة بالمرضفي المجتمع العربي، ومعرفة الطريقة الصحيحة للتعامل معه، من شأنهاتعميق الوعي للمرض وتحسين طرق التعامل معه.
[email protected]