يعيش مجتمعنا العربي كأقلية عربية اصلانية في هذه البلاد، وضعاً سياسياً اقتصادياً واجتماعياً غير اعتيادي يتأثر بعدة عوامل داخلية وخارجية ، ساهمت في تصاعد ازمتنا السياسية الاقتصادية والاجتماعية. وقد تفاقمت هذه الازمة منذ الانتفاضة الثانية واستشهاد 13 شاباً فلسطينيا برصاص قوات الشرطة. وقد تلت هذه الازمة الثورات في العالم العربي او ما يسمى " الربيع العربي " والذي ظهرت فيه أهمية دور الشباب في التأثير على كل ما يجري في بيئتهم . وقد نجمت عن هذه التحولات تداعيات كبيرة رأينا منها على سبيل المثال :حملات سياسية من خلال شبكات التواصل الاجتماعي والدعوات المختلفة للتغيير في السياسات المحلية وتوحيد الجهد البرلماني حيال تفاقم التحديات والمخاطر وتهديدات اليمين . أيضا، طالبت هذه الحملات بأهمية وجود تمثيل نسائي وشبابي في التمثيل البرلماني والمحلي.
في ظل واقعنا المركب كان لابد لنا كعرب فلسطينيين، ان نعمل على صياغات مختلفة في التعريف الذاتي لكياننا ولصيغة علاقتنا مع الدولة ومع شعبنا الفلسطيني والعالم العربي عموما. وذلك من اجل تكوين رؤية متماسكة ومتكاملة قدر الامكان تشمل تعريفنا الذاتي لأنفسنا ، وواقعنا السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي. من هنا انبثق التصور المستقبلي عام 2006-2008 لمجموعة من الباحثين والناشطين العرب اجتمعوا على صياغة رؤية تصبو لتوحيد كافة الاصوات القيادية المختلفة لبلورة رؤية استراتيجية جماعية مستقبلية .
اما فيما يخص علاقتنا مع الدولة فالوضع اشد وطأة واكثر تعقيداً .فقد بتنا نعيش في صراعين، داخلي وخارجي :الداخلي هو وضع مجتمعنا العربي الاجتماعي في ظل تفكك قيمنا ومبادئنا التي اعتمدناها سابقاً، ما تسبب بفوضى داخلية وتفشي ظاهرة العنف كناتج عن الصراع الخارجي . والخارجي ،وهو كل ما يتعلق بسياسة الدولة العنصرية تجاهنا والصراع الناتج عن تشبثنا بهويتنا القومية امام يهودية الدولة ، ناهيك عن شح الميزانيات و مشاكل التخطيط والبناء و تعاظم قوى اليمين المتطرف خاصةً بعد الحروب الأخيرة منذ 2006 فلها تبعيات سلبية واثمان باهظه ندفعها من خلال النضال من اجل الحصول على ابسط الحقوق كمواطنين.
نقف الان امام مفترق طرق تاريخي يدفعنا للعمل على تطوير وصياغة هويتنا الجماعية المدنية ومفهوم المواطنة التي لا تمس هويتنا القومية الفلسطينية بل تعززها وترجمتها لممارسات تتمحور في دوائر اتخاذ القرارات السياسية . المقصود هوية مدنية تعتمد اسس العدالة. كي ننجز في هذه المهمة التاريخية علينا بتنظيم انفسنا ومؤسساتنا مهنياً وتقديم الاجابات الرشيدة للجيل الجديد من الشباب.
لماذا سأصوت للمرة الاولى ؟!
ولدت لعائلة سياسية غير حزبية طالما قاطعت انتخابات الكنيست. وقد كانت قناعتي الشخصية على مدار السنين ان هنالك اهمية جمة في عملنا السياسي المهني الجماعي خاصةً في ظل الظروف غير الاعتيادية لواقع الأقلية فلسطينية في البلاد مع ايماني بأهمية التعددية الفكرية والحزبية .وقد كانت مسيرتي المهنية سواء في عملي في لجنة المتابعة العليا او حتى من خلال ادارتي لمجموعة التصور المستقبلي وتأسيس مركز انجاز- المركز المهني لتطوير الحكم المحلي للسلطات المحلية العربية تتمحور حول ايجاد القاسم السياسي المشترك والثوابت المشتركة والمصير المشترك. بتنا بأمس الحاجة لرسم طريقنا نحو مستقبلٍ بصياغةٍ جماعيةٍ اجتماعيةٍ وسياسيةٍ مشتركة ستكون بدايتها هذه القائمة العربية المشتركة رغم كل التحفظات في تركيبتها او اقامتها .عسى ان تشق الطريق امام الجيل الشاب وتمكينه من التأثير على السياسات الحالية .
[email protected]