معاريف/ عملية الدهس في القدس صباح يوم الجمعة تبدو كأنها جاءت من مكان غريب. فقد حدثت بعد فترة هدوء طويلة نسبيا استمرت اسابيع طويلة. لهذا حتى لو فاجأت الجمهور فانها لم تفاجيء “الشباك” والجيش الاسرائيلي. اسلوب العملية والمنفذ يتناسبان مع عمليات الدهس السابقة التي حدثت في القدس.
فقد نفذت هذه المرة ايضا من شاب لم يكن معروفا لقوات الامن وقرر بمفرده بدون تلقي التعليمات من منظمة "ارهابية" مثل حماس، أن يعمل – بما يتناسب مع تعريف “الارهاب الشعبي”.
لقد نفذ العملية، حسب زعم والدته، بسبب دخول اليهود الى المسجد الأقصى والخوف الذي يشعر به الفلسطينيون، حتى لو لم يكن صحيحا، من أنه في نية اسرائيل السيطرة على المكان.
في “الشباك” وفي قيادة المنطقة الوسطى يعرفون أن الهدوء مؤقت وهش. وليس عبثا تم في الاسبوع الماضي اجراء مناورة مفاجئة لقيادة الاركان العامة أشرف عليها رئيس الاركان الجديد شخصيا. هدف المناورة كان فحص استعداد الجيش بشكل عام وقيادة المنطقة الوسطى بشكل خاص لامكانية حدوث تدهور مفاجيء في الضفة الغربية.
ليس عبثا أنهم في “الشباك” وفي الجيش الاسرائيلي يأملون استئناف المسيرة السياسية مع السلطة الفلسطينية لاعادة الأمل رغم أنهما لا يقولان ذلك علنا، ومن قال ذلك كان رئيس الاركان التارك بني غانتس.
قررت م.ت.ف قبل بضعة ايام، بسبب التجميد، التوصية بوقف التنسيق الامني بين اجهزة الامن الفلسطينية والجيش الاسرائيلي. مع ذلك فان هذا القرار أعطى أبو مازن صلاحية تقرير الوقت المناسب. فهو أوضح أنه لن يقوم بذلك قبل الانتخابات لأنه يعرف أن خطوة كهذه ستفيد بنيامين نتنياهو واليمين.
أبو مازن أوضح أنه اذا تم انتخاب حكومة يمينية تستمر في المماطلة السياسية وسد الطريق أمام المفاوضات، فسيقوم بتنفيذ قرار م.ت.ف. اضافة الى ذلك تستطيع السلطة الفلسطينية في الشهر القادم التوجه الى محكمة الجنايات في لاهاي والبدء في الاجراءات القضائية التي تهدف الى المطالبة بتقديم اسرائيل أو شخصيات اسرائيلية للمحاكمة بسبب جرائم حرب وخرق المواثيق الدولية. كل ذلك، ليس أقل من هذه العملية أو تلك، يشكل سيفا مسلطا على اسرائيل.
كل ذلك يحدث والظروف الدولية بسبب سياسة الجمود واستمرار الاستيطان لحكومة نتنياهو، يعلون، بينيت وليبرمان هي الاصعب تجاه اسرائيل حيث لم تكن معزولة كما هي اليوم في ظل الحكومة الحالية.
الاتحاد الاوروبي أوضح منذ فترة طويلة أنه سيشدد المقاطعة على المنتوجات الاسرائيلية من المستوطنات، وستقوم برلمانات وحكومات اخرى بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وسيصوتون ضد اسرائيل في المؤسسات الدولية.
الأخطر من ذلك هو الشرخ بين نتنياهو والرئيس الامريكي وادارته الذي سيؤدي الى وضع يتوقف فيه الامريكيون عن دعم اسرائيل في مؤسسات الامم المتحدة وخصوصا في مجلس الامن.
من يعرف. اذا لم يحدث تغيير في سياسة الحكومة القادمة، لن يزداد العصيان المدني في الضفة ويتوقف التنسيق الامني الذي جلب لاسرائيل انجازات هامة ومنع الانفجار الفلسطيني في الضفة، فقط، بل سيزداد الخطر في أن تتوقف واشنطن عن الدفاع عن اسرائيل من خلال فرض الفيتو على قرارات مجلس الامن.
"معاريف"
[email protected]