توفي مهاجر كردي يبلغ من العمر 25 عامًا يوم تحقيق حلمه بالوصول إلى ألمانيا، بعدما تمكن من عبور طريق بيلاروسيا وبولندا أواخر الشهر الماضي. أعيد جثمان المهاجر باكستيار أنور إلى إقليم كردستان العراق، حيث تم دفنه.
توفي باكستيار أنور قبل ثلاثة أسابيع، بالضبط صباح يوم الثلاثاء 23 نوفمبر/ تشرين الثاني بشرق ألمانيا. كان الشاب الكردي قد عبر نهر أودر نايسه مع مجموعة تتكون من 11 مهاجراً آخر، بعدما تخطوا الغابة القريبة من مدينة من جوبن، في جنوب ولاية براندنبورغ.
صباح ذلك اليوم، اتصلت مجموعة المهاجرين بالطوارئ طلباً للمساعدة العاجلة. قالت الشرطة إنها عثرت على سبعة أشخاص عند وصول فريقها للمكان، أحد هؤلاء المهاجرين كان قد فارق الحياة حينها.
رحلة مميتة
في مخيم اللاجئين بمدينة السليمانية في إقليم كردستان العراق، وصلت الأخبار الحزينة للعائلة التي غادر ابنها المنزل في أواخر أكتوبر/تشرين الأول، متجهًا إلى بيلاروسيا وبولندا حالماً بالوصول إلى ألمانيا. انتشرت صور جثته على وسائل التواصل الاجتماعي وهو ملقى على ظهره. كان الشاب الكردستاني متجمداً عند التقاط تلك الصور القاسية.
كانت هذه محاولة باكستيار الثانية للوصول إلى أوروبا. في المرة الأولى خلال سبتمبر/أيلول الماضي، تم القبض عليه وعاد لبيته. بعد شهر، اضطر لدفع حوالي 7000 يورو للمهرب من أجل محاولة الوصول إلى ألمانيا مرة أخرى.
يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني، أي خلال محاولته الثانية، أرسل باكستيار مقطع فيديو من مينسك إلى رانج بجداري، وهو صحفي وناشط كردي. يُظهر الفيديو عددًا كبيرًا من المهاجرين المتجمعين وسط العاصمة البيلاروسية. ويوضح باكستيار خلال لقطات الفيديو أن مجموعة منهم تخطط للتوجه إلى الحدود البولندية مرة أخرى، كان الشاب الكردي حينها يبدو بصحة جيدة.
عندما جدد باكستيار تواصله بالصحفي بعد وصوله للحدود، أخبره أن السلطات البولندية تحاول إجبارهم على العودة. رغم الحزن الذي يبدو في عينيه، كان المهاجر الشاب مصممًا على الاستمرار في محاولة الوصول إلى ألمانيا. بعد ذلك أكد الصحفي رانج بجداري لمهاجر نيوز، أنه لم يتلق من باكستيار أي جديد يذكر.
لقطة شاشة لمهاجرين على الحدود من موقع فيسبوك
حياة صعبة
قضى باكستيار حياته كلاجئ، كان يائسًا ويرغب في الهروب من الفقر واليأس في مخيم اللاجئين حيث كان يعيش هو وأسرته. في تصريح لابن عمه موسى لقناة روداو الإخبارية الكردية، أكد الأخير أن ابن عمه المتوفى "كان يحلم بدراسة علوم الحاسوب".
عائلة الشاب الكردي المتوفى كانت قد فرت من إيران خلال الثورة الإيرانية عام 1979، وانتهى بها المطاف في مخيم بالقرب من مدينة السليمانية. بعد عامين، تم نقلهم إلى مخيم الطاش للاجئين الأكراد الإيرانيين بالقرب من الرمادي وسط العراق حيث ولد باكستيار.
بعد الإطاحة بصدام حسين من السلطة في عام 2005، كان باكستيار يبلغ من العمر حوالي تسع سنوات، عادت الأسرة إلى إقليم كردستان واستقرت في مخيم بريكة، الذي يضم 700 أسرة، وفقًا لتقرير قناة روداو.
الموت على الحدود الأوروبية
كانت نسبة الأكراد العراقيين كبيرة في مجموع الأشخاص الذين سافروا إلى بيلاروسيا في الأشهر الأخيرة على أمل الوصول إلى أوروبا الغربية. وكان عددهم كبيراً نسبياً ضمن ما مجموعه 12 مهاجراً على الأقل لقوا حتفهم منذ أغسطس/ آب على الحدود بين بيلاروسيا ودول الاتحاد الأوروبي، مثل بولندا وليتوانيا ولاتفيا.
بسبب تركيز وسائل الإعلام على الحدود الخارجية، لم تسلط الأضواء بشكل كاف على حالات الوفيات في صفوف المهاجرين داخل الاتحاد الأوروبي. باكستيار ليس الشخص الوحيد الذي مات على الحدود البولندية الألمانية، فخلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تم العثور على جثة رجل عراقي في شاحنة عبرت الحدود من بولندا إلى ولاية ساكسونيا. قالت الشرطة إن حوالي 30 شخصًا نزلوا من تلك الشاحنة.
لا تعرف السلطات الألمانية سبب وفاة باكستيار، ولم يتمكن تشريح الجثة من تحديد سبب الوفاة وفقًا لمكتب المدعي العام في فرانكفورت أودر. تم الاحتفاظ بالعينات الباثولوجية في ألمانيا لإجراء مزيد من الفحوصات. كما قال المدعي العام إنه لم يتم العثور على الأشخاص الستة الذين كانوا مع باكستيار لتقديم إفادتهم حول وفاته.
في مخيم بريكة بإقليم كردستان، تسبب موت باكستيار في حزن شديد لعائلته. قال أراس محمد، أحد أصدقاء باكستيار المقربين، في تصريح لقناة روداو "منذ سماعنا بالخبر المأساوي، كان جميع الشباب في المخيم في حالة حداد". وقال أيضا "الناس أصيبوا بصدمة وحزن شديد لوفاته، ارتدى كل من في المخيم ملابس سوداء. باكستيار كان شابا محبوباً في مخيمنا".
ماريون ماكغريغور/ ترجمة: م.ب
[email protected]