تتزايد الضغوط الدولية على لبنان لتشكيل الحكومة. فمؤتمر باريس المقرر غدا، بمشاركة دولية واسعة، يضع حملا ثقيلا على المسؤولين عن إتمام التشكيلة الحكومية، بعد عام من تصريف الأعمال.
مؤتمر هو الثالث من نوعه لفرنسا دعما للبنان، لكنه هذه المرة مدفوعا بتدهور حاد في الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
يقول السياسي اللبناني خلدون الشريف في تصريح خاص لـRT، إن "مؤتمر باريس سيشكل ضغطا على كل الطبقة السياسية في لبنان للقيام بواجبها في تأليف الحكومة لتحمل مسؤولية ولملمة الوضع في لبنان بانتظار الانتخابات".
كلام يتقاطع مع بيان مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، الذي نشرته السفارة اللبنانية في بيروت اليوم الثلاثاء، والذي دعت فيه "القادة اللبنانيين إلى أن يبادروا دون تأخير إلى تقديم الدعم لتشكيل حكومة ذات صلاحيات تمكنها من تطبيق إصلاحات مجدية".
يقول الشريف إن "التدخلات الخارجية تنصب على ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة، والحث الدولي على إنجاز هذه المهمة جاء من الغرب والشرق، حيث بدأ بفرنسا فالولايات المتحدة وأوروبا وصولا إلى روسيا التي شددت خارجيتها على دعم الإسراع بتشكيل حكومة كفوءة تدعمها أبرز القوى السياسية والمذهبية اللبنانية، ومن هنا فإن الموقف الدولي الضاغط من أجل الإسراع بتشكيل الحكومة سيتوسع بعد مؤتمر باريس".
وكان لافتا أن دولا خليجية هي السعودية والإمارات وقطر ستشارك غدا في المؤتمر الذي يعقد عبر الفيديو، وفق إعلام سعودي، بعد مدة من الفتور في العلاقات مع لبنان، كما سيشارك إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ممثلون عن قرابة 40 دولة ومنظمة دولية، أبرزهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وملك الأردن عبدالله الثاني، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، ورئيس الحكومة اليونانية، إضافة إلى وزير خارجية كل من ألمانيا والنمسا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا وهولندا وبلجيكا وكرواتيا وفنلندا، وصندوق النقد الدولي، ومن المقرر أن يجمع المؤتمر 350 مليون دولار كمساعدات عاجلة للبنان.
وهنا، يشير الشريف إلى "اتصال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برئيس الحكومة المكلف في لبنان نجيب ميقاتي، كاشفا أن علاقة شخصية تجمع الرجلين منذ أن تولى ميقاتي سابقا، وهو رجل أعمال أيضا، حكومتين في لبنان".
ويلفت الشريف إلى أن "تركيا ليست حاضرة على الساحة اللبنانية، لكن اتصال أردوغان بميقاتي بهذا التوقيت والدفع في اتجاه تشكيل الحكومة يأتي في إطار محاولة تركيا الدخول إلى هذه الساحة، ولمواكبة الاتصالات الدولية قبيل مؤتمر باريس، كما يأتي وسط تهيب من الأحداث التي ينتظرها لبنان حيث جرت دعوات إلى تظاهرات غدا تزامنا مع المؤتمر".
ورغم انسداد الأفق، والأجواء السلبية المخيمة على مساعي تأليف الحكومة، يرى الشريف أن "الفرصة لا تزال سانحة لإنجاز التشكيلة الحكومية، لأن مقاربة ميقاتي تختلف عن مقاربة سلفه سعد الحريري، فميقاتي يهمه تأليف الحكومة أكثر من شكلها"، وهو ما يتوافق مع الرؤية الدولية للملف اللبناني.
ويؤكد الشريف أن "الرئيس اللبناني ميشال عون، لن يستطيع رفض مقاربة ميقاتي بالمطلق، بل سيحاول تغيير الوضع لكن وقته قصير، فإذا لم تتألف الحكومة خلال فترة وجيزة سنذهب إلى الانهيار الكبير، وبالتالي فإن على من أوصل البلاد إلى ما هي عليه اليوم، أن يرفع البلاء عنها وإلا سيطاله البلاء أيضا".
وبالحديث عن التنازلات التي ستسهل تشكيل الحكومة، يقول الشريف إن "الحديث اليوم عن تولي السنة حقيبة العدل أو الداخلية، أو تولي المسيحيين للحقيبتين المذكورتين، مقاربة غير صالحة، فعوض الغرق بتوزيع الوزارات، الأجدى بالمسؤولين عن التأليف النظر إلى اللبنانيين الذين يريدون الدواء والماء والكهرباء وأدنى مقومات الحياة".
[email protected]