من كتابة مروان العبد، إخراج ايلي سمير معلوف، بطولة باسم مغنية، كارول الحاج، فادي ابرهيم وآخرين، تتتابع حلقات مسلسل "ياسمينا" على شاشة "ال بي سي" وسط إصرار على تعقيد الحبكة بما يؤمن فرصة اجتذاب المشاهدين، لكن ثمة عقبة جوهرية تحول دون ذلك مردها سطحية العقدة التي يتمحور حولها السياق الدرامي. لا بد من سرد مختصر لتوضيح الموقف: ياسمينا (كارول الحاج) فتاة تنكرت لها الحياة منذ إطلالتها الأولى على مساراتها المتعرجة. توفت والدتها عند ولادتها، وتشرد والدها مطارداً من الجيش العثماني الذي كان يلقي بظله الثقيل على الناس في جبل لبنان آواخر القرن التاسع عشر. قبل رحيله صوب المجهول وضع ابرهيم، والد ياسمينا، ابنته الرضيعة في عهدة سيدة متواضعة الحال، اسمها نسب (هيام ابو شديد)، التقاها مصادفة. كانت نسب فقيرة لكن ثراء مشاعرها الإنسانية لم يكن موضع جدال. تربت ياسمينا في كنف هذه المرأة، وحظيت من التربية والتعليم ما يتخطى نصيب ابنة لقيطة.
كانت الحياة قد بدأت بتصحيح مسارها معها عندما صادفت ياسمينا التي أطلقت عليها اسم سلوى. مفارقتان ساهمتا في تعكير صفو العيش، تمثلت الأولى في عثورها على جندي جريح هارب من الحرب، عملت على تطبيبه وتضميد جروحه مستعينة بطبيب بيطري (نعمة بدوي). غادر الجندي القبو الذي استضافته فيه ياسمينا من دون أن يتعرف عليها، أو على نسب، وفي الموقف ما يحيل إلى افتعال هادف إلى تصنيع حبكة درامية غير مستوفية لشروط الإقناع، أما المفارقة الثانية فتتمحور حول رسالة من الوالد المجهول الذي يخبر ياسمينا باسمها الحقيقي، ويطلب منها انتظار عودته من الحرب في قصر أحد الباشاوات. تستجيب ياسمينا لنداء الأب الذي لم تعرفه، وتتخلى ببساطة مدهشة عن نسب التي احتضنتها في أسوأ مراحل حياتها، وقدمت لها ما حرمتها إياه الحياة من دفء المنزل العائلي، وحنان الأم، إضافة إلى رعاية الأب. كان عليها أن تذهب سريعاً الى قصر نديم باشا (نقولا دانيال) حيث ستبلغ العقدة الدرامية مداها المنشود لنكون أمام بعض الحقائق الصادمة: الجندي الجريح الذي اهتمت به ياسمينا هو نادر باشا (باسم مغنية) ابن صاحب القصر، أما المفارقة الثانية فتتمثل في أن نديم باشا هو شقيق والد ياسمينا وثمة خصومات على الإرث بين الشقيقين. كان لا بد لياسمينا من أن ترث عدائية زوجة عمها السيدة كريمة (رندا أسمر) لوالدها، وأن تعاني جراء ذلك الكثير من الصعوبات. من هذا التناقض العاطفي سيستمد المسلسل في حلقات شتى الكثير من تفاصيله، وسيتسنى عبره لياسمينا أن تعقد هدنة مع الحظ الذي تنكر لها منذ ولادتها، فيكون بوسعها تسجيل الكثير من الانتصارات الجزئية على كريمة التي تكيد لها، وذلك رغم الفارق الهائل في الإمكانات بين سيدة القصر المتسلطة، والخادمة المجهولة النسب التي تجد نفسها لاجئة في أرجائه الشاسعة. ثمة منعطف في السيناريو، يمكن اعتباره مصدر ايحاء، يستند إلى صراع الشقيقين نادر وسامر باشا على الفوز بقلب الحسناء الوافدة.
يسجل للعمل رحابة مادته التصويرية، والحضور الجيد لبعض الممثلين الذين أدوا أدوراهم ببساطة يصعب إغفالها، وفي ذلك بعض من لغز الإبتكار الدرامي، لكن الثغرة التي عجز المسلسل عن تجاوزها تتمثل في افتقاد حبكته الدرامية مقومات الإقناع، واستسهالها اختراع مسوغات الحدث، إذ كان يكفي ياسمينا أن تقرر الإحتفاظ باسم سلوى الذي منحتها إياه مربيتها نسب، وصم أذنيها عن تعليمات والد لم تعرفه، ليتوقف "ياسمينا" لحظة انطلاقه.
[email protected]