يدخل اضراب السلطات المحلية العربية اليوم يومه الخامس بعد ان كانت اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية قد اعلنت عن اضراب مفتوح بالسلطات المحلية بدءًا من الثلاثاء الأخير، احتجاجًا على تنكّر وزارتي المالية والداخلية لاحتياجات البلدات العربية في ظل ازمة الكورونا، وعلى التمييز والتهميش المتواصلين ضد بلداتنا. ورغم الجلسات التي عقدت حتى الآن مع ممثلي المالية، إلا ان مسؤولي المالية لم يتجاوبوا بعد مع المطالب العادلة التي يطرحها الرؤساء.
وكان العشرات من رؤساء وأعضاء السلطات المحلية قد شاركوا بتظاهرة بادرت اليها اللجنة القطرية يوم الاثنين الأخير امام وزارة المالية، حيث تميّزت التظاهرة بمشاركة واسعة لرؤساء السلطات المحلية العربية، من الجليل والمثلث والنقب، وذلك في مشهد وحدوي عكس اصرار الرؤساء على تحصيل حقوق بلداتنا العربية وعلى رفض الضائقة الخانقة للسلطات المحلية. تظاهرنا معًا أمام المكاتب الحكومية لإطلاق صرخة المجتمع العربي في البلاد رفضًا لسياسات التمييز والإقصاء والتهميش.
إلى جانب معالجة ومتابعة القضايا الصحيّة الشائكة التي احدثتها أزمة الكورونا والعمل على منع انتشار وتفاقم المرض في بلدة وبلدة، تتحمل السلطات المحلية العربية بهذه الايام اعباء تزويد الخدمات الاجتماعية والنفسية والتربوية ودعم العائلات المحتاجة، بالإضافة الى جمع النفايات وتقديم الخدمات اليومية والتطويرية لجمهور المواطنين. وبينما تحتاج سلطاتنا المحلية بطبيعة الحال إلى ميزانيات إضافية للقيام بكل الأعباء الملقاة على عاتقها، تشهد هذه الفترة الحرجة تراجعًا كبيرًا بنسبة جباية الارنونا بسبب المعاناة الاقتصادية الكبيرة في ظل أزمة الكورونا، حيث يُقدّر حجم مدخولات الارنونا التي فقدتها السلطات المحلية العربية بسبب هذه الازمة الاقتصادية حوالي 70 مليون بالشهر الواحد.
والحقيقة هي ان السلطات المحلية العربية دخلت أصلًا هذه الازمة بوضعية اقتصادية صعبة جرّاء التمييز التاريخي ضدها بتخصيص الميزانيات والموارد الحكومية، بالإضافة الى السياسات الحكومية بمصادرة أراضي بلداتنا العربية ونهب خيراتها وحرمانها من التخطيط العادل ومن مناطق صناعية تضمن دخلًا ذاتيًا من الضرائب المحلية. وبحسب المعطيات الرسمية، فان بلداتنا العربية تقع في أسفل التدريج الاجتماعي-اقتصادي مقارنة بباقي البلدات، وتعاني من مستويات عالية للفقر ومن احتياجات اجتماعية كبيرة، أكبر بكثير من نسبتنا العامة بين السكان.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، فمن مجمل المناطق الصناعية في البلاد، فان 2% منها فقط تقع ضمن نفوذ البلدات العربية، مما يعكس حالة التمييز الصارخة في احد أهم المركبات في تطوير عمل السلطات المحلية وزيادة مدخولاتها. وبينما تشكل مدخولات السلطات المحلية اليهودية من المحلات التجارية والمناطق الصناعية 70% من مجمل مدخولات الضرائب المحلية، فهذه المدخولات تشكل ما نسبته 20% فقط في السلطات المحلية العربية. اما فيما يتعلق بالارنونا من مباني المؤسسات الحكومية فان اقل من 1% من مدفوعات هذه الضريبة الحكومية هي للسلطات المحلية العربية.
في ظل هذا الواقع، وبدلًا من أن تسعى الحكومة، ووزارتا الداخلية والمالية تحديدًا، لدعم السلطات المحلية العربية وتعويضها عن الخسائر الكبيرة الّتي طالتها جرّاء أزمة الكورونا، تقوم الحكومة بتعميق التمييز صد السلطات المحلية العربية من خلال تخصيص ميزانيات ضئيلة وهامشية من مجمل الميزانيات الّتي تم تخصيصها للسلطات المحلية في البلاد والّتي وصلت الى حدود ثلاثة مليارات. فحسب المعطيات الّتي نشرها مركز الأبحاث للكنيست بعد توجهي اليه بالموضوع، يظهر بوضوح أن السلطات المحلية العربية حصلت على 57 مليون فقط من مجمل هذه الميزانيات والموارد، وهو ما نسبته 2.3 % فقط من مجمل ميزانيات المساعدة الّتي تم تحويلها لكافة السلطات المحلية في البلاد. هذا المبلغ، الّذي يحصل عليه مليون وربع مواطن عربي، يعادل ما تحصل عليه مدينة إيلات لوحدها، والّتي يعيش فيها حوالي الخمسين الف مواطن فقط! هكذا تؤدي كورونا التمييز الى استحالة مواجهة أزمة الكورونا في بلداتنا العربية وتهدّد بانهيار السلطات المحلية فيها.
نقف كتفًا الى كتف الى جانب قيادة السلطات المحلية العربية في نضالها، وهو نضالنا جميعًا وبإسم كل اهالينا ومجتمعنا. مطالبنا عادلة: على الحكومة تخصيص الموارد الفورية لتعويض السلطات المحلية العربية عن الخسائر الّتي طالتها في الفترة الأخيرة وتمكينها من الاستمرار بالقيام بمهامها الحيوية. لكن على الحكومة أيضًا تغيير سياساتها التمييزية ضدنا وتبني سياسات التفضيل المصحّح في توزيعة كافة الميزانيات والموارد وفي توسيع مناطق النفوذ وضمان التخطيط العادل. على الحكومة تعديل معادلة هبات الموازنة الممنوحة للسلطات المحلية العربية من أجل انصافها والغاء الغبن التاريخي ضدها مقارنة بالسلطات المحلية اليهودية، وتخصيص المناطق العمرانية والسكنية، الى جانب المناطق الصناعية المطلوبة في البلدات العربية من أجل ضمان تطورها واعتمادها على المدخولات الذاتية.
لن نرضى واقع التمييز والإقصاء، وسنواصل العمل والنضال بشكل جماعي كأقلية قومية موحدة، من خلال لجنة المتابعة العليا واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية والقائمة المشتركة، من أجل مواجهة التمييز والمظالم التاريخية بحق بلداتنا العربية والسلطات المحلية فيها، ومن أجل مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة.
[email protected]