يعد العجز الجنسي من الاضطرابات المسكوت عنها في كثير من الحالات، على الرغم من خطورة التأثير الناتج عنها، ليس فقط على العلاقة الحميمة لدى المرأة، وإنما يمتد هذا التأثير في معظم الحالات؛ لينهي العلاقة الزوجية إما بالطلاق، وإما بالزواج الثاني للزوج.
وفي دراسة قام بها فريق من المختصين في مجال الصحة الجنسية، بجامعة فانكوفر بكندا، وجدت هذه الدراسة أن أكثر من 65% من النساء اللاتي يعانين من مشكلة الحصول على الإثارة أثناء العلاقة الحميمة، يعانين من اضطرابات في الاستجابة للمؤثرات الجنسية المحفزة من قبل الشريك، ثم وجد أن معظم الحالات وبنسبة مرتفعة تصل إلى 78% من جميع الحالات استجابت بصورة أفضل؛ بعد تعرضهن لبرنامج تغيير محفز الإثارة بمشاركة الزوج.
الحالة:
السيدة «إيمان. ص» تقول إنها متزوجة منذ 4 سنوات، وتبلغ من العمر 37 عاماً، وسبق لها الزواج في عمر مبكر، (كان عمرها 16 عاماً)، ولم يستمر الزواج أكثر من سنة، وتم الطلاق بناء على الخلافات الأسرية الشديدة مع أهل الزوج، وهي ليس لديها أطفال. بدأت المشكلة عندما لاحظت أنها لا تستطيع أن تحصل على الإثارة أثناء العلاقة الحميمة، على الرغم من أنها تشعر بالرغبة، إلا أنها لا يحدث معها أي (ترطيب) في المنطقة الحميمة، الأمر الذي يسبب لها الكثير من الإزعاج وأيضاً الألم؛ نتيجة الاحتكاك، وتقول إنها سمعت من إحدى الصديقات أن هناك دواء يمكن أن يساعدها على التغلب على هذه المشكلة، وبالفعل قامت بتجربته، إلا أنها لم تستطع تحمّل الآثار السلبية، خاصة الصداع، وعلى الرغم من ذلك لم تلحظ أي تحسن عليه، فتوقفت عن استخدامه، وبدأت تشعر بالضيق والحرج كلما سألها الزوج عن السبب في عدم التجاوب معه، وتقول إنها خافت من أن تصارحه؛ حتى لا يتهمها بالبرود الجنسي، مع العلم أنها تشعر بالرغبة، وتستعد لها أحسن استعداد، إلا أنها لا تتمكن من الحصول على الإثارة، وتضيف أنها أحياناً تلجأ إلى الممارسة الذاتية؛ لترى مدى القدرة الخاصة لديها، وتستغرب أن الأمر يكون طبيعياً تماماً، أما مع الزوج فلم تتمكن من الحصول على درجة الإثارة نفسها أو التجاوب، وهو ما جعلها تطلب المساعدة للعلاج؛ حتى لا تفقد زوجها، خاصة أنها لم تعرف معنى العلاقة الحميمة في زواجها الأول، كونها كانت صغيرة في العمر، وكان لديها الكثير من المشكلات الاجتماعية، وهي حريصة على سعادة الزوج، وترغب في الاستمتاع معه بالحياة الزوجية.
الإجابة:
أختي السائلة، ما تعانين منه يعتبر من الاضطرابات الجنسية غير المعروفة لدى الكثير من النساء، على الرغم من وجود الكثير من الحالات والتي يتم تشخيصها خطأ على أنها حالات «البرود الجنسي»، وهو مصطلح غير دقيق، فهذه الحالة تختلف عن حالات فقدان الرغبة الجنسية، والتي تعد أحد أكثر الأعراض ظهوراً؛ نتيجة الإصابة إما بأمراض نفسية؛ مثل مرض الاكتئاب، أو بأمراض أخرى عديدة؛ مثل اضطرابات الغدة الدرقية ونحوها، ومن المهم هنا توضيح بعض الحقائق المتعلقة بهذا النوع من الاضطرابات لدى المرأة.
أولاً: يجب الحصول على التشخيص الصحيح لهذه الحالة، وعن طريق أخذ التاريخ المرضي للحالة بدقة، ودون أي خجل من قبل المريضة، ونجد في هذه الحالات أن المرأة تكون لديها الرغبة، وأيضاً تحدث لها الإثارة أثناء الممارسة الذاتية، في حين لا يحدث ذلك مع الزوج أثناء الجماع، وضرورة الحصول على هذه المعلومات تأتي للتأكد من عدم إصابة المرأة بأي من الأمراض الجنسية الأخرى؛ مثل فقدان الرغبة، والذي يحدث في حالات الاكتئاب، حيث يختلف العلاج تماماً.
ثانياً: كما ذكرت في المقدمة، يلجأ بعض الأطباء إلى وصف الأدوية المحفزة للرجال ويعطونها للنساء، وقد بيّنت الأبحاث أن مثل هذه الأدوية تفيد في حالات محددة ومحدودة؛ لعلاج اضطراب عدم القدرة على الإثارة، ولكن يجب أن تكون تحت الإشراف الطبي، وبعد الوصول إلى التشخيص الصحيح.
ثالثاً: من الأسباب المؤدية إلى حدوث مثل هذه الاضطرابات ما يتعلق بالاضطراب في العلاقة الزوجية بشكل أو بآخر، وهنا يكون العلاج مرتكزاً على التعامل مع السبب الرئيس للمشكلة، وليس إعطاء الأدوية المذكورة.
رابعاً: هناك بعض العوامل الجوهرية المرتبطة بالأحداث التي تتعرض لها الطفلة أثناء فترة الطفولة أو المراهقة وتسبب حدوث مثل هذه الاضطرابات، وخاصة ما يتعلق بالتحرش الجنسي، أو التجارب الجنسية غير السوية، ما يجعل الشخص غير قادر على الممارسة الطبيعية بعد الزواج، وهنا تأتي أهمية التثقيف الجنسي، وأيضاً أهمية وضع قوانين حماية الأطفال من التحرشات الجنسية، وتطبيق هذه القوانين بدقة وصرامة، مع معالجة الحالات المعنية بأسرع وقت ممكن.
خامساً: من الأساليب المفيدة في مثل هذه الحالات، التدرب على (برنامج العلاج النفسي لتحفيز الإثارة) ويمكن للزوج المشاركة في هذا البرنامج؛ والذي يعتمد على زيادة فترة المداعبة، وتهيئة المنطقة الحميمة عند الزوجة ببعض الطرق الخاصة؛ حتى تحدث الإثارة.
سادساً: أظهرت الدراسة نفسها السابقة أن أحد أسباب حدوث المشكلة ناتج عن «كثرة متابعة الأفلام الإباحية»، ما يؤثر سلباً على نظرة المرأة لجسدها وتقييم قدراتها، وبالتالي يؤثر في قدرتها على الإثارة.
نصيحة:
العلاقة الحميمة قد يشوبها بعض الأعراض السلبية؛ نتيجة عدم التشخيص السليم للحالة، التي قد تعاني منها المرأة، ويعتبر العلاج الأفضل هو مشاركة الزوجين في البرنامج الخاص، ويهدف لتحسين القدرة على الأداء الحميم بينهما، مع الانتباه إلى عدم استخدام أي محفزات جنسية من دون استشارة طبيب مختص في هذا المجال.
[email protected]